صالح الصالح
ما زلت أؤكد أن الحديث المستمر حول وجود خصوصية كروية لنا هو ما أبقانا حيث نقف، وربما سيعيدنا خطوات إلى الوراء، وذلك لعدم صحة هذا الادعاء، إذ إن كرة القدم أصبحت صناعة على مستوى العالم، ونحن لسنا بمنأى عن ذلك، على رغم أنني أفترض أن من أبرز مشكلاتنا هو وجود هواة يديرون - مجازاً - ما يسمى بدوري محترفين، هذا على مستوى كرة القدم فقط كمثال.
أتساءل مثل غيري: لماذا كرة القدم السعودية تضم أكبر عدد موجود من اللاعبين الدوليين؟
ربما يفسر بعضهم هذه الحقيقة على أنها إيجابية تنفرد بها الكرة السعودية على نظيراتها، لكن الحقيقي أنها من المساوئ التي أضرت بالكثير من الأسماء الشابة التي وجدت في معسكرات «الأخضر» المتعاقبة، لكنها سرعان ما تعود أدراجها تشعر بالانكسار النفسي لعدم القدرة على الاستمرار في صفوف المنتخب حتى النهاية، وقائمة الأسماء التي تعزز وجود مثل هذه الحقيقة معروفة لدى المتابعين، ولا يتسع المجال لذكرها حتى بات المنتخب شبيه بحافلة النقل الجماعي، التي تحمل في طريقها كل من يود الوصول إلى هدفه.
أفترض أن قائمة المنتخب السعودي يجب أن تكون أبرز ما يميزها هو الاستقرار على أن تكون آلية الضم والإبعاد للاعبين ذات منهجية واضحة بعيدة عن بروز أي لاعب لعدد قليل من المواجهات، إذ إن تأثير أي لاعب على تحديد نتيجة مواجهة حاسمة لا يعني بالضرورة وصوله إلى المرحلة التي تؤهله إلى الانضمام للمنتخب، ولذلك بات لزاماً أن يعرف الجمهور السعودي قائمة منتخبه الأول مبكراً وعلى مدى طويل بدلاً من آلية التغيير المستمر التي جعلت «الأخضر» بلا هوية ومنحت تصوراً لدى اللاعبين السعوديين أن إمكان الانضمام له لا تستلزم إظهار مستوى بارز على فترة طويلة، حيث استمرار المستويات المميزة للاعبين على مدى جولات عدة لم يعد مقياساً لدى المدربين، الذي يتعاقبون على المنتخب، بل أن البروز في مواجهتين هامتين قد يكون تذكرة عبور إلى قائمة «الأخضر» المختارة، والغريب في الأمر أن هذا الوضع يحدث مع معظم المدربين الذين يتسلمون مهمة تدريب المنتخب، في مؤشر غريب يعطي دلالة على سرعة اكتساب هؤلاء المدربين لثقافتنا الرياضية القائمة على جملة أخطاء في تحديد أهدافنا المستقبلية، والواقع الحالي يسند مثل هذا الرأي بزعمي.
إجمالاً لن أردد مثل غيري على أهمية ضم اللاعب الفلاني وغيره، لكنني أجزم أن أي لاعب مؤهل أن يكون دعامة قوية لقائمة المنتخب وممن سبق له إظهار ما يشفع له بالوجود، وصاحب خبرة جيدة من الظلم أن يتساوى مع المتفرج العادي في شاشة التلفاز على مواجهات «الأخضر» وحان الوقت لأن يكون شريكاً في تحقيق المنجزات التي تنتظر كرة القدم السعودية في مقبل الأيام.
*نقلاً عن صحيفة "الحياة" اللندنية
مواقع النشر (المفضلة)