بسم الله الرحمن الرحيم
موضوع الغفلة هذا من أخطر المواضيع المرتبطة بالقلوب
نظراً لأنَّه قد يحوِّل الطاعة إلى أن تكون سبباً في عدم دخول الجنَّة
والعياذ بالله تعالى،
ولذلك كان من الضروريِّ أن نوليه اهتماماً كبيرا.
أوَّلا: معنى الغفلة:
الغفلة :سهو يعتري الانسان من قلة التحفظ والتيقظ
عن الخير وهو مرض قلبي قاطع وقرين التكذيب بايات الله
ثانيا: أنواع الغفلة:
يُلبِس الشيطان على الإنسان بطرقٍ شتَّى كي يصل به إلى الغفلة،
ويستخدم هوى الإنسان ليقوم بهذا الدور، وأبرز ما تكون الغفلة في أمرين:
* الجهر بالمعصية:
من أبرز النقاط التي يتعامل فيها الشيطان مع الناس، هو جعلهم يجاهرون في المعصية، ولذلك قال صلى الله عليه واله وسلم: "كلُّ أمَّتي معافى إلا المجاهرين، وإنَّ من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا، ثمَّ يصبح وقد ستره الله، فيقول: يا فلان، عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربُّه، ويصبح يكشف ستر الله عنه".
وما ذاك إلا لأنَّ المجاهرة تكون حائلاً كبيراً أمام التوبة، وفيها معاندةٌ ظاهرةٌ لله تعالى، وهذا من أكبر أنواع الغفلة.
* الاغترار بالحسنة:
من أخطر أنواع الغفلة، حيث يدخل الشيطان من الطاعة ليصل بالعبد إلى الغفلة، وذلك بتكبير هذه الطاعة، وتعظيمها في عين العبد، فيظنُّ أنَّه بطاعته تلك قد ضمن الجنَّة ومفاتيحها، ولم يعد في حاجةٍ إلى طاعاتٍ أخرى، ولا يزال الشيطان بالعبد حتى يرديه المهالك، وتقتله الغفلة.
ثالثا: كيف نقيس الغفلة؟
أبرز مقاييس الغفلة هي: عدم ذكر الله والجفاف الروحي
اللذان يؤدين الى قساوة القلب والابتعاد عن ذكر الله .
ففلننظر الى انفسنا من خلال المقايسس التالية
انحن من الغافلين ام لا؟
* تذكُّر الله تعالى دائما، ورقَّة القلب عند الاستماع للقرآن الكريم.
* بقاء اللسان يلهج باستمرارٍ بذكر الله تعالى، وبالاستغفار.
* النظر في الطاعات، هل أحدنا مفرِّطٌ فيها،
أم يؤدِّيها في وقتها، وإن كان يؤدِّيها في وقتها،
فهل يستشعرها ويحنُّ إليها، أم هي ثقيلةٌ على قلبه
يقوم إليها كسلانا، أو يؤدِّيها وفكره مشغولٌ عنها؟
* النظر في أخلاقنا، هل نلتزم بحسن الخلق،
وعدم الغضب، والحِلم، والصبر، وعدم الكذب،
وما إلى ذلك من أخلاق، أم لا؟
* النظر في نموذج حياتنا، هل هي تسير وفق ما يرضي الله تعالى،
أم أنَّ حياتنا أمام الناس جميلةٌ برَّاقة،
فإذا ما خلونا بمحارم الله تعالى انتهكناها؟
وهل نربِّي أهلنا وأولادنا على الإسلام أم نتركهم
تتنازعهم وسائل الغواية من كلِّ مكان؟
* النظر في معاملاتنا مع الآخرين،
هل نراعي الله تعالى فيها، فلا نغشَّ، ولا نسرق،
ولا نرفع الأصوات ونكثر الحلف،
ونكون كما أراد رسولنا صلى الله عليه وسلم:
"رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى"
رواه البخاري، أم لا؟
وهل نعين الآخرين،
فنفكَّ الضيق عن المضيقين، ونسدَّ حاجة المحتاجين،
ونغيث الملهوف، ونسعف المعوز، أم لا؟
رابعا: طرق علاج الغفلة:
1- الغفلة نقيض المراقبة:
اول مرحلة لمعالجة الغفلة هو محاسبة النفس
واستحضار مراقبة الله تعالة في السر والعلن من خلال المراحل التالية:
* المشارطة:
أي أن يشرط العقل على النفس ألا تقع في المعاصي والذنوب، وأن تقوم بالطاعات والفضائل.
فـ"إنَّ المؤمنين قومٌ أوثقهم القرآن، وحال بينهم وبين هَلَكتهم، إنَّ المؤمن أسيرٌ في الدنيا، يسعى في فكاك رقبته، لا يأمن شيئاً حتى يلقى الله عزَّ وجلّ، يعلم أنَّه مأخوذٌ عليه في سمعه، وفي بصره، وفي لسانه، وفي جوارحه، مأخوذٌ عليه في ذلك كلِّه".
* المراقبة:
"إذا أوصى الإنسان نفسه، وشرط عليها، لم يبقَ إلا المراقبة لها وملاحظتها، وفي الحديث الصحيح في تفسير الإحسان، لما سئل عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنَّه يراك"رواه البخاريُّ ومسلم، أراد بذلك استحضار عظمة الله ومراقبته في حالة العبادة".
* المحاسبة بعد العمل:
"ومعنى المحاسبة أن ينظر في رأس المال، وفي الربح، وفي الخسران لتتبيَّن له الزيادة من النقصان، فرأس المال في دينه الفرائض، وربحه النوافل والفضائل، وخسرانه المعاصي، وليحاسبها أوَّلاً على الفرائض، وإن ارتكب معصيةً اشتغل بعقابها ومعاقبتها ليستوفي منها ما فرَّط".
* معاقبة النفس على تقصيرها:
"اعلم أنَّ المريد إذا حاسب نفسه فرأى منها تقصيرا، أو فعلت شيئاً من المعاصي، فلا ينبغي أن يهملها، فإنَّه يسهل عليه حينئذٍ مقارفة الذنوب، ويعسر عليه فطامها، بل ينبغي أن يعاقبها عقوبةً مباحةً كما يعاقب أهله وولده".
* المجاهدة:
"وهو أنَّه إذا حاسب نفسه، فينبغي إذا رآها قد قارفت معصيةً أن يعاقبها كما سبق، فإن رآها تتوانى بحكم الكسل في شيءٍ من الفضائل، أو نافلة من النوافل فينبغي ان يؤدبها بتثقيل النوافل عليها وممَّا يستعان به عليها أن يُسمِعها أخبار المجتهدين، وما ورد في فضلهم، ويصحب من يقدر عليهم منهم، فيقتدي بأفعاله.
* في معاتبة النفس وتوبيخها:
((ميدانكم الاول انفسكم فان قدرتم عليها كنتم على غيرها اقدر وان عجزتم عنها كنتم عن غيرها اعجز ,فجربوا معها الكفاح اولا ))
,
واعلم أن أعدى عدوٍّ لك نفسك التي بين جنبيك، وقد خُلِقت أمَّارةً بالسوء، ميَّالةً إلى الشرّ، وقد أُمِر'تَ بتقويمها وتزكيتها وفطامها عن مواردها، فإن أهملتها جمحت، وشردت، ولم تظفر بها بعد ذلك، وإن لزمتها بالتوبيخ، رجونا أن تصير مطمئنَّةً فلا تغفلنَّ عن تذكيرها".
تطبيقات العلاج:
* المداومة على ذكر الله تعالى:
أهمُّ ما يُضعِف الشيطان، ويمحو قسوة القلب، هو ذكر الله تعالى كثيرا، بكلِّ أنواع الأذكار المختلفة، صباحاً ومساء، وفي سائر الأحوال، مثل أذكار الدخول والخروج واللبس والخلع والطعام والشراب ودخول الحمام، وما إلى ذلك.
* قراءة القرآن الكريم:
فمع تكرار القراءة، والاستماع للقرآن الكريم، يأتي الخشوع، وينجلي الصدأ عن القلب، وقال صلى الله عليه وسلم: "لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله تعالى، فإنَّ كثرة الكلام بغير ذكر الله تعالى قسوةٌ للقلب، وإنَّ أبعد الناس من الله القلب القاسي
* المواظبة على الطاعات وعمل الخير:
* الإكثار من الدعاء:
: اللهمَّ أعنِّي على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك
نسال الله ان يوفقنا ان نكون من الذاكرين ولانكن من الغافلين
تحيات alking
مواقع النشر (المفضلة)