[CENTER]
--------------------------------------------------------------------------------
منهج السلف بل منهج الانبياء في النصيحة كما جاء في شرح الشيخ فالح بن محمد الصغير -حفظه الله تعالى -
لحديث الدين النصيح من كتاب الأربعين النووية) حيث قال ما نصه:
ونحن نتكلم عن النصيحة لابد أن نشير إلى بعض الأمور: من الأمور التي يشار إليها بإيجاز آداب النصيحة، كما عرفنا
أهمية النصيحة وعظم شأنها في دين الله -عز وجل- فآدابها كثيرة فأهمها:
الأمر الخامس:
من الآداب الجمة استخدام الألفاظ الطيبة، الكلام الحسن، القول اللين في هذه النصيحة،
يكفى أن نضرب مثالا واحد: الله -سبحانه وتعالى- لما أرسل
موسى وهارون إلى فرعون ماذا قال؟ : ﴿فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا ﴾ لماذا؟ ﴿لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾ [طه : 44]
، الله -سبحانه وتعالى- هو ما يعلم إن فرعون لن يتذكر، ولن يخشاه، يعلم -سبحانه وتعالى- فلماذا قال؟
﴿فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا ﴾ وقال: ﴿لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾ [طه : 44]، إنما ليرسم منهجا لهذه الدعوة، لهذه
النصيحة: أن تكون بالقول اللين؛ لكي تؤتي ثمارها، وإلا فالله -سبحانه وتعالى
يعلم أن فرعون لن يتذكر، ولن يخشى، ولن يأتي أطغى من فرعون؛ لأنه قال: أنا ربكم
الأعلى، ولن يأتي أفضل من موسى وهارون، سوى محمد صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك قال: ﴿فَقُولَا
لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا ﴾ ما قال: خذ عصا واضربه، ما قال: تحدث أو تكلم معه بألفاظ قويه ومشينا، واجعله ما
يسوى شيء، فيه وما لا فيه من الأشياء المشينة، لا، قال: ﴿فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾
[طه : 44]، مع سابق علم الله -عز وجل- أنه لن يتذكر، ولن يخشى، وأنه أطغى الطغاة، وأن الله -
سبحانه وتعالى- جعله عبرة إلى يوم القيامة، فما بالك بأخيك المسلم الذي أمن بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد -
صلى الله عليه وسلم- نبيا ورسولا، وفيما ترى أنت عليه بعض المخالفات ألا تقول له: قولا
لينا، ما بالك بمسئولك في العمل، ما بالك بأستاذك، ما بالك بزوجتك، بأولادك وجيرانك، هل هؤلاء لا
يستحقون القول اللين ويستحقه فرعون؟! لذلك الله -سبحانه وتعالى- يرسم لنا منهج في الدعوة إلى الله في
النصيحة أن تكون بالأسلوب الحسن والحكمة، ووضع الشيء في موضعه وهكذا؛ ولذلك يقول الله -سبحانه وتعالى- :
﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾.
نأسف أننا نتكلم عن المدرسين بعض الشيء، المدرس تقوله له: لماذا أنت مكفهر الوجه أو المدرسة
، قال: والله الطلاب أو الطالبات لا يستحقون إلا العصا، وهناك بعض أساتذة المرحلة الابتدائية معه عصا، قد يكون معه
عصا للتهييب لا بأس، لكن لماذا تكون مكفهر الوجه، لماذا تكون سيف مصلت؟! لماذا يكرهونك طلابك؟! لماذا البنات
يكرهن معلمتهن؟! لهذا السبب، لو حاروا وداروا لا يمكن لو كانت المادة العلمية قليلة، إنما الأسلوب حسن لا يكره هذا
المعلم وتلك المعلمة، لا يكرهون للأسلوب الحسن، ويكرهون للأسلوب المشين، والتعامل باللفظ الغليظ، كأن
الإنسان يتعامل من سطح عالٍ مع هؤلاء؛ ولذلك حتى بعضهم يتجاوز، ويقول: لا، هؤلاء إذا أعطيتهم الدرجة كاملة هذا
لا يستحقون، لازم أنقص الدرجة من أجل أن يجتهدوا أكثر، لا، هذه حقوق ويجب أن يكون هدف التعليم والتربية كما هو
الأصل، لا يكون هدف التعليم والتربية أن أظهر شخصيتي وأنا ما مثلى أحد، وأنا الذي أقوم وأفعل وأترك والجميع يتبع
لي، فالمعلمة تعامل الطالبات بسوء الظن، فإذا التفتت إحداهن للأخرى فسرت ذلك بسوء ظن وحاسبتها وشددت
عليها، وكذلك معاملة المعلم للطلاب.
المهم أن نستخدم في تعليمنا في تربيتنا في نصيحتنا الأسلوب الحسن واللين، وهب أنه هذا ابنك، مادام
طالبا عندك وما دامت الطالبة عند معلمتها هي ابنتها وتعاملها كما تعامل ابنتها في البيت، إذًا من أهم
العادات لتؤتي النصيحة ثمارها هي ؟ الأسلوب الحسن، والقول اللين كما شرع ربنا -جل وعلا- هذه الآداب كفيلة بإذن الله أن تعطى آثارا إيجابية كبيرة للنصيحة.
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه
كما أسأله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وبصفاته العليا، أن يوفقنا للنصح على طريقة الأنبياء ويرزقنا اتباع
منهجهم في الدعوة إلى الحق كما قال تعالى:
لموسى وهارون (اذهبا إلى فرعون إنه طغا *فقولا له قولا لينا *لعله يتذكر أو يخشى)) فما أحوجنا إلى التسنن بهماوالسير على نهجهما .
واذكركم ونفسى بمقولة
وقال عبد الله بن المبارك رحمه الله: "من تهاون بالأدب عوقب بحرمان السنن، ومن تهاون بالسنن عوقب بحرمان
الفرائض، ومن تهاون بالفرائض عوقب بحرمان المعرفة". ...
مواقع النشر (المفضلة)