رجل الأعمال السعودي شامي الحسني بدأ حياته عاملا بالزراعة والبناء وحارسا:
دفع اليتم المبكر وظروف الحياة الصعبة الشيخ شامي الحسين الحسني رجل الأعمال السعودي إلى الانخراط في مجال العمل مبكرا، وهو في السابعة من عمره، بأجر نصف ريال في اليوم، حيث عمل في زراعة الحبوب وحصادها وكذلك رعي الأغنام والماشية، حيث كان يجب عليه أن يعمل بعد وفاة والده وهو في سن الثالثة، وعلى الرغم من حبه للتعليم فلم يستمر في التعليم سوى 8 أشهر، حيث حالت الظروف بينه وبين الدراسة.
زاده اليتم المبكر إصرارا على العمل والنجاح، عيناه منذ الصغر كانتا تتجهان صوب جدة والرياض، حيث تتوفر فرص العمل والأموال.
عمل في جدة في البناء وحراسة العمارات، وفي الرياض والمنطقة الشرقية امتهن الطباعة وأحبها، وذهب طموحه إلى أن يمتلك مطبعة.
لم يقتصر نشاط الشيخ الحسني على الطباعة، بل تعداها إلى السياحة والعقارات، وتوسع في نشاطه إلى دول مثل أستراليا وتايلاند والسودان.
أول راتب نصف ريال
يقول الحسني -في حديث خاص لـ"الأسواق.نت"- "إن أول راتب تقاضاه هو نصف ريال من عمله في زراعة الحبوب وحصادها، وكان الغداء والفطور على صاحب العمل، وكنت أعمل وأرجع إلى البيت، وإذا كان العمل بعيدا عن البيت أرجع إلى عمتي نهاية الأسبوع، وأما التعليم فلا يوجد مدرسة بالقرية التي انتقلت إليها، وارتفعت أجرة العمل إلى ريال ونصف الريال".
وأضاف : كنت أسمع عن جدة والشام وفرص العمل هناك في بناء البيوت والعمارات، ولكن عمتي ترفض ذهابي لصغر سني وحرصها الشديد علي، ولكن الفكرة ظلت في رأسي للذهاب هناك.
ولد الحسني بقرية تسمى العريجاء في محافظة القفنذة جنوب غرب السعودية عام 1373هجرية، وتوفي والده وعمره 3 سنوات، ونشأ يتيما في كنف عمته، أما شقيقته فعاشت مع والدته التي لم يعرفها إلا حين بلغ من العمر 12عاما.
ويضيف عشت في "العريجاء" سنوات الطفولة، وكان الغذاء على الحبوب (القمح والذرة)، الذي ينقطع علينا في الصيف وأيام الحر الشديد، وكان منزلنا من القش، أما وسيلة النقل فهي الدواب من الجمال وغيرها، وكانت السيارة نادرة جدا في ذلك الزمن.
المدرسة عشة واحدة
ويتابع بقوله بعد أن وصل عمري 7 سنوات دخلت مدرسة الكدسة الابتدائية، وكانت المدرسة عشة واحدة، وكان التعليم يتركز على القرآن الكريم، وعلى الرغم من حبي للمدرسة فقد درست 6 أشهر فقط؛ لأن الظروف حالت دون ذلك، "حيث عدت للبيت ووجدت أسرتي محملةً العفش وراحلين إلى "بارق"، حيث كانت الأرض قاحلة ولا يوجد بها لا قمح ولا غذاء، وتوجهت مع عمتي إلى "بارق" طلبا للرزق، وعدنا إلى الديرة بعد ذلك، ولكن كان الربيع في بلدة "دوقة" شمال المحافظة والأرض خضراء، ورجعنا من "بارق" إليها حيث التحقت بمدرسة فلسطين وكان الطلاب 15 طالبا فقط.
ويتابع قائلا "مكثت في دوقة شهرين، ثم توجهنا إلى وادي حلي في قرية تسمى "غبيشة" ويسكن بها قريب لي اسمه مناع مصطفى الحسني وسكنا بجواره".
وعن بداية حياته العملية وطبيعة عمله قال عملت وعمري 7 سنوات في زرع الحبوب وحصادها، وكذلك رعي الأغنام والماشية، وأول راتب تقاضيته نصف ريال، ولكن الغداء والفطور كانا على نفقة صاحب العمل، وكنت أعمل وأرجع إلى البيت وإذا كان العمل بعيدا عن البيت أرجع إلى عمتي نهاية الأسبوع، وأما المدرسة فلا يوجد مدرسة بالقرية التي انتقلت إليها، وارتفعت أجرة العمل إلى ريال ونصف الريال.
حكايات جدة والشام
وعن أسباب سفره إلى جدة وكيف تم ذلك، قال الأسباب كانت ظروف المعيشة الصعبة التي عايشتها، وعلى الرغم من أنني كان لدي 14 رأسا من البقر، وطمأنت عمتي أنني لن أسافر، إلا أن الفكرة موجودة، وأما مشاق العمل فأنا تعودت على العمل الشاق وعمري 7 سنوات في أعمال الرعي وحصاد وزرع الحبوب، وكنا نعمل من بعد صلاة الفجر إلى غروب الشمس وبأجرة زهيدة.
وتطرق الحسني لرحلته إلى جدة، وقال في ليلة بعد أن خلدت عمتي للنوم وفي حوالي الساعة 12 ليلا خرجت خفية من بيت عمتي وفي جيبي 10 ريالات، وتوجهت إلى بلدة "الخيع" الواقعة على الطريق حيث تعبر السيارات القادمة من اليمن، وانتظرت على الطريق إلى الساعة 9 صباحا، ثم جاءت سيارة محملة بالركاب وركبت بريال واحد إلى سوق الخميس في القوز، ووصلت القوز وبعدها جاءت شاحنة محملة بالأثاث لتوصيله لمدرسة في محافظة قلوة، ثم تتوجه إلى جدة واصطحبني السائق معه بعد أن شرحت له ظروفي الصعبة.
كان الطريق وعرا وحالته سيئة، ولذلك وصلنا جدة بعد أسبوع، وبدأت العمل في مجال البناء، وكنت أتقاضى 19 ريالا أسبوعيا، ثم عملت حارس عمارة لمدة 6 أشهر مقابل 5 ريالات في اليوم.
قصة قطع الأصابع
ويضيف أنه فكر في السفر إلى الرياض، بعد أن تحدث إليه صديق له اسمه إبراهيم الخالدي، ولكنني رفضت في البداية الذهاب للرياض، حيث كنت أريد الذهاب للديرة وأسلم على عمتي، وبالفعل ذهبت للديرة، وكان عندي قطيع من البقر بعته بـ2800 ريال، وقررت الرجوع لجدة، وعملت في مصنع للنحاس براتب شهري 150 ريالا، ولكن النية للسفر للرياض موجودة وأنتظر الوقت المناسب.
وروى الحسني في حديثه قصة قطع اثنين من أصابعه في مصنع النحاس بجدة، ويقول "غفلت عن آلة المكبس لتضغط على إصبعي حث قطعت واحدا والثاني تم قطعه في المستشفى الذي نقلت إليه، ورجعت للمصنع نفسه بعدما تماثلت للشفاء ورفعوا رتبي من 150 ريالا إلى 250 ريالاً ومكافأة 700 ريال، وكانت معاملتهم لي حسنة جداً وخاصة مدير المصنع حسن أبو العينين.
السفر إلى الرياض وحب الطباعة
وتطرق الحسني لرحلته إلى الرياض فقال استأذنت مدير مصنع النحاس في جدة، وتوجهت للرياض مع صديقي إبراهيم الخالدي، ووصلنا الرياض بعد 3 أيام، وكنت أسمع عن البطحاء وذهبت إليها بالفعل.
وأضاف وصلت البطحاء وجلست على رصيف أمام مطابع المنطقة الوسطى، وشدني عمل آلات الطبع، وخرج من المطبعة رجل وقال تريد العمل قلت نعم، ودخلت معه المطبعة وكلفني بالعمل في التجليد وبراتب 200 ريال شهريا، وبعد 3 أشهر تم نقلي من قسم التجليد إلى قسم الطباعة، ثم عملت في الطباعة براتب 250 ريالا ومكثت بها سنتين.
ويتابع قائلا بعد سنتين من عملي بالمطبعة في الرياض راودتني فكرة الذهاب للمنطقة الشرقية، وبالفعل ذهبت للخبر وعملت في دار الخليج العربي للطباعة والنشر بمرتب 1200 ريال، وتدربت على ماكينات الطبع الجديد الأوفست، والتي كانت نقلة كبيرة في مجال الطباعة، وكانت بداية نجاحي من المنطقة الشرقية.
وعن دخوله العمل الخاص قال الحسني "كان معي 42 ألف ريال، وكان معي زميل اسمه (شقيقي) يعمل في مستشفى السلامة، وعرض علي التجارة وطلب مني 20 ألف ريال وأعطيته، وذهب للبحرين وجاء بالبضاعة، ولم أنم في تلك الليلة، وذهب بمجموعة منها في الصباح وباع كل الكميات وبمبلغ 40 ألف ريال، وحينها تبدل شعوري بشعور آخر، وبدأنا العمل في التجارة، وأما أنا فما زلت أعمل في المطبعة، ووصل رأس مالي أنا وشريكي إلى 700 ألف ريال، بعد ذلك استقل كل منا بذاته.
قصة أول مليون
وعن الحصول على أول مليون في حياته، قال الحسني كان حنيني للرياض مستمرا، وبالفعل عدت إليها ومعي 500 ألف ريال، ومن الصدف وجدت إعلان مساهمة عقارية في العليا، واشتريت بـ300 ألف ريال، والمساهمة الثانية في مخطط حي الشفا، وبعد 6 أشهر ذهبت لمكتب المؤسسة أريد بيع أسهمي في المخطط وأعطيته المسؤول السند، وقال لي "جيب كيس للفلوس وأحضر لي 860 ألف ريال في كيس"، وذهبت به للبنك لإيداع المبلغ، لكن الموظف رفض لعدم وجود هوية معي، وأودعت المبلغ في حساب أحد الزملاء، وكان ذلك في عام 1392هجرية.
وأضاف رجعت للديرة ووجدت عند عمتي ورقة هوية لوالدي، وذهبت بها للأحوال المدنية في القنفذة واستخرجت شهادة ميلاد بموجب تلك الورقة، ورجعت للرياض وفتحت حسابا في البنك الأهلي، وأودعت المبلغ في حسابي الذي شارف على المليون ريال.
الرغبة في إنشاء مطبعة
أما عن توجهه في العمل الحر، فقال الحسني إن طموحي كان أن أفتح مطبعة ملكا لي، وتحقق ذلك بالفعل حيث استأجرت محلا في شارع البطحاء، وفتحت فيه مطبعة، وعملت توسعة للمطبعة بعد ذلك إلى دور كامل، وازداد الدخل السنوي إلى 10 ملايين ريال في السنة.
أما طموحي الآخر فهو المقاولات، وعملت مكتب مقاولات، وعمل معي مهندس من الجنسية العربية، وأول مشروع تسلمناه في حرس الحدود بنجران، وبعدها مشاريع لوزارة التربية والتعليم، وبعد ذلك قررنا أن نغير مسمى المؤسسة إلى شركة شامي الحسني وشركاه، بعد صدور قرار الاستثمار. ثم بعد ذلك تزوجت في عام 1396هجرية.
وأضاف رجعت للقنفذة وإلى بيت والدتي في القوز، وعملت جولة مسح للمحافظة، ومعي مذكرة أدون فيها احتياجات المنطقة، وسجلت مستوصفات وصيدليات وفندقا وفرعا للمطبعة، وفعلا افتتحت المطبعة عام 1403هجرية، وبعد ذلك شجعني محافظ القنفذة ورئيس البلدية لإنشاء فندق، وبالفعل تم إنشاء فندق تهامة.
استثمارات الشيخ الحسني لم تقتصر على الداخل، بل امتدت كما يقول إلى تايلاند وجيبوتي والسودان وأستراليا، و"جلبنا شركات أجنبية للسعودية، حيث تعاقدت مع شركة "بي تي إنتر فيشوري" لعمل مشروع تعليب وتغليف الأسماك، وسيكون في القنفذة، وتكلفته 48 مليون ريال، وسيعطي فرصة للصيادين، وحصلنا على تعاقد لتصدير منتجات المصنع إلى أوروبا واليابان من الأسماك والروبيان".
مواقع النشر (المفضلة)