( 24 )
ثقافةٌ أم جهالة !!
الغالبُ أنَّ الرَّجل ربما يفوق المرأةَ في الإدراك والوعي الثقافي ،والعلم ، وهذا لا يعيبُ المرأة ، ولا ينقص من قدرها - بل إنَّ المقارنة هنا فيها نظر – بل يجملها ، ويزينها ، وربما فاقت بعض النساء فئاماً من الرجالِ ؛ كما فعلتْ أم الكرام كريمة المروزية رحمها الله ، وقبلها أمهات المؤمنين ،وكانت عائشة رضي الله عنها من النوادر في الفهم والعلم ، والحفظ ،ليس هذا حديثنا !؟إنما أتحدثُ وبكلِ أسفٍ ومرارةٍ ، عن تلك البيوت التي يصل فيها الزَّوج إلى أعلا درجاتِ الثقافة ، والعلم ، وعندما تُلقِي نظرةً على زوجته تجدها في جهالة مرعبةٍ ، تخفى عليها مسائل من خاصةٍ أمرها ، في الطهارة ، والتطهر ،والصلاة، وتربية الأولاد ، وأشياء أُخرُ من المُسَّلَّّّمِ أن تتطلع عليها قبل سنوات!! ، وأن تكون جزءاً من ثقافتها !!، وزوجها لم يفكر يوماً بتعليمها ما يناسبها، وما تحتاجه من علوم ومعارف ، ويحفزها إلى فنون المعرفة ، ويشوقها في ذكاء ، لكنَّ كثيرين لم يفعلوا !! ثم بعد سنواتٍ عجافٍ لم ترَ إلا النفقة ، والمسكن ، والكساء ،يتعلل هذا الزوج البائس بعللٍ هي أهوى من بيت العنكبوت !!، وأنَّ هذه المرأة لا تناسبه ثقافياً وفكرياً ، وأنَّ مستواه الثقافي ينأى به عنها !! وربمايتعمد بعضهم ذلك لكي تخفى حِيلُه عليها !! ، فيجمع على هذه الصابرة ألماً إلى آلامها ،وحزناً إلى حزنها ، فما أعظم أجرها ، وما أقسى قلبه، وقد يحدث العكس لكنه نادر !!.
أقول هذا لأنه من جزءٌ من الواقع لمن تلظى بسماع الشكوى !! ، وتعرض إلى لفح المشاكل التي يسمعها .
فهذه رسالة للزوج ، وزوجه :أن يشارك ، ويشجع ؛ بعضهم بعضاً فيما يحتاجون إليه من المعارف الشرعية ، والحياتية ،وأن نكون فريقاً من الأمل ، ويهدي بعضنا العلم لبعض على أنهار الحب، وشواطئ الحنان .
ولا يعني ذلك التوافق على كل جزئية لا ؛ بل إن هذا لاينبغي، إنما المراد أن نعرف هندسة التعامل الفكري وما يتبعه ؛ من لحظ العيون ، وفهم الإشارة ، وقراءة المشاعر ، وعندها يبحر الزوجان في متعة متكاملة ،يفيقان منها على أرواح ترجو أن تكون ممن رضي الله عنه ، فكان من المفلحين.
( 25 )
مركب الأمل إلى أين ؟!
الحياة الزَّوجية حياةٌجديدةٌ، ومتجددةٌ؛بمشاعرها،وأخلاقها،وذوقها،وفكرها، وليس من العقل أن نعتقد أن الزواج مجرد بيتٍ يأوي إليه الزَّوجان ، ولا يبذل أحدهما للآخر ما يحافظ به على شريك الحياة .
إنَّ الزَّوج عندما يقوم بواجب القوامة ؛ الذي من أركانه : اللطف ، والعطف ،وإلا لما كان هناك معنىً للقوامة ، إذا كان معناها الكساء ، والغذاء ، فالدرجة التي فضل الله بها الرجال على النساء ليست فقط في الميراث ، بل هي أعم من ذلك ،فبعض الرجال يظن المرأة كتلك العلب المختومة ، ما أن يحركها حتى تتناثر الأزهار منها !! ، فيحسب أن مجرد كونها أثنى يلزم منه أن تتوافر فيهاكل صفات الأنوثة !! ، ولذا ينصدم الزوجان ببعضهما في أول الطريق !! لأنَّ عيونهم عليها غشاوة !! .
فمن معنى أن القوامة إذن :أن يكون الرجل فيه من الرحمة ، والرقة ، والسماحة ، وحسن الاستماع ، والحوار بأدب ،وكذا زوجه : عليها إنْ أرادتْ زوجاً تملك قلبه ، ويسعد بحديثها ، ويفرح بصحبتها ،وتكون رفيقته في سفره ، ويأنس بها ؛ فلزاماً أن تعلم أن بيت الزواج ليس كبيتِ الأبوين ،فربما يصبر الزوجُ في سنيه الأولى على شيء من القصور في المشاعر ، والنباهة في التعامل ، واللطف في الحديث ؛ لكنه لن يصبر الدَّهر كله !! ، والعكس صحيح.
كان عليه السلام يسترضي أزواجه ،ويتودد لهن ، وكن يفعلنَّ ذلك معه ، ولذا كان قلبه الطاهر يخفق بالحب ، والوفاءلهنَّ.فقبل أن ينكسر مركب الأمل ؛ وينضب المعين ؛ لنجدف سريعاً إلى جزيرة الأنس ، ورياض المحبة ، فعندها تكون الزَّوجة من الحور الحسان ، ويكون الزَّوج أسعدالنَّاس بها ، ومعها.
أخوكم
محمد المطرودي
وزارة الشؤون الإسلامية
م / ن
مواقع النشر (المفضلة)