بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله القائل ( فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ) أي غافلون لا يهتمون بها ولا يقيمونها فهم على ذكر من فعلهم بخلاف الساهي في صلاته فليس على ذكر من فعله .. والسهو وقع من النبي لأنه مقتضى طبيعة البشر
والصلاة والسلام على خير المعلمين لأحكام الدين القائل ( إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا فَلْيَطْرَحِ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ ، فَإِنْ كَانَ صَلَّى خَمْسًا شَفَعْنَ لَهُ صَلَاتَهُ ، وَإِنْ كَانَ صَلَّى إِتْمَامًا لِأَرْبَعٍ كَانَتَا تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ ) أخرجه مسلم
درس مختصر في ( سجود السهو )
سجود السهو: عبارة عن سجدتين يسجدهما المصلي لجبر الخلل الحاصل في صلاته من أجل السهو، وأسبابه ثلاثة: الزيادة، والنقص، والشك
الزيادة إذا زاد المصلي في صلاته قياماً، أو قعوداً، أو ركوعاً، أو سجوداً متعمداً بطلت صلاته، وإن كان ناسياً ولم يذكر الزيادة حتى فرغ منها فليس عليه إلا سجود السهو، وصلاته صحيحة، وإن ذكر الزيادة في أثنائها وجب عليه الرجوع عنها ووجب عليه سجود السهو، وصلاته صحيحة
النقص
وهو قسمان نقص الأركان : إذا نقص المصلي ركناً من صلاته فإن كان تكبيرة الإحرام فلا صلاة له سواء تركها عمداً أم سهواً؛ لأن صلاته لم تنعقد. وإن كان غير تكبيرة الإحرام فإن تركه متعمداً بطلت صلاته وإن تركه سهواً فإن وصل إلى موضعه من الركعة الثانية لغت الركعة التي تركه منها، وقامت التي تليها مقامها، وإن لم يصل إلى موضعه من الركعة الثانية وجب عليه أن يعود إلى الركن المتروك فيأتي به وبما بعده، وفي كلتا الحالين يجب عليه أن يسجد للسهو بعد السلام ..
نقص الواجبات: إذا ترك المصلِّي واجباً من واجبات الصلاة متعمداً بطلت صلاته. وإن كان ناسياً وذكره قبل أن يفارق محله من الصلاة أتى به ولا شيء عليه. وإن ذكره بعد مفارقة محله قبل أن يصل إلى الركن الذي يليه رجع فأتى به ثم يكمل صلاته ويسلِّم، ثم يسجد للسهو ويسلِّم. وإن ذكره بعد وصوله الركن الذي يليه سقط فلا يرجع إليه، فيستمر في صلاته ويسجد للسهو قبل أن يسلِّم.
الشك
قال « إذا شكَّ أحدكم في صلاته فليتحرَّ الصواب فليتم عليه، ثم ليسلم، ثم يسجد سجدتين » هذا لفظ البخاري هو التردد بين أمرين أيُّهما الذي وقع. مثال ذلك: شخص صلَّى الظهر فلمَّا فرغ من صلاته شك هل صلَّى ثلاثاً أو أربعاً، فلا يلتفت لهذا الشك إلا أن يتيقن أنه لم يصلِّ إلا ثلاثاً فإنه يكمل صلاته إن قرب الزمن ثم يسلم، ثم يسجد للسهو ويسلم، فإن لم يذكر إلا بعد زمن طويل أعاد الصلاة من جديد .. ولا يخلو الشك في الصلاة من حالين: الحال الأولى: أن يترجَّح عنده أحد الأمرين فيعمل بما ترجَّح عنده، فيتم عليه صلاته ويسلِّم، ثم يسجد للسهو ويسلِّم.
الحال الثانية: أن لا يترجَّح عنده أحد الأمرين فيعمل باليقين وهو الأقل، فيتم عليه صلاته، ويسجد للسهو قبل أن يسلِّم ثم يسلِّم.
إن شك في أدراك الركعة يقول ابن عثيمين رحمه الله: أن يشك هل أدرك الإمام في ركوعه فيكون مدركاً للركعة، أو أن الإمام رفع من الركوع قبل أن يدركه ففاتته الركعة، فإن ترجَّح عنده أحد الأمرين عمل بما ترجَّح فأتمَّ عليه صلاته وسلم، ثم سجد للسهو وسلَّم إلا إذا لم يفته شيء من الصلاة، فإنه لا سجود عليه حينئذٍ. وإن لم يترجَّح عنده أحد الأمرين عمل باليقين (وهو أن الركعة فاتته) فيتم عليه صلاته ويسجد للسهو قبل أن يسلِّم ثم يسلِّم.
ملخص أحكام سجود السهو ( نقلاً من رسالة سجود السهو في الصلاة للشيخ محمد بن صالح العثيمين )
المســألـــة حالتهـــا موضع السجود
في السلام قبل تمام الصلاة:
إذا سلم المصلي قبل تمام الصلاة ناسياً . إن ذكر بعد مضي زمن طويل استأنف الصلاة من جديد . وإن ذكر بعد زمن قليل كخمس دقائق فإنه يكمل صلاته ويسلم منها . يسجد بعد السلام للسهو سجدتين ويسلم مره ثانية
في الزيادة في الصلاة : إذا زاد المصلي في صلاته قياماً أو قعوداً أو ركوعاً أو سجوداً . إن ذكر بعد الفراغ من الزيادة فليس عليه إلا السجود للسهو وإن ذكر في أثناء الزيادة وجب عليه الرجوع عن الزيادة . يسجد للسهو بعد السلام ويسلم ثانية
في ترك الأركان : إذا ترك ركن من أركان الصلاة غير تكبيرة الإحرام ناسياً . فإن وصل إلى مكانه من الركعة التي تليها لغت الركعة التي تركها وقامت التي تليها مقامها وإن لم يصل إلى مكانة من الركعة التي تليها وجب عليه الرجوع إلى محل الركن المتروك وأتى به وبما بعده في كلتا الحالتين يجب عليه سجود السهو ومحله بعد السلام
في الشك في الصلاة : إذا شك في عدد الركعات هل صلى ركعتين أو ثلاثاً فلا يخلو من حالتين الحالة الأولى : أن يترجح عنده أحد الأمرين فيعمل بالراجح ويتم عليه صلاته ثم يسلم
الحالة الثانية: ألا يترجح عنده أحد الأمرين فإنه يبني على اليقين وهو الأقل ثم يتم عليه يسجد للسهو بعد السلام في الحالة الأولى . يسجد للسهو قبل السلام في الحالة الثانية
في ترك التشهد الأول : إذا ترك التشهد الأول ناسياً وحكم بقية الواجبات حكم التشهد الأول . 1- إن لم يذكر إلا بعد أن استتم قائما فإنه يستمر في صلاته ولا يرجع للتشهد .
2 - إن ذكر بعد نهوضه وقبل أن يستتم قائما فإنه يرجع ويجلس ويتشهد ويكمل صلاته 3 - إن ذكر قبل أن ينهض فخذيه عن ساقيه فإنه يستقر جالسا ويتشهد ثم يكمل صلاته ولا يسجد للسهو لأنه لم يحصل منه زيادة ولا نقص . يسجد للسهو قبل السلام
فائدة من فتاوى ابن باز رحمه الله تعالى : سؤال : قمت لقضاء ما فاتني بعد سلام الإمام وبعد لحظات سجد الإمام للسهو ( أي بعد السلام ) فسجدت معه ثم قمت وصليت ما فاتني ، فهل ما فعلته صحيح وإذا لم يكن فماذا علي أن أفعل . أفتونا مأجورين؟
الجواب : قد أحسنت فيما فعلت ولا شيء عليك لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه ) ، ولو أكملت صلاتك وسجدت للسهو بعد إكمالها فلا بأس عليك لكونك قد نويت الانفراد لقضاء ما عليك . وفق الله الجميع . انتهى
إذا كان السهو عن نقص سجد قبل السلام . وإذا كان عن زيادة سجد بعد السلام . وإذا كان عن شك فإنه يتحرى الصواب ؛ فإن غلب على ظنه شيء عمل به وسجد بعد السلام ، وإن لم يغلب على ظنه شيء بنى على اليقين وهو الأقل ، وسجد قبل السلام . وهو رواية عن الإمام أحمد واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى .
اللهم ارزقنا الخشوع في الصلاة واجعلنا متبعين غير مبتدعين وارزقنا العلم النافع والعمل الصالح .. اللهم آمين
المراجع : رسالة في سجود السهو للشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله فتاوى ابن باز رحمه الله تعالى
مواقع النشر (المفضلة)