( آثار المعاصي الحسية على البدن)
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أفضل خلقه أجمعين وبعد :
أخي الكريم... اعلم أن هناك عقوبات وآثار تحل بالبدن بسبب المعاصي والذنوب :
ومن النعم التي تؤثر فيها المعاصي ، إما بزوال أو نقصان : نعمة العافية في الأبدان ، فالصحة وسلامة
الإنسان من الأمراض ، من أعظم النعم التي ينعم الله بها على العبد ، سواء سلامته من الأمراض
العضوية أو النفسية أو الروحية ، والذي يتأمل في حال أكثر المرضى والمصابين بالعلل الخطيرة ،
والأمراض الفتاكة ، يجد أن أسباب إصابتهم بها المعاصي والذنوب ، ومخالفة أمر علام الغيوب ، فمثلا
كثير من أنواع السرطان ، سرطان الرئة واللثة و أمراض القلب والشرايين وغيرها ، ما هي أسبابها
إنه هذا الدخان الخبيث ، الذي لم يقتصر تأثيره على ما سبق ، فله تأثيرات كثيرة وخطيرة جدا ، بل ذكر
الأطباء أنه يؤثر حتى في ماء الرجل ، وتعجبون أيها المسلمون ممن يقتلون أنفسهم بأيديهم والحجة
قائمة عليهم في كل علبة دخان يشترونها ، فمكتوب على كل علبة = التدخين سبب رئسي للسرطان و
أمراض الرئة والقلب والشرايين = فنعوذ بالله من الخذلان ، و هذه الأمراض التناسلية المهلكة التي
ظهرت في الآونة الأخيرة ، كالهربس ، والزهري والسيلان ، ويأتي على رأسها الإيدز هذا المرض
الفتاك المدمر الذي فتك بالمجتمعات المنحلة ، تدرون ما هي أسبابها إنها انتشار الفواحش والمنكرات ،
انتشار الزنا واللواط والسحاق ، يا عباد الله ، وصدق الصادق المصدوق ( لم تظهر الفاحشة في قوم قط
حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا ) ، والأمراض
الروحية كما تصنف ، وهي السحر والمس والعين ، ما هي أسباب الإصابة بها وانتشارها في المجتمع
، إنها المعاصي والذنوب يا مسلمون ، فالساحر لم يكن لينزل إلى تلك الدرجة الخسيسة ، والمستنقع
العفن النتن ، إلا عندما كفر بربه وعبد الشيطان ، وتلبس بالمعاصي الكفرية التي هي دليل طاعة ، و
عنوان محبة ، وبرهان ذل للشيطان الرجيم ، ثم بعد ذلك قام هذا الرجس النجس ببث شروره
وفساده ,وأمراضه في المجتمع ، والمسحور سبب إصابته بالسحر غالبا هي المعاصي والذنوب التي
قللت من مستوى الإيمان في قلبه ، وأثرت في طاعته وعبادته مما سبب الخلل وفتح الثغرات لشياطين
الإنس والجن فيصيبونه بالسحر ، بإذن الله القدري ، لا الشرعي ، أو بذهاب المريض إلى السحرة و
الكهنة و العرافين ، لعلاجه من مرضه كما يظن ، فيقوم الساحر حينها بسحره ، فيكون المسكين أضاع
دينه ، ولم يعافى في بدنه ، قال عليه الصلاة والسلام ( من أتى عرافا أو كاهنا أو ساحرا فصدقه فقد
كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ) ، و مس الجن للإنس ما أسبابه إنها معصية الرحمن ،
والبعد عن هدي سيد ولد عدنان ، فإن انكباب العبد على الشهوات ومقارفته للمعاصي والمحرمات ،
وبعده عن هدي خير البريات ، من أذكار الصباح والمساء ، ودخول الخلاء وخروجه ، وأذكار النوم
والطعام ، وغيرها ، إن بعد المسلم عن هذا البرنامج اليومي الوقائي يفتح الباب لأذية شياطين
يتربصون به ، أو يمكن الجن من التلبس به ، لأنه أصبح بلا وقاية ، وفقد الحماية ، خاصة إذا كان ذلك
الجني أرسل من قبل ساحر ، أو أنه متربص للانتقام لأذية لحقته من الإنسي ، وأذكر أن أحد الشباب
الأخيار ، كان يشكو من أعراض غير طبيعية فقرئ عليه فنطق على لسانه جني ، فأخبر أنه منذ مدة
طويلة يتربص به للدخول فيه ، ولم يتمكن إلا عندما ترك أذكار الصباح والمساء في اليوم الفلاني ،
وعند سؤال الشاب أكد أنه فعلا لم يقل الأذكار في ذلك اليوم0
أما الحسد فهو داء خطير ، وعواقبه وخيمة ، يؤثر على المجتمع بقطع القرابات و العلاقات ، و يصيب
البدن بالأمراض والعلل والعاهات ، وهو من المعاصي التي تصيب الحاسد بالمرض في نفسه قبل المحسود 0
فالحاسد عاص احترق قلبه حزنا وهما ، وذاب فؤاده كربا وغما ، وتفتت كبده قهرا وكمدا ، على ما أنعم
الله به على عباده ( أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله ) ، تجده يعاني في كثير من الأحوال
من ارتفاع الضغط ، والسكر ، واضطراب الأعصاب ، نتيجة الغليان الدائم في نفسه ، تسخطا على
تقسيم الله الأرزاق على عباده ، تعلو وجهه ظلمة دائمة ، وقترة وكآبة ، لأن ذلك هو حال قلبه فظهر أثر
ذلك على قسمات وجهه ، و بعد هذا التسخط الإبليسي و الاحتراق الداخلي والغليان الشيطاني يطلق
الحاسد سم لسانه ، و سهام بصره ، نحو المحسود ، فإذا كان المحسود أو المعيون ، معرضا عن الملك
العلام ، منغمسا في الخطايا والآثام ، بعيد عن منهج خير الأنام ، فإنه غالبا يصاب ، بإذن الله جل وعلا
، بأعراض غير طبيعية ، أو علل عضوية ، أو أمراض نفسية ، في الحديث قال عليه الصلاة والسلام (
مالي أرى أجسام بني أخي ضارعة تصيبهم الحاجة؟ ،قالت لا ، ولكن العين تسرع إليهم ) مسلم
2198 ، فتأملوا كيف أن العين سببت هذه العلة العضوية من النحول الشديد ، بل إن العين ، قد تسبب
حتى الأمراض النفسية قال عليه الصلاة والسلام ( إن العين لتولع بالرجل حتى يصعد حالقا فيتردى
منه ) أحمد وصححه الألباني الجامع ، بل إن العين قد تسبب الموت ، قال عليه الصلاة والسلام ( العين
تدخل الرجل القبر وتدخل الجمل القدر) حسنه الألباني في الصحيحة 0
وأعني بحديثي هنا عن العين من حيث الأثر ، أما من حيث المصدر فلابد من التفريق بين العين الحاسدة
، التي منشأها و مصدرها قلب حاسد يتمنى زوال النعمة عن المحسود ، وبين العين المعجبة التي لم
يقم في قلب مطلقها ذلك التمني البغيض ، إنما هو إعجاب واستحسان لتلك النعمة التي تميز بها
المعيون بدون تمني لزوالها0
أما الأمراض النفسية فإن من أعظم أسباب الإصابة بها بالإضافة إلى ما سبق بيانه من الأمراض
الروحية ، ضعف الإيمان ، و انغماس العبد في الخطايا والعصيان ، وإعراضه عن منهج الرحمن ، وهجره لهدي النبي العدنان0
فإن العبد إذا ألمت به المصائب ، وأصابته المحن والنوائب ، وأشغلته البلايا العظيمة ، و أقعدته الرزايا
الجسيمة ، فإذا لم يكن لديه يقين و إيمان ، وتسليم وإسلام ، وقبول وإذعان ، ورضا بقدر الواحد
الديان ، يجره ذلك إلى الاعتراض و التسخط والتشكى ، ويؤدي به هذا الوضع إلى التفكير وإلى الهم
والغم ، والقلق والاكتئاب ، بل قد يزداد الأمر سوء ، فيصل به الأمر إلى الانتحار ، نتيجة الضغط النفسي
، والسبب في ذلك هو ضعف الأيمان ، والذي أدى إلى ضعفه الذنوب والمعاصي ، فالإيمان يزيد بالطاعة
وينقص بالمعصية كما قرر ذلك أهل السنة والجماعة0
م...ن
مواقع النشر (المفضلة)