أعتز بإسلامي، وأتشرف بإيماني، فديني فوق كل اعتبار ومقارنات،
لكن أريد أن أقارن بين العرب وبين الغرب في عالم الدنيا، فالغرب أنجز في عالم السياسة والاقتصاد والصناعة والعمل والإنتاج آلاف الأضعاف مما أنتج العرب المعاصرون، إذا أفتتح الغرب مصنعاً أفتتح العرب قناة فضائية عابثة،
وإذا اكتشف الغرب دواءً أو محركاً أو صناعة، أكتشف العرب أغنية أو لعبة أو هواية، إذا أقام الغرب جامعة للإبداع والاختراع والاحترام، أقام العرب مهرجاناً للقبيلة، وإذا سافر الغرب إلى المريخ وعطارد والزهرة، سافر العرب إلى رحلة بريّة؛ لصيد الأرانب والغزلان والضبان،
وإذا عقد الغرب برلماناً لمدارسة شئونهم وعلاج أخطائهم، عقد العرب محاكمة للضمير والقلم الحر والرأي، وإذا أنتج الغرب دبابةً وصاروخاً وطائرة، أنتج العرب ملهى وبوفيه ومرقصاً،
وإذا توسع الغرب في المحيطات وعبر القارات للاستيلاء على الثروات وأخذ الخيرات، توسع العرب في أراضي جيرانهم ومزارع إخوانهم وسلبوا حقوق عشيرتهم، عند الغرب مزاين أف 16 ومزاين الكونكورد سابقة الصوت ومزاين الميرسدس ومزاين اللكزس ومزاين حاملات الطائرات وقاذفات الصواريخ، وعند العرب مزاين الإبل ومزاين البقر ومزاين الغنم ومزاين الغواني،
الغرب يأخذ من العرب خام الحديد فينتجه مصفّحة ومدفعاً وقذيفة ورشاشاً، والغرب يأخذ من العرب خام الخشب فيصنعه طاولة وكرسياً وباباً ونافذة ودولاباً ويبيعه على العرب، والغرب يأخذ من العرب الحجارة فينتجها رخاماً وبلاطاً ومرمراً ويوردها على العرب بأضعاف الأثمان،
إذا تقاعد العربي أُصيب بالوسواس والهذيان والإسهال والسمنة والضغط والسكري والجلطة من الفراغ القاتل والإهمال المميت، وإذا تقاعد الغربي كُرّم ومُنح الجوائز التقديرية والشهادات الفخرية واستُفيد من تجاربه وخبراته،
مع الغربي في سيارته كتاب ودفتر وقلم وآلة تسجيل وتصوير لتقييد وحفظ المعلومات والأفكار، وعند العربي في سيارته هراوة وكرباج وسلة حلويات وزنبيل فواكه ومرطبات، يصنع الغرب الباص والقطار والحراثة والثلاجة والسخانة،
وينتج العرب صحافاً من العيدان وأقداحاً من الخشب وفؤوساً وخناجر وقدوراً من النحاس باسم التراث الشعبي المجيد، الغربي يقرأ في الطائرة والسيارة والأتوبيس والحديقة، والعربي يسولف في الطائرة ويرقص في الميدان ويسهر مع الشلة ويسمر مع الأصحاب ويغني مع الأحباب،
أخذ العرب من الغرب البنـز والجنـز والقبّعة والبيتزا والهمبرجر وقصّة الشَّعر والكرفتّا، وأخذ الغرب من العرب تراث الأجداد من المعرفة والإبداع والعلوم، وأخذ العرب من الغرب الأكل بالشوكة والملعقة وبعض الكلمات، وأخذ الغرب من العرب النفط والغاز والمعادن والأخشاب والآثار والمخطوطات،
وليت الغرب أخذ من العرب الإيمان والقرآن وسنة ولد عدنان، وليت العرب أخذ من الغرب العمل والجد والمثابرة والصناعة والإبداع.
إذا عقد العرب قمة فضجيج وصجيج وهراش وهواش ثم يخرجون بلا قرارات وإذا عقد الغرب قمة فصمت وهدوء ولياقة واحترام ثم قرارات قاطعة تهز العالم،
العرب يتحدون العالم بأجمل أغنية وأفضل لاعب وأروع موسيقي وأكبر فنان، والغرب يتحدى العالم بأضخم ناقلة وأقوى صاروخ وأقدم جامعة وأعظم اختراع، العربي مهموم بثوبه وجزمته ونظارته وساعته، والغربي مهموم بدوامه وانتاجه واكتشافه ودراسته،
عند العرب سباق للهجن والخيول والصقور، وعند الغرب تسابق في الكيف والنوعية والتصدير والإنتاج، تسمع عند العرب هدير العرضة والرقصة والدبكه والسامري وتسمع عند الغرب هدير المصانع والمعامل والميراج والهوك والأباتشي.
وهذا لا يعني أني أتمنى حياة الغرب، فوالله الذي لا إله إلا هو إن الأعرابي أي البدوي الساكن بخيمة في الصحراء وهو يعرف ربه ويتبع رسوله ويصلي خمسة أفضل عندي من مليار من وزن الرئيس الأمريكي {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ َمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ }.
مواقع النشر (المفضلة)