السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
والصلاه والسلام على المبعوث رحمه للعالمين
أهداف سور القرأن الكريم ( سورة يوسف )
هدف السورة: الثقة بتدبير الله (إصبر ولا تيأس)
سورة يوسف هي إحدى السور المكية التي تناولت قصص
الأنبياء باسهاب وإطناب دلالة على إعجاز القرآن في المجمل
والمفصّل وفي الإيجاز والإطناب (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي
الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ
وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) آية 111 .
وقد أفردت الحديث عن قصة نبي الله يوسف بن يعقوب وما لاقاه
من أنواع البلاء ومن ضروب المحن والشدائد من إخوته والآخرين
في بيت عزيز مصر والسجن وفي تآمر النسوة حتى نجّاه الله تعالى.
والمقصود بهذه السورة التسرية عن النبي بعدما مرّ به من أذى ومن
محن في عام الحزن وما لاقاه من أذى القريب والبعيد فأراد الله
تعالى أن يقص عليه قصة أخيه يوسف وما لاقاه هو في حياته وكيف
أن الله تعالى فرّج عنه في النهاية لأنه وثق بتدبير الله تعالى ولم ييأس
لا هو ولا أبوه يعقوب.
ونلاحظ أن سورة يوسف تناولت قصة يوسف الإنسان وليس
يوسف النبي إنما جاء ذكره كنبي في سورة غافر لذا فقصته
في سورة يوسف لها ملامح إنسانية تنطبق على يوسف وقد
نتطبق على أي من البشر. وقصة يوسف تمثل قصة نجاح
في الدنيا (أصبح عزيز مصر) وقصة نجاح في الآخرة أيضاً
(وقوفه أمام إغراءات امرأة العزيز رغم كل الظروف المحيطة
به خوفاً من الله عزّ وجلّ).
وقد اشتملت قصة يوسف على كل عناصر القصة الأدبية وقد
واشتملت على الكثير من المشاهد التصويرية بحيث تجعل
القارئ يرى فعلا ما حدث وكأنه ماثل أمام ناظريه. وللسورة
أسلوب فذ فريد في ألفاظها وتعبيرها وأدائها وفي قصصها الممتع
اللطيف وتسري مع النفس سريان الدم في العروق وجريان
الروح في الجسد ومع أن السور المكية تحمل في الغالب طابع
الإنذار والتهديد إلا أن سورة يوسف اختلفت عن هذا الأسلوب
فجاءت ندّية في أسلوب ممتع رقيق يحمل جو الأنس
والرحمة وقد قال عطاء: "لا يسمع سورة يوسف محزون إلا استراح إليها" وقال خالد بن معدان: "سورة يوسف ومريم مما يتفكّه به أهل
الجنة في الجنة". ولقد ابتدأت السورة بحلم (إِذْ قَالَ يُوسُفُ
لِأَبِيهِ يَا أَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ
رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ) آية 4
وانتهت بتفسير الحلم (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ
سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَـذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ
جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا) آية .100
وتسير أحداث القصة بشكل مدهش فالأصل أن يكون محبة
الأب لابنه شيء جميل لكن مع يوسف تحول هذا الحب
لأن جعله إخوته في البئر، ثم إن الوجود في البئر أمر سيء
لكن الله تعالى ينجي يوسف بأن التقطه بعض السيّارة ثم
كونه في بيت عزيز مصر كان من المفروض أن يكون أمراً حسناً
لولا ما همّت به امرأة العزيز، ثم السجن يبدو سيئاً لكن الله
تعالى ينجيه منه ويجعله على خزائن الأرض ثم يصبح عزيز مصر
وكأن الرسم البياني للسورة يسير على النحو التالي:
بيت الأب البئر قصر العزيز
السجن
عزيز مصر
وقد أسهبت السورة في ذكر صبر يوسف على محنته بدءاً من
حسد إخوته له وكيدهم ثم رميه في الجبّ ومحنة تعلق إمرأة العزيز
به ومراودته عن نفسه ثم محنة السجن بعد الرغد الذي عاشه في
بيت العزيز ولمّا صبر على الأذى في سبيل العقيدة وصبر على الضر
والبلاء نقله الله تعالى من السجن إلى القصر وجعله عزيز مصر
وملّكه خزائن الأرض وجعله السيد المطاع والعزيز المكرم .
وهكذا يفعل الله تعالى بأوليائه ومن يصبر على البلاء فلا بد لرسول الله
أن يقتدي بمن سبقه من المرسلين ويوطّد نفسه على تحمل
البلاء (فاصبر كما صبر أولي العزم من الرسل).
وكأنما قصة يوسف مشابهة نوعاً ما لما حصل مع الرسول
فيوسف لاقى الأذى من إخوته والرسول لاقاه من أقرب
الناس إليه من أقاربه وعشيرته ويوسف هاجر من بلده إلى
مصر وفيها أكرمه الله بجعله عزيز مصر وفي هذا إشارة للنبي
أنه بهجرته إلى المدينة سيكون له النصرة والمنعة ويحقق الله تعالى
له النصر على من آذوه وأخرجوه من مكة. وقد تحدثت الآيات
كثيراً عن عدم اليأس في سورة يوسف فالأمل والصبر موجودان
دائماً للمؤمن مهما بلغت به المحن والبلايا (يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ
مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن
رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) آية 87 وآية 110
(حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا
فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ).
ولننظر إلى قمة التواضع عند يوسف u فبعد كل ما أعطاه
الله تعالى إياه من ملك مصر وجمعه بإهله جميعاً ماذا طلب
من ربه بعد هذا كله؟ قال: (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ
وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ
أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنُيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) آية 101، فيا لتواضعه .
إضافه
=======
ولقد سمعت البارحة شرح جميل لقصة نبي الله يوسف عليه السلام
لفضيلة الشيخ كشك رحمة الله فقال .. عندما سأل يوسف
أبيه يا أبتي لماذا بكيت علي حتى إبيضت عيناك من الحزن ! وأنت
تعلم بأمر ربي أنني إن لم ألقاك في الدنيا إلتقيتك في الأخرة ؟ ..
فأجابه عليه السلام يعلم الله أنني لم أكن أبكي عليك من
ألم الفراق ولكني خشيت عليك أن تغير دين الإسلام فلا
أجتمع معك في الأخرة ! أو كما قيل !! حكم عظيمة
نتعلمها من سرد قصص الأنبياء في كتاب الله الحكيم. والله أعلم
منقول للأفادة
مواقع النشر (المفضلة)