أي الأجيال نبني ؟
يعد هذا السؤال من أكثر الأسئلة التي يجب أن توجهها المعلمة لنفسها
عندما تبدأ العمل في المجال التربوي ، فبعد أن تحدد الهدف الذي من
أجله عملت في مهنة التدريس ، ألا وهو تربية و تعليم أبناء وطنها
فعليها أن تتساءل بعد ذلك أي الأجيال تبني ؟!
هل هي تبني أجيالا كل هدفها تحقيق النجاح ، و التقدم الدراسي فقط
أم أنها تريد أن تنشيء أجيالا قادرة على تقدم الأمة و المجتمع الذي تنتمي إليه بكل ما تعنيه كلمة تقدم سواء كان تقدم علمي أو أخلاقي
فعلينا أن نضع في اعتبارنا عندها أن ننشيء أجيالا قادرة على تحديدأهدافها في الحياة .
ما معنى تحديد الهدف ؟
المقصود بتحديد الهدف أن يكون لنا أمنية في الحياة أو غاية نخطط و نبذل كل جهدنا سعيا لتحقيقها .
لماذا يجب أن نهتم بتربية أطفالنا على تحديد الهدف ؟
تشير الإحصاءات إلى أن عدد الأطفال في الوطن العربي يشكلون نسبة كبيرة من السكان ، ولا يخفى على أحد أن ما نزرعه في الطفل عند الصغر سنحصد نتيجته في الكبر عندما يكونوا شبابا لذلك فإن علماء الاجتماع عادة ما يقومون بدراسة تطبق بنسبة كبيرة تدور الدراسة حول اهتمامات الشباب في أمة من الأمم فإذا ما كانت اهتمامات الشباب في تلك الأمة هل هي نافعة و ذات أهمية فإن هذه الأمة ستزدهر و تبقى نهضتها فترة من الزمن ، و إن كانت اهتمامات الشباب سطحية وغير نافعة فإن تلك الأمة لن يدوم رقيها و نهضتها ، فكيف إذا يكون عندنا الأجيال الواعية
التي تتحمل مسئولية بناء نهضة بلادها والحفاظ عليها ؟
هل تصلح المرحلة التأسيسية لتعلم كيفية تحديد الهدف ؟ \\
تشير الدراسات إلى أن الدول المتقدمة و منها الولايات المتحدة الأمريكية تقوم بتخصيص حصة أسبوعية للأطفال من سن 8 إلى
سن 12 سنة تسمى " حصة حدد هدفك في الحياة "
تدور الحصة حول مناقشة الأطفال فيما يرغبون في تحقيقه في المستقبل ، ثم معاودة نقاشهم بعد فترة في الخطوات الجادة التي
اتخذوها لتحقيق أهدافهم ، إذا فالمرحلة العمرية لأبنائنا في المرحلة التأسيسية لن تكون عائقا أمام تربية أبنائنا على تحديد الهدف خاصة
و نحن نعلم أن الدراسات تشير إلى أن الطفل العربي من أذكى أطفال العالم و أننا نمتلك في مجتمعاتنا قيم إسلامية ، و عادات طيبة قد لا تتوفر في غيره ،وكل ما ينقصنا هو مزيد من الاهتمام بأبنائنا ،و الشعور
بمدى أهميتهم .
كيف نربي أبنائنا على تحديد الهدف في حياتهم ؟
لكي ننجح في تنشئة و تربية أجيال قادرة على تحديد أهدافها في الحياة
علينا باتباع عدة خطوات تتلخص في :
1 ــ المثال للقدوة الجيدة
على المعلمة أن توضح الأمثلة لأشخاص كانت لهم أهداف نافعة
و مفيدة في الحياة نجحوا في تحقيقها مثل " قصة الطفلين معاذو معوذ وهدفهم في الدفاع عن النبي محمد " صلى الله عليه وسلم " . أو قصة حكام و شعب الإمارات في تحقيقهم لهدف الاتحاد و بناء دولة الإمارات العربية المتحدة .
2 ــ أن توضح المعلمة للطالبة أنه لكل عمل نؤديه قصد وغاية وهدف .
3 ــ التواصل بين المدرسة و الأسرة عن طريق الرسائل و اجتماع
مجلس الأمهات و محاضرات للأمهات بغرض توضيح الدور
الذي يجب أن تلعبه الأسرة مع المدرسة في تنشئة الطفل على
ضرورة تحديد الهدف .
4ــ مناقشة الطالبات عن طريق الاستقصاءات و التحاور مع الطالبات
حول طبيعة أهدافهن و ما يجب أن تفعله الطالبة لتحدد و تحقق
هدفها ، وما هي الأهداف التي يجب أن تسعى الطالبة لتحقيقها .
5 ـــ تعليم الطالبات مدى أهمية الوقت وأنه أغلى الإمكانات المتاحة
وأنه مورد لا يمكن تعويضه واستغلاله .
6 ـــ أن تعرف الطالبة أسباب اختيارها لهذا الهدف بالتحديد .
7 ــ أن تعرف ما هى التحديات ( الصعوبات ) التي تواجهها في تحقيق الأهداف ( الخـــــــــوف / عدم الثقة في النفس ) .
8 ـــ ربطالأهداف بقيم عليا ( تريد أن تكون طبيبة ، لماذا ؟ لتعالج المرضى و تخفف آلامهم فتكون رحيمة بالناس كما أمرنا الله تعالى ، ........... )
9 ــ تجزئة الهدف( لكي تكوني طبيبة عليك بالجد في دراستك و بأن تقرأي كثيرا ، و أن تطيعي الله حتى يوفقك ....) ،
و بالتالي نتمكن من شغل أوقات بناتنا بأشياء نافعة تبعدهم عن تيار الغزو الفكري لعقولهن البريئة
المشكلات
من المؤكد أن المعلمة المربية ستواجهها بعض المشكلات إذا ما بدأت توجيه الطالبة إلى ضرورة تحديد الهدف ، و ذلك بسبب الغزو الثقافي و الفكري من خلال وسائل الإعلام ، وتأثير التعامل مع جنسيات تختلف بيئتها عن البيئة التي نشأنا فيها .
* ماذا لو قال الطالب أريد أن اتحول مثل أبطال الديجيتال ؟
نظرا للتأثير الواضح للأفلام الكرتونية على الأطفال فإن أهدافهم في هذه المرحلة العمرية المتقدمة غالبا ما تكون متأثرة بها فمثلا قد نجد من تقول اتمنى أن أكون مثل " سنووايت " ، أو من يقول أرغب أن اتحول مثل " أبطال الديجيتال " ،أو أطير في الجو مثل"سبايدرمان " هنا يجب أن نوضح للطفل أن هذه شخصيات خيالية و أن هذا لا يحدث إلا في الرسوم فقط حتى نتسلى بها و نبدأ في توجيه الطفل إلى قضاء وقته في أشياء نافعة تدريجيا حتى لا يكون محور اهتمامه مشاهدة الأفلام الكرتونية فقط .
* قد يرى البعض أن هذا دور الأسرة خاصة أن مشاهدة الأفلام لا تتم إلا في المنزل ، لكن ماذا لو أن الأسرة لا تنتبه لهذا الأمر فأين دورنا كمؤسسة تربوية إن الأمر لن يحتاج أكثر من رسالة للأهل أو محاضرة
توضح أهمية الوقت و مخاطر الأفلام الكرتونية خاصة أن هناك بعض الحوادث حدثت للأطفال بسبب تقليدهم لهذه الشخصيات .
* ماذا لو قالت الطالبة أريد أن أكون مثل المغنية ........... ؟
علينا وقتها أن نوضح لها أن المغنيات كثيرات و إذا كانت المغنية يتحدث عنها كل الناس و يعرفونها إلا أنها لم تنفع إلا نفسها وهناك أيضا أناس آخرين يتحدث عنهم الناس و قد نشروا الخير و أعانوا الناس و يحبهم الناس ، مع ذكر أمثلة لبعض النماذج .
كيف نتمكن من تنشئة أجيال لها أهداف نافعة ؟
1 ــ غرس حب الله و رسوله " صلى الله عليه وسلم " في نفوس الطالبات .
2 ــ تنشئة الطالبات على الأخلاق الفاضلة كالصدق ، و الإحسان ،
والصبر ، و بذل المعروف ، و نصرة المظلوم .
3 ــ إشعار الطالبة بضرورة تحملها المسئولية عن نتائج اختياراتها
" يتم ذلك بتوجيه من الأسرة " .
4 ــ تخليص أذهان الطالبات من الأوهام والمعتقدات و الأفكار الخاطئة
التي جاءوا بها من بيئاتهم الخاصة .
5 ــ تعزيز الاحترام للمعرفة ،وبيان دورها في تقدم الأمم .
6 ــ تنمية ثقة الطالبة بنفسها ، و قدرتها على تغيير بعض الأهداف
أو تأجيلها إذا ما و اجهتها بعض الصعوبات في تحقيقها .
7 ــ تدريب الطالبة على تقليد الآخرين في الأشياء التي تفيدنا و تلائم
ديننا ، و أخلاقنا فقط .
8 ــ توضيح أهمية العمل لكل إنسان من خلال ذكر بعض قصص المخلوقات التي تجتهد في عملها ( النحلة / النمل ........ ) .
9 ــ توجيه الأسرة إلى ضرورة متابعة الطالبة من حيث
( اختيار صديقاتها / تنمية مواهبها / توفير الاحتياجات التي يمكن
توفيرها لتحقق الطالبة أهدافها …….)
أمثلة على نماذج نجحت في تحقيق أهدافها
1 ــ رسولنا الكريم محمد " صلى الله عليه و سلم " حيث نجح في نشر
الإسلام و تغيير أخلاق الجاهلية .
2 ــ صحابة رسول الله " صلى الله عليه وسلم " عندما نجحوا في نشر
الإسلام خارج شبه الجزيرة العربية .
3 ــ محمد الفاتح الذي فتح القسطنطينية و عمره تسعة عشر عاما .
4 ــ صلاح الدين الأيوبي عندما نجح في تحرير المسجد الأقصى
من الصليبيين .
5 ــ الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان " رحمه الله " عندما نجح في تحقيق
هدفه بتكوين دولة الإمارات العربية المتحدة .
6 ــ الدكتور أحمد زويل عندما نجح في تحقيق هدفه بأن يكون عالم
ناجح .
7 ــ الأستاذ / عيسى عبده عندما نجح في تكوين مجموعة من البنوك
الإسلامية .
* و النماذج كثيرة و لا يسع المجال لذكرها ....
التوصيات
1 ــ تخصيص حصة كل أسبوع أو أسبوعين لتوجيه الطالبات إلى تحديد
أهدافهن مع ترك المجال للتعبير عن آرائهن و التدخل أحيانا
لتوضيح بعض الأهداف التي يمكن أن تضعها الطالبة لنفسها "
النجاح / التفوق / نهضة وطني / طاعة والدي َّ و إرضائهما /
دخول الجنة ........... "
2 ــ تشجيع الطالبات اللاتي يحققن خطوات واضحة نحو تحقيق
أهدافهن عن طريق الجوائز الرمزية أو شهادات التقدير .
3 ــ مراسلة أولياء الأمور و التواصل مع الأمهات لتوضيح أهمية
الفكرة .
الخاتمة
قال تعالى : (( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون …. ))
وقال رسول الله " صلى الله عليه وسلم "(( إنما الأعمال بالنيات ))
من منطلق العمل بهذه الآية الكريمة و الحديث الشريف قدمت هذاالطرح المتواضع داعية الله عز وجل أن أكون وفقت لتحقيق هدفي منه و ان يكون عملا صالحا ألقى به الله تعالى يوم لا ينفع مال ولا بنون ، و أن يرزقنا الله وإياكم إخلاص النية لله تعالى قولا و عملا .
مواقع النشر (المفضلة)