بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، الحمد لله الذي قدّر فهدى وأخرج المرعى فجعله غثاء أحوى وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم .
ا اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا انك على كل شي قدير .
وبعد
يسرني أن أقدم بين أيديكم سلسلة الدروس الرمضانية وهي بعنوان( تراجم سيدات بيت النبوة) وهي عبارة عن مجموعة حلقات أقدمها في هذا الشهر الكريم .
وأرجو من المشرفين الكرام تثبيت الموضوع لتعم الفائدة
واسأل الله عز وجل أن ينفعني وإياكم بها ويجعلنا ممن يحشر مع نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
الدرس الأول / والده ووالدته صلى الله عليه وسلم
قال عبد المطلب جد الرسول صلى الله عليه وسلم إني نائم إذ أتاني آت فقال: احفر زمزم إن حفرتها لم تندم وهي تراث من أبيك الأعظم .
حتى إذا همّ بالحفر بين ( الصنمين أساف و نائلة ) ولم يكن له من الولد إلا حارث فذهب معه ولكن قريش قامت ضده وأطمعها في القيام قلة الولد فالتفت عبد المطلب إلى ابنه وقال ذد عني حتى أحفر ، فلما حفر ووجد ما وعد به صاح مكبراً .
ويومئذ كان النذر ( ذلك أن عبد المطلب حين اشتغل بحفر البئر وليس له من الولد إلا حارث ولقي ما لقي من قريش نذر لئن ولد له عشرة نفر ثم بلغوا معه بحيث يمنعونه لينحرن أحدهم عند الكعبة ، ولما بلغوا ذلك أراد أن يفي بنذره فلبوا أبناءه طائعين فضرب الأقداح فأتى على عبد الله ، فأخذ عبد المطلب أبنه عبد الله بيد والشفرة بيد أخرى فقالت قريش والله لا تذبحه أبدا حتى تعذر فيه فان قدرنا دفعنا المال كما ان قريش خافت أن تصبح عادة .
فذهب عبد المطلب إلى عرافة خيبر فقالوا: قربوا صاحبكم وعشرة من الإبل وأضربوا عليها وعليه بالقداح فان خرجت على الإبل فانحروها وإن خرجت على صاحبكم فزيدوا .
ذهب عبد المطلب إلى وهب والد آمنه ( عرف وقتها الناس انه تم الفداء ) وطلب ابنته آمنه لابنه عبد الله ، وبعد الزواج بقيت عنده عشرة أيام على الأرجح واتى موعد خروجه مع القافلة فخرج وبعد عدة أيام شعرت آمنه انها حامل وكان يأتيها في المنام انها تلد خير البشر ونبيهم .
سمعت آمنه ذات يوم ان القافلة سوف تصل ففرحت فرحاً شديدا واستعدت لتخبر زوجها الحبيب ولكن عند وصول القافلة لم يأتي إليها عبدالله بل أتى والدها ووالده وأخبراها بأن عبد الله قد مرض ونزل المدينة مع أخيه الزبير وقيل الحارث والزبير أرجح ، وبعد فترة أتى الزبير ينعي والده وأهل مكة بموت عبد الله .
وبقيت آمنه في هذا الحزن حتى ولدت محمد صلى الله عليه وسلم .
فذهبت ثوبيه جارية عبد العزى بن عبد المطلب ( أبو لهب ) فبشرته بالخبر
فاعتقها ( وقيل ان العباس بن عبد المطلب رأى أخاه أبو لهب بعد موته فسأله عن حاله فقال أبو لهب في النار إلا ان العذاب خفف عني لأني أعتقت ثوبيه .
أما آمنه بنت وهب فأرادت أن تقوم مع ولده صلى الله عليه وسلم برحلة إلى يثرب كي تزور قبر الحبيب عبد الله ، وهي في الطريق إذ هبت عاصفة هوجاء مرضت بسببها آمنة ولكن ابنها صلى الله عليه وسلم لم يجزع لعلها بعد هدوء العاصفة تعود صحتها ولكنه كان الفراق المحتوم .
وخيم على الكون صمت رهيب مزقه صوت صبي مروّع مكتوم انحنى على جثة أمه في العراء يناديها فلا تلبي النداء ودفنت في الابواء .
وبكاها صلى الله عليه وسلم وعمره وقتئذ فارق الأربعين .
واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ
الدرس الثاني / أم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها
بعد وفاة آمنه بنت وهب أم النبي صلى الله عليه وسلم والتي كانت الأم والأب له صلى الله عليه وسلم ذهب صلى الله عليه وسلم إلى جده عبد المطلب هذا الرجل الرحيم الذي حاول أن يذود عن أفق الغلام اليتيم تلك الرؤى الحزينة التي تروع صباه ولكن الزائر المرهوب الذي أنتزع أباه وأمه عاد من جديد لينتزع جده عبد المطلب الذي عندما شعر بالموت يدنو منه وصى أبا طالب بمحمد ابن أخيه .
وبقي صلى الله عليه وسلم عند عمه ـ الذي لم يكن غنياً ـ سبعة عشر عاماً ، فقال أبو طالب لمحمد صلى الله عليه وسلم ان خديجة تستأجر أُناس يتاجرون لها وإذا ذهبت سوف تكرمك فماذا ترى؟ قال : ما تراه يا عم .
فذهب صلى الله عليه وسلم إلى خديجة بنت خويلد فأكرمته وذهب رحلته الأولى وعندما عادت القافلة مضى صلى الله عليه وسلم على بعيره قاصداً درا خديجة حتى يبشرها بالكسب الجزيل .
لقد شعرت خديجة بنت خويلد رضي الله عنها بعاطفة غريبة لم تجدها من قبل وعندما حضرت صديقتها نفيسة بنت منية كشفت لها ما تكتم في قلبها فهونت عليها ، وذهبت إلى محمد صلى الله عليه وسلم فسألته فيم عزوفك عن الدنيا والزواج؟ فقال صلى الله عليه وسلم ما بيدي ما أتزوج به ..... فقالت نفيسة على الفور إذا دعيت إلى الجمال والمال والشرف ألا تجيب !!؟؟
فعرف صلى الله عليه وسلم إنها خديجة.
ولم تك إلا فترة قصيرة حتى تلقى صلى الله عليه وسلم دعوة خديجة فسارع إليها ومعه عماه أبو طالب و حمزة ونكحها صلى الله عليه وسلم على صداق قدره عشرون بكرة ، ولما انتهى العقد نحرت الذبائح ودقت الطبول وفتحت دار خديجة للأهل والأصدقاء فإذا بينهم حليمة السعدية قد حضرت لتشهد عرس ولدها الذي أرضعته ثم عادت ومعها أربعون رأساً من الغنم هبة من العروس الكريمة.
واستغرقا في هناءتهما خمسة عشر عاماً وقد أتم الله عليهما نعمته فرزقهما البنين والبنات ( القاسم ، عبد الله ، زينب ، رقية ، أم كلثوم ، فاطمة ) ، ثم كان الحدث الخطير لا في حياة هذه الأسرة فحسب ولا في حياة قريش والعرب وحدهم بل في حياة الإنسانية أجمع !!!
لقد تلقى صلى الله عليه وسلم رسالة الوحي في ليلة القدر فانطلق يلتمس بيته في غبش الفجر خائفاً شاحباً فضمته خديجة إلى صدرها وقالت له إني لأرجو أن تكون بني هذه الأمة ، فذهبت خديجة رضي الله عنها إلى ابن عمها ورقة بن نوفل وحدثته وما كاد يسمع حتى اهتز وقال قدوس قدوس لقد جاء محمد الناموس الأكبر الذي جاء موسى وعيسى وإنه لنبي هذه الأمة .
فوقفت هذه الزوجة العظيمة بجانب زوجها تنصره وتشد من أزره ، حتى أتى عام الحزن وقبل الهجرة بثلاث سنين على الصحيح رجعت نفسها المطمئنة إلى ربها راضية مرضية ودفنها صلى الله عليه وسلم بالحجون ، وكان صلى الله عليه وسلم دائماً يذكرها فقالت له عائشة رضي الله عنها : لقد أبدلك الله خير منها فقال صلى الله عليه وسلم ) والله ما أبدلني الله خيراً منها : آمنت بي حين كفر الناس ، وصدقتني إذ كذبني الناس ، وواستني بمالها إذ حرمني الناس ، ورزقني منها الله الولد دون غيرها من النساء ) 1
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــ
1ـ من حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعاً ، أخرجه الإمام أحمد في مسندها، وابن عبد الرب في ترجمتها بالاستيعاب .
============================================
الدرس الثالث / أم المؤمنين سوده بنت زمعه رضي الله عنها
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير الأنبياء والمرسلين ، اللهم علمنا ما ينفعنا وأنفعنا بما علمتنا وزدنا علماً انك على كل شيء قدير .
بعد وفاة أم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها أصبح صلى الله عليه وسلم يعيش في حزن شديد حتى سعت إليه خوله بنت حكيم السلمية (ذات الهجرتين) فاقترحت عليه أن يتزوج وكان في خاطرها عائشة بنت أبي بكر وسوده فوافق صلى الله عليه وسلم أن تخطبهما فذهبت أولاً إلى بيت أبي بكر رضي الله عنه ثم إلى بيت سوده فصاح أبوها كف كريم فماذا تقول صاحبته ؟ فوافقت سوده رضي الله عنها .
قال تعالى [ وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً ].
وسبب نزول هذه الاية الكريمة إن الرسول صلى الله عليه وسلم أشفق عليها من الحرمان العاطفي فأراد أن يطلقها وفي الإصابة انه صلى الله عليه وسلم بعث إليها بطلاقها فقعدت في طريقه وناشدته أن يرجعها ووهبت يومها لعائشة رضي الله عنها ============================================
مواقع النشر (المفضلة)