بسم الله الرحمن الرحيم ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
إنه شاب مستقيم وهو مرح مع أصدقائه يضحك معهم كثيراً ، ولكن إذا دخل بيته يذهب منه الضحك والحديث فلا يتحدث مع أبيه ولا أمه ولا مع إخوته ، بل إنهم إذا سألوه عن أمر ما لا يجيبهم إلا بكلمة أو كلمتين ثم يسكت ، وأى شخص يلقاه يتحدث إليه ويضحك معه
وقد حمل إلينا البريد مشاركات جميلة ومبدعة لحل هذه المشكلة نختار لكم بعضاً منها :
دواؤك فيك
أخى الكريم .. إن مشكلة عدم التفاهم مع أهل البيت وعدم التعامل والضحك معهم بمرح وبشاشة كسائر الأصحاب والأصدقاء حالة طبيعية تعترينا نحن بني البشر ، أو لعلها سمة من سمات الإنسان ، والسبب طبعاً هو الالتصاق اليومى والمستمر بهم والتحسس من نصائحهم ووعظهم
أرأيت لو أن أحد أصدقائك رآك وأنت ترتكب محظوراً ( كالتدخين ) مثلاً ثم أسدى إليك نصيحة أو قام بتوبيخك وتقريعك ، وعلى الطرف الآخر رآك أبوك أو أمك أو أخوك الأكبر وفعل نفس ما فعله صديقك من نصح وتوبيخ ، أيهما أشد وقعاً وتأثيراً فى نفسك ؟ وأيهما أكثر إيلاماً وتحسساً ومثيراً لغضبك ونفورك ؟ لا شك أن التعامل مع الآباء والأهل يفقد المرء الشعور بالمرح ، وذلك بسب القيود المفروضة ، وأيضاً بسبب الرتابة المملة فى البيت ، فتخيل أخى لو أن عمرك الآن 30 عاماً وجدول حياتك هو نفسه منذ عشرين سنة ، ألا يدعوا هذا إلى الملل والفتور والاكتئاب ؟
بيد أن الخروج إلى الشارع والاحتكاك بالمجتمع يُشعر المرء بالحرية والتمرد على القيود والإلتزامات بنواميس المجتمع وتفاعلاتها بسبب حرية الحركة والتغيير والتجديد والمشاركة فى الحوارات والنقاشات
وعلى العكس منه تماماً فى المنزل ، فالأب مشغول بعمله والأم مهتمة بشؤون البيت والأولاد بينهما ومشاكل الحياة .. بينما تعيش أنت وحيداً فريداً متقوقعاً منكمشاً ، وهذا لا أرضاه لك البتة
كل ما سبق أخى الكريم تشخيص للحالة التى تعيشها ويعيش أمثالها كُثر غيرك ، وبعد التشخيص إليك بعضاً من العلاجات ، فقل بسم الله وتوكل عليه
* قم بالتغيير الجذري لحياتك وأعد ترتيب النظام القديم وتحمّل نظاماً جديداً مُحدّثاً شاملاً وكاملاً ، وغيّر جدولك اليومي وطريقة نومك وأكلك وشربك وحديثك ولباسك وغرفتك و .. ..
* شارك فى هموم البيت ومشاكله وأدل بدلوك فى حوارات الأبوين ومناقشاتهما وشاطرهما الأعمال المنزلية والتصورات والخطط والمباحثات
* تقرب من بعض إخوانك أو جميعهم علّك تحصل على من يشبهك فى قالبك " الفسيولوجى " ولا أظنك ستعود صفر اليدين ، وأكثر من القراءة والإطلاع والإستماع للراديو ولا تدع الفراغ يسيطر على مشاعرك وأفكارك ويجمد أحاسيسك
ختاماً .. إبتسم وتفاءل وتذكر أن الإنسان يؤجر على كل ما فيه مصلحة ومنفعة ، فما بالك لو تصنّعت الابتسامة فى البيت وحاولت جاهداً خلق جو من البهجة والبشاشة وزرعت الإبتسامة والمرح والدعابة فى أرجاء البيت ، فقد بأتى بوم من الأيام وتصبح مدمناً على البسمة ولو تصنعاً ، وعليه فدواؤك فيك ولا تشعر
-----------------------------------------------
سمو الروح
إن الإسلام هو دين الوسطية والإعتدال فى كل شىء ، وأى شىء يزيد عن حده ينقلب إلى ضده ، لذا أقترح عليك الآتى :
1 ـ توكل على الله وإجعل الدعاء لك زاداً وادع الله أن يعينك على بر الوالدين وصلة الأرحام
2 ـ خفف من الضحك والمزاح مع الأصدقاء ، وكن معتدلاً وإغتنم جلستك معهم فى حديث نافع ، وتذكر الحديث القدسى الرائع : ( ومن ذكرنى فى نفسه ذكرته فى نفسى ، ومن ذكرنى فى ملأ ذكرته فى ملأ خير منه )
3 ـ تذكر كفارة المجلس بعد انتهاء المجلس : ( سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك )
4 ـ حاول عند دخولك المنزل رسم البسمة على وجهك ، ولو أجبرت نفسك على هذا فى البداية ، وأن تدخل على أهل المنزل وأنت تحيّيهم بتحية الإسلام : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وستجد تجاوباً لم تكن تتوقعه ، فالبسمة لها تأثير سحرى وفورى ، وتذكّر حديث الرسول صلى الله عليه وسلم : ( أفلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم : أفشو السلام بينكم )
5 ـ تقرب من الأطفال في بيتك وشاركهم لعبهم البريء ، وستجد في ذلك متعة عظيمة ، وسيفرح الأطفال بذلك فرحاً شديداً.
6 ـ حادث والدك ووالدتك بأسلوب قريب إلى نفسيهما وبأشياء يستمتعان بالحديث عنها ، وتحدث إليهما عن الدين وجماله وروحه
وأخيراً .. فإن اهتمامك بهذا الأمر دليل على سمو روحك وعلو أخلاقك واهتمامك بتنمية نفسك وتهذيبها .
-----------------------------------------------
إسأل مجرب
إخوتى فى الله .. لا أخفي سراً على الجميع بأنى قد مررت لنفس المشكلة التى كُتبت ، ولكنى ولله الحمد خرجت منها بأحسن حال ، وسأحاول قدر المستطاع أن أكتب العلاج الذى كنت أستخدمه لهذه المشكلة
أولاً : اعتبر ما تمر به همّاً وعسراً ! وتيقّن أن بعد العسر يسرا
ثانياً : اصبر على ذلك الهم وسلّ نفسك بسلوى القلوب المهمومة وراحتها بقول الله تعالى وقول رسوله صلى الله عليه وسلم ، حيث قال الله تعالى : " وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون " فالزم هذه الكلمات ما دمت تشعر بتلك الحالة ، وكذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم : " عجباً لأمر المؤمن ، إن أمره كله له خير ، إن أصابته سراء فشكر فكان خيراً له ، وإن أصابته ضراء فصبر فكان خيراً له ، وما ذلك لأحد إلا للمؤمن " ..
فهنيئاً لك هذا الخير يا مؤمناً فى الدنيا وما عند الله خيرٌ وأعظم أجراً بإذنه تعالى
ثالثاً : أكثر من دعاء الهمّ والحزن وانكسر بين يدى جبار السماوات والأرض واعترف له بضعفك وذنوبك وظلمك لنفسك ، فإن ذلك علاج يعطى النفس راحة وطمأنينة
رابعاً : أخى فى الله إن لم ترحم جميع أفراد أسرتك فعلى الأقل ارحم والدتك التى من المؤكد أن فؤادها يتقطع حزناً عليك ولما حلّ بك ، وتتمنى لو تفديك بروحها لتسمع منك كلمة أو ترى إبتسامة ، وتخيل ذلك اليوم الذى ستفقد فيه تلك الأم الرؤوم كيف سيكون حالك ؟ وأمنياتك وألمك على التهجم والعبوس الذي طالما قابلتها به !
خامساً : أول ما تشكو ابدأ بالشكوى إلى الله واتجه إليه بسؤالك وقل : " قال إنما أشكو بثى وحزنى إلى الله " ، ثم انتقل إلى أقرب صديق لك لكى يعينك على ذلك بالنصيحة والتوجيه ويدفع بثقتك إلى الأمام
سادساً : حاول قدر المستطاع أن تجد مواضيع تتكلم فيها مع أسرتك لكسر حاجز الصمت
سابعاً : تذكر حال إخواننا المسلمين فى فلسطين والعراق وغيرهما وقد تشتت شمل أسرهم ، فالأطفال يُتّموا والنساء رُملن والرجال أُذلّوا ، فمن تذكر مصيبة أخيه هانت عليه مصيبته
-----------------------------------------------
الإقتداء
بداية أحمد الله عز وجل أنك مستقيم على منهج الله ، وإعلم أن جانب المشكلة الأول أنك أكثر مرحاً وتفاعلاً مع الآخرين فهذا فضل من الله أنك رجل إجتماعى ، أما الجانب الآخر فعلينا أن ننظر فيه أولاً إلى المسببات ، فربما أن هناك حواجز نفسية وربما أن السبب هو عدم تبادل المشاعر والعواطف بينك وبين الوالدين لسبب أو لآخر ، ولكى لا نطيل فى شرح المسببات إليك بعض المقترحات التى نسأل الله أن ينفعك بها ، وهى كالتالى :
1 ـ تذكر قول النبى صلى الله عليه وسلم : "خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلى " ، وحاول أن تنقل جزءاً من هذا الضحك والتفاعل إلى البيت لإدخال السرور على والديك ، وإذا كان من أعظم الأجر والثواب إدخال السرور على مسلم فكيف إذا كان إدخال السرور على الوالدين والأقربين ؟
2 ـ قد يكون بينك وبين والديك فوارق فى القدرات العقلية والعلمية فلا تتكبر عليهما ! وقم دوماً بإذابة تلك الفوارق محتسباً الأجر من الله ، قال تعالى : " واخفض لهما جناح الذل من الرحمة " ، واعلم أن قدوتنا فى جميع تصرفاتنا وسلوكياتنا الإجتماعية هو المصطفى صلى الله عليه وسلم الذى كان يتفاعل مع الصغير والكبير ، ناهيك عن مداعبته وحمله للحسن والحسين حتى فى صلاته
3 ـ إذا لم تستجب لكل ما سبق فحاول مأجوراً أن تتصنّع هذه السلوكيات لإدخال السرور على قلبيهما
وتذكر أنك مثاب على ذلك العمل ، ولربما يوفقك الله ويجعلها سجية حميدة بعد هذا التصنع
-----------------------------------------------
حاسب نفسك
أخى الحبيب .. الجأ إلى ربك ثم حاسب نفسك على هذا السلوك الذى تعامل به والديك وهما أقرب الناس إليك ! من أجزل عليك الحنان والعطف والشفقة ، وليس جزاء الإحسان إلا الإحسان ، وإليك هذه الأفكار :
1 ـ إعلم أن طاعة والديك من طاعة الله ، ورضى الله فى رضاء ولديك ، وما فعلته خطأ وذنب فى حقهما عليك ، فإتق الله تعالى وحاسب نفسك بصدق
2 ـ إبحث عن سبب ذلك ، وحاول أن تجد حلولاً وإدخل بيتك وأنت تتعوذ من الشيطان ، وداوم على قراءة القرآن والذكر والدعاء ، فالذكر يشرح الصدور ويسعد النفوس
3 ـ إعتذر لوالديك ولإخوانك من أجل إزالة ما بقى من حزن وضيق فى قلبك ، وابدأ معهم صفحة جديدة بعيداً عن الرتابة اليومية
4 ـ حاور نفسك بهدوء وضع سلبياتك بوضوح ثم حاول بإرادة صادقة أن تغير هذا السلوك إلى السلوك الحسن
5 ـ عليك أن تلجأ إلى الله وإسأله أن يبعدك عن هذا وأن يهديك ويشرح صدرك وييسر أمرك
-----------------------------------------------
صاحبك عند الضيق
يقولون فى المثل : إن النعمة تاج فوق رؤوس أصحابها لا يراها إلا من فقد هذه النعمة ، ومن أعظم النعم وجود الأهل ، ومحبتهم لك وشوقهم إليك وأمنياتهم الدائمة لرؤية الابتسامة تعلو شفتيك !
أخى العزيز .. ى بد من الإقتراب من أهلك والجلوس معهم ومعرفة أسباب التجهم الذى يعلو محياك بمجرد ملاقاتهم وذلك لكسر الحواجز وإزالة العوائق ، ولعل من أفضل السبل لذلك كثرة ممازحتهم ومشاركتهم فى الأعمال المنزلية ! وما يدريك لعل عملاً منزلياً يقرب القلوب ويعيد الإبتسامة من جديدة
أخى .. تذكر دائماً أن الأهل هم الأقرب إلى الشخص فى كل أحواله ، لا سيما عند حدوث الأزمات والمصائب ، ومن كان قريباً إليك فى المصيبة والضائقة فبلا شك هو أولى بابتسامتك وأنسك فى جميع أحوالك
أخيراً .. لا تنس شكر الله على نعمة الإستقامة والصلاح ، وعليك بتقوى الله فى السر والعلن لعله سبحانه أن يجعل لك مخرجاً ويرزقك من حيث لا تحتسب ، وأسأله سبحانه أن يشرح صدرك ويفرج مشكلتك ..
م**ن
مواقع النشر (المفضلة)