بسم الله الرحمن الرحيم
أي الغادين أنت ؟!
(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا) سلام الله عليكم ورحمته وبركاته وأسأل الله الذي جمعنا وإياكم في هذا المسجد أن يجمعنا وإياكم في هذه الحياة على الإيمان ثم يجمعنا بكم أخرى سرمدية أبدية في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر أيها الأخوة في الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل وأن نقدم لأنفسنا أعمالا صالحة تبيض وجوهنا يوم نلقى الله عز وجل (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون)
الأمر جد وهو غير مزاح *** فاعمل لنفسك صالحا يا صاح
كيف البقاء مع اختلاف طبائع *** وقرور ليل دائما وصباح
تجري بنا الدنيا على خطر *** كما تجري عليه سفينة الملاح
تجري بنا في لج بحر ما له *** من ساحل أبدا ولا ضحضاح
فاقضوا مآربكم عجالا إنما *** أعماركم سفرا من الأسفار
وتراكضوا خيل الشباب وبادروا *** أن تسترد فإنهن عوار.
في الصحيح عن [أبي ذر] قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إني أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون أَطَّت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع إلا وفيه ملك ساجد أو راكع والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا و لما تلذذتم تط بالنساء على الفرش ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله" وفي رواية [المنذر]" ولحثوتم على رؤوسكم التراب " يوم روي هذا الحديث [أبو ذر] رضي الله عنه بكى وأبكى وقال وددت والله أني شجرة تعضد. ويقول [عبد الله بن عمرو بن العاص] والله لو تعلمون حق العلم ما تلذذتم بلذيذة ولقام أحدكم بين يدي ربه حتى ينكسر صلبه ولصاح حتى ينقطع صوته فلا إله إلا الله .
الموت آت والنفوس نفائس *** والمستغر بما لديه الأحمق
الموت باب وكل الناس سيدخلون من هذا الباب وما من باب إلا و بعده دار .
لا دار للمرء بعد الموت يسكنها *** إلا التي كان قبل الموت يبنيها
فإن بناها بخير طاب مسكنه *** وإن بناها بشر خاب بانيها
الموت باب وكل الناس داخله *** يا ليت شعري بعد الموت ما الدار
الدار دار نعيم إن عملت بما *** يرضي الإله وأن فرطت فالنار
فلا إله إلا الله كتب الموت على كل شيء واختص نفسه سبحانه بالبقاء كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام. في صحيح [البخاري] من حديث [أبي سعيد] رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا وضعت الجنازة واحتملها الرجال على أعناقهم فإن كانت صالحة قالت قدموني قدموني قدموني وإن كانت غير ذلك صاحت بصرخات تقض المضاجع يا ويلها أين تذهبون بها لما ترى من العذاب فيسمع صوتها كل شيء إلا الثقلين الإنس والجن " وتفزع البهائم فزعاً يلاحظه من يتابع سير البهائم بلا سبب فلعل ذلك مما تسمعه ولا نسمعه نحن من صرخات المفرطين التي تقض المضاجع أما والله لو حملنا جنازة من الجنائز ثم سمعنا تلك الصرخات يا ويلها أين تذهبون بها لصعقنا ولا ما تدافنا ولا ما حملنا جنازة أبداً ولقد خشي هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا كما في الصحيح يوم يقول" والله لولا ألا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر ما أسمع " وهاهو صلى الله عليه وسلم كما في المسند من حديث [البراء] يرى أناساً مجتمعين فيسأل عن سبب اجتماعهم فقيل على قبر يحفرونه على ذاك المصير الذي لابد لكل واحد منا أن يسكنه كبر أم صغر عز أم ذل فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم فزعاً مسرعاً حتى انتهى إلى القبر فجثى على ركبتيه ثم بكى طويلا ثم رفع رأسه فإذا دموعه تتحجر على لحيته فقال" أي إخواني لمثل هذا فأعدوا أي إخواني لمثل هذا فأعدوا."
إلى كم ذا التراخي والتمادي *** وحادي الموت بالأرواح حادي
فلو كنا جماد لاتعظنا *** ولكن أشد من الجماد
تنادينا المنية كل وقت *** وما نصغ إلى قول المنادي
وأنفاس النفوس إلى انتقاص *** ولكن الذنوب إلى ازدياد
إذا ما الزرع قارنه اصفرار *** فليس دواءه غير الحصاد
كأنك بالمشيب وقد تبدى *** وبالأخرى مناديها ينادي
وقالوا قد قضى فقر *** عليه سلامكم إلى يوم التناد
أحبتي في الله .. لماذا خلقنا ومن أين وإلى أين ما الهدف؟ ما الغاية؟ ما الحكمة من هذا الخلق؟ إن لكل شئ حكمة وضعها الله عز وجل عرفها من عرفها وجهلها من جهلها الشمس من حكمها أنها تضئ للبشر والمطر ينبت الأرض والحيوانات لتركب ولتأكل وزينة ويخلق ما لا تعلمون وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس كل شئ في الوجود لحكمة من أصغر ذرة إلى أكبر مجرة فما الحكمة من خلقك أيها الإنسان ما الحكمة من خلقك أيها الإنسان ألتذبح الحيوانات لتأكلها؟ ألتبس أبهى اللباس ؟ألتسكن أحسن الدور والقصور؟ ألتنكح أجمل الزوجات لتتمتع بهن؟ ألتنام على الوثير ولتتنعم ألتركب أفخم السيارات ؟لا والذي رفع السماء بلا عمد ما خُلِقْنَا إلا لعبادة الله الواحد الأحد القائل (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون) والقائل سبحانه (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم ) جعل الله لنا طريقا مستقيما فقال سبحانه (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون ) ليس هذا فحسب بل أرسل إلينا رسولا هو خاتم الرسل صلى الله عليه وسلم صاحب اللواء يوم العرش وأول من تنشق عنه الأرض فجاء صلى الله عليه وسلم بأعظم معجزة بأعظم معجزة عرفتها الأمم ألا وهي القرآن من استنار بنوره قاده إلى الجنة ومن جعله خلف ظهره ساقه إلى النار من التمس الهداية فيه هداه الله ومن التمس الهدي في غيره أضله الله وأهانه الله ومن يهن الله فما له من مكرم فما حالنا مع هذا القرآن وما حال أبنائنا مع هذا القرآن مع كلام الله جل وعلا هل علمناه أبناءنا هل دفعناهم إلى المساجد ليتعلموا كلام رب العزة والجلال إن كنا كذلك فأبشروا بالعزة والنصر في الحياة ،والسعادة يوم تلقون الله عز وجل وإن كنا غير ذلك فإن من جعله خلف ظهره ساقه إلى النار نسأل الله العافية من النار ومن دار القرار. جاء صلى الله عليه وسلم بالقرآن ليقطع الطريق على كل مبتدع وكذاب وأفاك ومدع للنبوة . صلى الله عليه وسلم فلا نبي بعده فخلد الله دعوته وخلد الله رسالته وجاء المدعون للنبوة في عهده ومن بعده فما جعل الله لدعوتهم أثر لأنها دعوة باطل والباطل ساعة والحق إلى قيام الساعة جاء المدعون للنبوة من بعد فاندحروا بالقرآن جاء [مسيلمة] فبما لقب ، لقب بالكذاب وإلى اليوم وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وجاء [الأسود العنسي] فباد هؤلاء وسادت رسالته صلى الله عليه وسلم بالحق فما على وجه الأرض أحد يقول أشهد أن مسيلمة رسول الله لكن على وجه الأرض ألف مليون مسلم في الجملة كلهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم بل فوق ذلك أجرى أحد العلماء دراسة على خطوط الطول والعرض على الأرض فأثبت أن ما من دقيقة تمر الآن إلا ومئذنة على وجه الأرض يسمع عليها أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن سيدنا محمدا رسول الله (فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) فلا إله إلا الله أيد الله رسوله بالقرآن وبما يزيد على مئات المعجزات الظاهرات القاهرات ها هو [ الإمام أحمد] في مسنده يروي" أن راعياً خرج بغنمه إلى الفلاة في يوم من الأيام وجاء ذئب فعدى على شاة فانقض عليه الراعي فأمسك بالشاة وأخذها من فم الذئب فما كان من الذئب إلا أن تأخر وأقعى على ذنبه وتكلم كلام الإنس وقال أما تتقي الله تأخذ رزقاً ساقه الله إلىّ فقال الراعي يا عجبي ذئب يتكلم قال الذئب وأعجب من ذلك محمد بشر يخبرك بأنباء من سبق فما كان من هذا الرعي إلا أن أخذ غنمه وانطلق بها إلى مسجد المصطفى صلى الله عليه وسلم ليدخل إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم ويخبره الخبر فينادي النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة جامعة لاجتماع الناس فيجتمع الناس فيقول صلى الله عليه وسلم لا تقوم الساعة حتى تكلم السباع الإنس" ولقد كلمت السباع الإنس على عهد محمد صلى الله عليه وسلم ، الذي قال بعثت أنا والساعة كهاتين وأشار بإصبعيه صلى الله عليه وسلم فماذا يقول من كان بعده بأربعة عشر قرنا نسأل الله أن يحسن الحال ، ليس هذا فحسب ، روى [البخاري] [ومسلم] عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "أن أهل مكة سألوه آية على قدرة الله عز وجل ليؤمنوا كما ادعوا فسأل ربه آية فانفلق القمر فلقتين فلقة على جبل وفلقة على جبل آخر فقالوا سحر أعيننا محمد واستكبروا وصدوا وندوا وقال المنصف منهم نذهب إلى أهل البوادي فنسألهم هل رأوا ما رأينا فذهبوا إلى البادية وسألوهم قالوا إي والله قد انفلق فلقتين في تلك الليلة فقالوا مصدين ومعرضين سحر عم البادية والحاضرة" فأنزل الله (اقتربت الساعة وانشق القمر وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر) وهاهو صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم لا يمر على شجرة قبل أن يبعث إلا وقالت السلام عليك يا رسول الله ولا يمر على حجر إلى قال السلام عليك يا رسول الله جماد آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم وبشر صدوا وندوا عنه صلى الله عليه وسلم ولذا يقول صلى الله عليه وسلم بعد أن أصبح <بالمدينة>" والله إني لأعرف حجراً <بمكة> كان يسلم علي قبل أن أُبعث" ليس هذا فحسب روى [مسلم] عن [جابر بن عبد الله] رضى الله عنه "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوما من الأيام في فلاة ليقضي حاجته قال فتبعته بماءٍ له قال وإذ به يأتي إلى واد على شاطئيه شجرتان قال فلم يجد ما يستتر به فذهب إلى إحدى الشجر وأمسك بأغصانها وقال انقادي بإذن الله قال فوالله لقد انقادت وراءه كما ينقاد البعير المغشوش الذي في أنفه رباط يسحب به ثم ذهب إلى الثانية ثم وضع يده عليها وقال انقادي بإذن الله فانقادت معه حتى جاءت وأصبح بينها فقال التئما عليَّ بإذن الله فالتأما عليه حتى لا يرى صلى الله عليه وسلم وهو يقضي حاجته قال ثم ذهبت مولياً لئلا يبتعد المصطفى صلى الله عليه وسلم إذا رآني وإذا به ينتهي من قضاء حاجته ثم يقول للشجرة الأولى ارجعي قال فترجع بأمر الله إلى مكانها وترجع الثانية إلى مكانها" آيات ومعجزات ظاهرات بينات لكن يا أيها الأحبة صدق قوم بذلك وآمنوا فأطاعوا الله ورسوله فكان لهم ما قاله الله جل وعلا (ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليماً)
فضيلة الشيخ / علي عبد الخالق القرني
مواقع النشر (المفضلة)