بسم الله الرحمن الرحيم
الترهيب من أن يجلس الإنسان مجلساً لا يذكر الله فيه
وما أكثر مجالسنا ولقاءاتنا وولائمنا ونزهاتنا. هذه اللقاءات سواء كانت مع الأهل أو الأصدقاء أو زملاء العمل تتخللها أحاديث إما أن تبعدنا عن الله عز وجل أو تقربنا منه. والمؤمن عندما يعد كلامه جزء من عمله ينجو ويسعد.
عن أبي هريرة عن النبي قال:
"ما جلسَ قومٌ مجلساً لم يذكروا اللهَ فيهِ ولم يُصلوا على نبيهِمْ إلا كانَ عليهم تِرَةٌ فإن شاءَ عذبهمْ وإن شاءَ غفرَ لهمْ"
[رواه أبو داوود والترمذي والحديث حسن صحيح]
(التِرة: هي النقص والخسارة أو التبعة والمسؤولية)
ليس المُراد بالذكر هنا أن نمسك بالسبحة في مجلسنا ونردد "الله الله" أو نقول "اللهم صلِ على النبي".
فإذا كان المرء في مجلس تجاري على سبيل المثال فليرى هل طبق أوامر الله في تجارته؟ هل ذكر ما يرضي الله في التجارة نفسها؟ هل نوى من هذه التجارة خدمة الناس والمسلمين؟ هل قال لو أكرمني الله في هذه الصفقة لأساهم في بناء مستشفى أو ميتم أو مسجد أو مدرسة؟
إن ذكر الله واسع جداً فأية كلمة تقرب الإنسان من الله هي ذكر لله: إسداء نصيحة، أو أمر بمعروف، أو نهي عن منكر، أو ذكر آية مع تفسيرها، أو ذكر حديث مع شرحه، أو حكم فقهي، أو ذكر رحمة الله وعدالته وعظمته، أو ذكر نبيه وخلقه الكريم وشمائله وأعماله وسنته. أية معلومة تقرب من الله هي ذكر لله، وأي معلومة تبعد عنه هي لهو وانحراف. أي لمجرد أن يمضي الإنسان وقته في كلام لا طائل منه ولا نفع، حتى ولو لم يغتب أحد أو يستهزئ بأحد أو يحتقر أحد أو يرتكب أي نوع من المعصية باللسان، فقد خسر. لأن الإنسان أيامه معدودة وساعاته معدودة وما هو إلا بضعة أيام فلا يمضيها بلا طائل وبكلام لاينفع ولا يستهلكها استهلاكاً رخيصاً. يُروَى أن النبي عليه الصلاة والسلام رأى مرة رجلاً وقد تحلق الناس حوله فسأل سؤال العارف "من هذا؟" قالوا "هذا نسابة". قال "ما نسابة؟" قالوا "يعرف أنساب العرب". فقال عليه الصلاة والسلام: "ذلك علم لا ينفع من تعلمه ولا يضر من جهل به". أي أن على الإنسان أن ينتقي من العلم ما يُفيد ومن الأصدقاء من يزيده قرباً من الله.
وقال عليه الصلاة والسلام:
"ما منْ قومٍ يقومونَ منْ مجلسٍ لا يذكرونَ اللهَ فيهِ إلا قاموا عنْ
أنتَنِ منْ جيفةِ حِمار"
فما من رائحة أشد على النفس من رائحة دابة متفسخة. ولقد شُبِهَ المجلس الذي يكون فيه غيبة ونميمة وتفاخر وتباهي وحديث فارغ عن النساء والرحلات والبذخ بأنه ينتهي وينفض ويترك وراءه رائحة كأنها رائحة دابة منتنة. وبالمقابل فإن أي مجلس يتم الحديث فيه عن الله ورسول الله وأصحاب رسول الله نجد فيه تألق وسمو وتآلف لأن الحديث عن الله عز وجل يخاطب الفطرة ويقرب من الله، والإنسان الذي يذكر الله في ملأ من خلقه يذكره الله في ملأ خير منهم.
قال الله عز وجل:
"إنَ الصلاةَ تنهى عنِ الفَحشاءِ والمُنكرْ ولَذِكرُ اللهِ أكبر"
من ألطف المعاني التي وردت في هذه الآية أن الإنسان يذكر الله في صلاته والله يذكره، وذكر الله لعبده خير وأكبر وأعظم ألف ألف ألف ألف مرة من ذكر العبد له لأن فيه رفع لشأن العبد وتقريب له من الله.
وعن عبد الله قال: قال عليه الصلاة والسلام: "ما منْ قومٍ اجتمعوا في مجلسٍ فتفرقوا ولم يذكروا اللهَ إلا كانَ ذلك المجلس حسرةً عليهم يومَ القيامة" ******* اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً
وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه
واجعلنا ممن يسمعون القول فيتَبعون أحسنه
وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
م...ن
مواقع النشر (المفضلة)