حالة من عدم استقرار الأجواء المناخية تشهدها السعودية حاليا
صورة أرشيفية من أمطار هطلت على المشاعر المقدسة العام الماضي
جدة: أمل باقازي
كشف لـ«الشرق الأوسط» مصدر مسؤول في الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة عن أن المجال لا يزال مفتوحا بالنسبة لمدينة جدة كي تشهد هطول أمطار خلال الفترة المقبلة، في ظل حالة عدم استقرار الأجواء التي تعيشها السعودية بشكل عام، مبينا أن موسم الأمطار العام الماضي كان نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، بينما تزامن موسم حج هذا العام مع منتصف نوفمبر.
وأوضح حسين القحطاني، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، أن أجواء السعودية تمر حاليا بفترة عدم استقرار نتيجة تأثرها بمنخفض حركي يتمركز في المناطق الشمالية منها، إلى جانب منخفض السودان الذي يؤثر عادة على منطقة مكة المكرمة، مما يؤدي إلى تكوين سحب ركامية رعدية ممطرة. وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «بحسب التقارير الموجودة لدى الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة فإن الأمطار المتوقع هطولها ستكون في إطار المعدل الطبيعي ولن تكون جارفة».
وأشار إلى وجود خطط ترأسها إمارة منطقة مكة المكرمة، من ضمنها برنامج تركيب مجسات للإنذار المبكر في مجاري السيول والأودية الموجودة بالمنطقة بهدف التنبيه منذ وقت مسبق في حال سيلان تلك الأودية.
وزاد «ستبدأ الأرصاد خلال الفترة المقبلة في تنفيذ توجيه أمير منطقة مكة المكرمة بزيادة عدد الرادارات بهدف إعطاء قدرة عالية لتقديم المعلومات الأرصادية بدقة أكبر»، غير أنه لم يفصح عن نسبة تلك الزيادة. وأبان وجود ما يقارب خمسة رادارات تغطي منطقة مكة المكرمة وحدودها، وترصد مساحات كبيرة في ظل بلوغ إجمالي عدد الرادارات على مستوى السعودية نحو 13 رادارا تعمل بشكل مرتبط مع بعضها بعضا.
يأتي ذلك في وقت من المتوقع أن تشهد فيه المشاعر المقدسة خلال ثاني أيام التشريق أمطارا من متوسطة إلى غزيرة، بحسب تقارير الأرصاد، التي أكدت على أنها لن تتحول إلى سيول.
وهنا أشار المتحدث الرسمي باسم الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة إلى أنه في حال وجود أي حالة تستدعي التنبيه أو التحذير، فإنه سيتم الإعلان عنها بشكل واضح، مبينا أنه تم فتح التنبيهات أمام الناس للاطلاع على جميع المعلومات الأرصادية بشفافية.
وأضاف «هناك تحديث مستمر لخطط التعامل مع الجهات التنفيذية فيما يتعلق بحالات الطوارئ وتحسين طرق الأداء بحسب الحاجة خلال فترات التنبيه والتحذير والتواصل المطلوب». وأفاد بإنشاء نافذة إلكترونية عبر موقع الأرصاد الإلكتروني متعلقة بالأحوال الجوية للمشاعر المقدسة والتي تشترك مع مركز القيادة والسيطرة في منى كخط ساخن، مبينا أنها تحوي علامات تحذير وتنبيه يتم بثها على رأس كل ساعة في اليوم.
واستطرد بالقول «يتم تحديث هذه النافذة من خلال الراصدين والمتنبئين الموجودين في مشعر منى، حيث كانت مغلقة بكلمة مرور معينة ليتم الدخول إليها من قبل الجهات المعنية فقط، غير أنه تم فتحها للعموم بناء على توجيه الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة». ولأن الأوضاع الجوية ما زالت مطمئنة حتى الآن في مدينة جدة بعكس ما كانت عليه العام الماضي خلال موسم الحج، باشرت معظم الجهات المعنية في جدة خطط عملها من مكة المكرمة في ظل تكليفها لفرق عمل بالنيابة عنها تعمل على تولي مسؤولية الإشراف على خطط الطوارئ بجدة في حال حدوث أمر يستدعي العمل بها.
العميد محمد القحطاني، مدير مرور جدة، ذكر أن خطط الطوارئ التي تم وضعها بمشاركة الجهات المعنية من الدفاع المدني وأمانة محافظة جدة أخذت بعين الاعتبار جميع الاحتمالات والتوقعات المتعلقة بالأحوال الجوية ومناطق الاختناقات المرورية في جدة، لافتا إلى وجود فريق عمل كامل يتولى هذا الشأن، بينما يشارك مرور جدة في أعمال الحج بمكة المكرمة حاليا. وقال خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «ثمة أكثر من 16 جهة تابعة للأمن العام جميعها مشاركة في موسم الحج بالمشاعر المقدسة وفق تقسيمات محددة، غير أنه تمت دراسة كل خطط الطوارئ على مدار العام مع الجهات الأخرى الموجودة في الميدان بالنسبة للأحوال الجوية في جدة». وبيّن أن ما يميز العمل هذا العام مقارنة بالعام بالماضي أن خطط الطوارئ لن تنفذ إلا في حال وقوع أي شيء، عدا عن الأمور التي سبق أن وجه بها أمير منطقة مكة المكرمة، والمتضمنة عملية المتغيرات في شرق جدة وما يتعلق بها من التحسب لمجاري السيول وغيرها.
وزاد أن «خطط العمل الرئيسية والأساسية لم تتغير عن العام الماضي من حيث إدارة الحركة والطرق واتجاهاتها في مدينة جدة بشكل عام».
من جانبه، أوضح لـ«الشرق الأوسط» العميد عبد الله الجداوي، مدير إدارة الدفاع المدني في محافظة جدة، أن هناك متابعة مستمرة لأوضاع الأحوال الجوية بجدة في ظل التواصل المستمر بينه وبين فريق العمل المكلف بتسلم مهام العمل، خصوصا أنه مسؤول عن فرق الدفاع المدني حاليا في مشعر عرفات بمكة المكرمة.
وكان اللواء عادل زمزمي، مدير إدارة الدفاع المدني في منطقة مكة المكرمة، قد دعا إلى ضرورة الابتعاد عن التشاؤم، مؤكدا أن الأوضاع حتى الآن لم تتعد مرحلة التنبيه الأولي من قبل الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، والمتضمن احتمالية هطول أمطار خفيفة على المنطقة خلال أيام موسم الحج. وقال في حديث سابق لـ«الشرق الأوسط»: «تم تطبيق ما يقارب 509 آليات أثناء القيام بالتجارب الفرضية والتي كانت موجودة في مواقع إجرائها، وهو ما بين جاهزية استعدادات كل الجهات وقدرتها على الاستفادة منها في أي حدث»، مؤكدا أن تلك التجارب أثبتت مدى الجاهزية بشكل كامل.
وأفاد بأن ما تم إنجازه من إجراءات تتضمن فتح قنوات تصريف السيول وإزالة بعض العقوم التي كانت سببا في حدوث الكارثة العام الماضي، إلى جانب إنشاء السدود المؤقتة، جميعها تبعث الطمأنينة نتيجة استبعاد تكرار المأساة مرة أخرى. وأضاف أن «كل الجهات الحكومية المعنية تعمل على تنفيذ خطة مواجهة الأمطار والسيول في العاصمة المقدسة والصادرة من قبل الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، باعتبارها تحدد أدوار كل جهة منها». وفي ما يتعلق بإدارة الدفاع المدني، أعلن اللواء عادل زمزمي عن وجود خارطة لمخاطر السيول، تم إعدادها لإيضاح المناطق المحتمل تعرضها لأي خطر جراء هطول الأمطار، وتلك التي قد تشهد تجمعات للمياه أيضا». وزاد «في حال وجود احتمالات بتكون سحب ركامية أو مؤشرات لهطول أمطار سيتم بث تحذيرات بذلك، خصوصا أن هناك اتصالا مباشرا على مدار الساعة مع الأرصاد، فضلا عن شاشات غرف العمليات التي تأخذ المعلومات كافة للعمل بها».
إلى ذلك، أكد الدكتور سامي باداوود، مدير عام الشؤون الصحية في محافظة جدة، على جاهزية كل المنشآت الصحية والتنسيق مع القطاعات الأخرى، في ظل إجراء الكثير من التجارب قبل دخول الموسم، موضحا أن فرق الصيانة مستعدة لحماية تلك المنشآت ومعالجة توقف الخدمات بها في حال هطول أمطار. وأفاد بوجود نحو 14 فرقة جاهزة للتحرك عند الحاجة، والمكون كل منها من طبيبين وخمسة ممرضين وسائق سيارة إسعاف، فضلا عن تجهيز جميع المستشفيات لا سيما أنه لا يمكن التنبؤ بمواقع حدوث الكوارث، على حد قوله.
وكان المهندس علوي سميط، وكيل أمين جدة للمشاريع، قد كشف مؤخرا لـ«الشرق الأوسط» عن التوقيع النهائي على عقود إنشاء ثلاثة سدود في وادي قوز، تتضمن ثلاثة سدود فرعية، إضافة إلى إنشاء سدين في وادي مثوب، وعقد آخر لإيصال شبكة القنوات المفتوحة في وادي غليل بالشبكات المفتوحة، وأعلن في الوقت ذاته إزالة الأمانة لـ150 من العقوم الواقعة على مجاري السيول، وإزالة كل الأحواش الواقعة في طريق السدود، وإعداد محاضر الإخلاء لكل المنازل في تلك المواقع. وأعلن المهندس سميط عن الانتهاء من كراسات مشاريع تصريف المياه الجوفية في حي الأجاويد 1 و2، مشيرا إلى مشاريع أخرى في أحياء العدل والحرمين، مؤكدا في الوقت ذاته أن الأمانة انتهت من تنظيف كل قنوات تصريف مياه الأمطار، استعدادا لموسم الأمطار، إلى جانب تحديد مواقع لإسناد المعدات خلال موسم المطر. وتضمنت خطة عمل الأمانة، بحسب الوكيل، تصريف ورفع مياه الأمطار بمحافظة جدة للعام الحالي، وبحسب سميط تم حصر جميع مواقع تجمع مياه الأمطار في البلديات الفرعية، وتحديد 4 مواقع كإسناد للمعدات والآلات لدعم البلديات الفرعية، وتحديد الحد الأدنى من المعدات والآلات لكل بلدية فرعية للعمل على رفع الأمطار، والتأكد من جاهزية المعدات الخاصة بالأمانة ومقاوليها، متمثلة في مشاريع النظافة، والحدائق والتشجير، وصيانة المعدات، والإدارة العامة للمياه. بينما ذكر ممثل أمانة جدة لمشاريع تصريف مياه الأمطار ودرء مخاطر السيول أن مشروع طريق مكة القديم الذي تصل تكلفته الإجمالية إلى سبعة عشر مليون ريال، تم الانتهاء منه بالكامل، وسيكون جاهزا للعمل في الفترة المقبلة، وهو عبارة عن خط مواسير خرسانة مسلحة قطر 2500 مم بطول 1750 مترا طوليا.
المصدر / جريدة الشرق الاوسط
مواقع النشر (المفضلة)