بسم الله الرحمن الرحيم
نقش شمال وادي الأحسبة عثرت عليه "الوطن" يرجع تاريخه للقرن الثاني الهجري وفقا لخصائصه
المخواة: ناصر الشدوي
عندما تقف على أحد الجبال المطلة على وادي "الأحسبة" الذي يقع على بعد 20 كيلا جنوب غرب مدينة المخواة في المنطقة التهامية من منطقة الباحة جنوب المملكة يأخذ المنظر أفكارك إلى القرن الأول الهجري، كما تشير بعض النقوش التاريخية لشواهد السلاطين الذين كانوا أمراء أو شيوخ القبيلة التي كانت تسكن بالقرب من ماء وغابات هذا الوادي.
والأحسبة أو الحسبة ـ بفتح الحاء والسين والباء ـ كما أورده الحموي وكذلك ابن خرداذبة عند ذكره لأسماء مراحل الطريق من خولان ذي سحيم إلى مكة ـ هو واد كبير يصب فيه أكثر من 20 واديا وشعيبا من جبال السراة ومن تهامة يتجه بها الوادي إلى البحر الأحمر، ولكثرة هذه الأودية والروافد التي تصب فيه جعلت منه قطعة خضراء وغابات تغطي جميع جنباته، كما أن مياهه لا تنقطع وهي دائمة الجريان الأمر الذي جعل حضارات قديمة تقوم بالقرب من جريان هذا الوادي، كتلك التي سماها المؤرخ حسن الفقيه في كتابه "مخلاف عشم.. محلة الأحسبة الجنوبية" والتي تظهر من خلال المخلافات الأثرية بها والنقوش الشاهدية المؤرخة ما بين سنة 571هـ إلى 590هـ، كشاهد السلطان محفوظ بن بدر بن محسن بن يحيى آل عويد المتوفى ـ حسبما أرخ له على قبره ـ ((يوم السبت يوم سبعة عشر من شهر ذي الحجة سنة سبع وثمانين وخمسمئة)).
وفي الجزء الشمالي من الوادي تقع المحلة الشمالية أو ما يسمى اليوم (بالعصداء)، وبها أطلال ونقوش شاهدية ترجع إلى القرن الأول والثالث الميلادي تقريبا كما ذكر المؤلف الآنف الذكر، كالنقش الذي وجد على أحد القبور وقد كتب عليه ((اللهم اغفر لأبي فروة بن أبي عطاء ما تقدم وما تأخر)) كما يوجد بالمخلاف بعض الرحى المكسورة والتي كانت تستخدم لطحن الصخور التي تحتوي على المعادن.
كما يقع في الجهة الشرقية من الوادي ثغر الشريف بركات كما يسمى اليوم، وهي قلعة حربية كما تبدو من طريقة بنيانها فقد بنيت كغرف متراصة يفتح بعضها في بعض تصل إلى 20 غرفة وفوقها مثلها أيضا لتصل قرابة 40 غرفة، وفي الجهة الشمالية للقلعة يقف مبنى مستقل ربما كان للباشاوات والضباط الذين يشرفون على جند القلعة الحامية والقلعة بنيت على تلة جبلية حصينة تشرف على وادي الأحسبة مما يدل على أنها كانت ثكنة لجند الشريف في العهد العثماني على الحدود مع إمارة آل مجثل حاكم عسير آنذاك.
وكانت "الوطن" عثرت على نقش تاريخي جديد شمال الوادي وعلى بعد قرابة خمسة كيلومترات داخل سلسلة الجبال الشمالية للوادي على قمة جبل عال، كما وجدت بقايا لأساسات ثلاثة منازل منهارة وقطعا لأوان فخارية فوق النقش وحملت صورها إلى المؤرخ حسن إبراهيم الفقيه الذي أوضح أن النقش يعود للقرن الثاني أو الثالث الهجري حسب خصائصه.
وعندما سألنا الفقيه عن تسميات المحلة الجنوبية والمحلة الشمالية قال: لقد سألت بعض السكان الذين يسكنون بالقرب من هذه المحلة فقالوا نحن لا نعرف اسما لهذه الإطلال سوى مسمى (خرايب بني هلال).
وأضاف الفقيه أن الناس هناك يطلقون مسمى "خرايب بني هلال" على كل قرية قديمة ومهجورة, وفي كلتا المحلتين توجد بقايا لمنازل ما تزال أساساتها قائمة إلى يومنا هذا, وهناك عدد من المقابر في المحلتين يوجد على بعضها نقوش شاهدية تتضمن أسماء السلاطين والسلطان.
ويعتقد الفقيه أيضا أن سكان المحلتين اتخذوهما بديلا عن قرية عشم قاعدة المخلاف وذلك بعد اندثار تلك القرية في منتصف القرن الخامس الهجري ،واستدل بوجود نقشين شاهدين لسلطانين ورد في نهاية سلسلة اسميهما اسم (عبدالله بن عويد) ونحسبهم ـ والكلام للفقيه ـ من أسرة (عويد) بيت الإمارة في عشم.
منقول صحيفة الوطن15/08/2008
مواقع النشر (المفضلة)