صالح الصالح
أعتقد أننا سنظل استثناء في عالم كرة القدم، ولكنه للأسف استثناء سلبي، خصوصاً إذا واصلنا الإصرار على وجود خصوصية رياضية تميزنا عن بقية العالم، متناسين أن كرة القدم منظومة عمل متكاملة تفقد متعتها وإثارتها ويقل حجم مردودها الفني والمادي متى ما استمرت عبارة «إحنا غير».
الاستثناء الذي أتحدث عنه يبدأ من عدد المسابقات المحلية، الذي ارتفعت أسوة بالأسعار المتزايدة لتصل إلى 4 بطولات كروية سنوية، مروراً بلجان الاتحاد، الذين يتناوب أعضاؤها على مناصبها، وكأن السعودية لا تضم سوى الأسماء الموجودة، التي يتكرر اسم الواحد منهم في لجان عدة، وحتى آلية الاستثمار لدينا تدار بطريقة غريبة لا علاقة لها بما يحصل في العالم أجمع، ولعل عدم منح الأندية فرصة بيع حقوقها نقل مبارياتها التلفزيونية وجعلها مجتمعة في ميزان واحد أمر لا يحدث إلا معنا فقط، إذ من غير المنطقي أن يصرف للاتحاد والوحدة 3 ملايين ولا يتم التفريق بينهما، والمبلغ السابق هو ما يصرف للنصر صاحب الجماهيرية الطاغية، والحزم الذي لا يزال يحبو في الممتاز، وكذلك هو ما يدخل خزانة الهلال أحد الأربعة الكبار بالتساوي مع نجران.
أعتقد أن الكثير من الملفات تحتاج إلى إعادة نظر وتطوير وتصحيح أخطاء قبل أن يفرض علينا الاتحاد الآسيوي المزيد من الشروط كما حدث أخيراً، إذ إن تحويل الأندية إلى شركات خاصة وتعيين محاسبين قانونيين من شأنه أن يلغي الكثير من السلبيات التي تعج بها الأندية وتمنح الشرفيين وكذلك الجماهير فرصة الدعم والمؤازرة بأية طريقة وهي تثق في كيفية صرف هذه المبالغ.
ومن الأمور التي يجب في رأيي معالجتها سريعاً طريقة مقدمات عقود اللاعبين المحترفين، وهي التي لا تقرها أنظمة ولوائح لجنة الاحتراف السعودية ولا تعترف بها، وعلى رغم ذلك يتم العمل بها علناً في التعاقدات كافة، إذ أفترض أن يتم إلغاء السقف الأعلى لرواتب اللاعبين والمقرر بـ 15 ألف ريال، وتحويل مقدمات العقود الضخمة إلى رواتب، كما هو حاصل في العالم المتطور كروياً، إذ إننا الوحيدون الذين نمنح اللاعب مقدم عقد ضخم، إضافة إلى رواتب شهرية، وكذلك مكافآت فوز، وأجزم أن تحويلها إلى هذه الطريقة من شأنه الإسهام في إيجاد عقوبة فورية على اللاعب بالخصم منه، وذلك فور حدوث أية مشكلة سواء في التأخر عن التدريبات أو سلوكيات خاطئة، وكذلك في حال انخفاض مستواه الفني، إذ إن الكثير من اللاعبين تتراجع مستوياتهم بداية من إجرائه لعملية «كشف حساب مختصر» لحسابه المصرفي عقب التجديد أو التوقيع لعقد جديد، قائد فريق تشلسي الانكليزي جون تيري مثلاً يتسلم أسبوعياً - بحسب ما هو معمول هناك - 992250 ريالاً سعودياً أقل من المليون بـ 7750 ريالاً، وهو يصنف على أنه أعلى راتب في العالم، وهو حريص جداً على رفع هذا الراتب في العقد الجديد، لذا يلتزم بتدريباته الصباحية والمسائية، ويقوم بكل متطلباته كلاعب كرة قدم محترف، حتى لا يخسر أي «باوند» من راتبه، وهكذا يجب أن يكون المحترف السعودي.
كل ما أتمناه أن نسمع قريباً أن راتب اللاعب السعودي وصل إلى 200 ألف ريال شهرياً بشرط صرفه في موعده، وبعدها فلنحاسبه بقوة متى ما ردد: «آسف تأخرت على التدريب وراحت عليّ نومة».
*نقلاً عن صحيفة "الحياة" اللندنية
مواقع النشر (المفضلة)