يُروى عن عائشة- رضي الله عنها- قولُها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أكملُ المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خلُقًا، وخِيارُكم- أي المُفَضَّلون فيكم-خياركم لنسائهم" أي المُحسِنُون إليهم بالمعاشرة الطيبة.
ما استفدته من الحديث الشريف:
- لا يكمُلُ إيمان مسلم حتى يحسُنَ خلقُه.
- خيار المؤمنين مَن حَسُن خلقه في بيته.
- معيار التفاضل بين المؤمنين حسن الخلق.
- معيار الخيرية بين المؤمنين هو العِشرة الطيبة مع من يعول.
هناك ذوقياتٌ في التعامل بين الزوجين تتخلل مناحي الحياة المختلفة.. هذا الموضوع سوف يتناول هذه النواحي من الذوقيات التي يحب الزوج أو الزوجة التعامل بها.
نبدأ بذوقيات الكلام:
- إلقاء التحية كلما التقيا، وتنويع هذه التحية لتنقل أجمل المشاعر.
- الصوت المعتدل والمعبِّر.
- الكلمة المنتقاة والمناسبة للحال والمكان والزمان.
- النقد غير المباشر وغير اللاذع والمجدي مما لا يمكن إصلاحه.
- عدم الإكثار من التفاخر والتباهي بالكلام.
- التعبير عن الاستياء دون انفعالٍ، وتقبُّل هذه المشاعر، وفتح مجال للتبرير أو التفسير أمان.
- إجادة الغزل واستمراره من باب (الكلمة الطيبة صدقة).
- تحديث المعلومات والتحدث بها؛ وذلك يبني صرح الثقافة في النفوس.
- التحدث بما يهمُّ الآخر وحسن الإصغاء إلى ما يقول، وتبادل المشاعر، كالفرح لفرح المتكلم والأسى لما يؤاسي.
- إجادة فن الإضحاك، والاحتفاظ ببعض الطُّرَف لاستخدامها في موضعها، وأحياناً لكسر الحواجز.
- عدم التحدث عن المعارف والأصدقاء بإعجاب.
- الإنفاق: على الرجل أن يعرف أن لزوجته متطلبات، وأنها عند أهلها كانت حاجاتُها مقضيةً.
- على الزوجة أن تراعي حال زوجها فلا تطالبه بما لا يُطيقه ولا تقارن حياتها بحياة غيرها.
- على الزوج إن كانت امرأته تعمل أو لها مورد رزق ألا يمدَّ عينيه إلى ما عندها، وأن يعتبر أن هذا ملكيةٌ فرديةٌ، وأن يمدها من فينةٍ إلى أخرى بعطيةٍ يُثبت فيها أنه القيِّم عليها "اليد العليا خيرٌ من اليد السفلى".
- على الزوج ألا يمنَّ على زوجته بالإنفاق؛ فهذا واجبه، ومأجورٌ عليه من الله.
- على الزوجة إن كان لها مورد رزق أو كانت عاملةً ألا تبخل على بيتها وأولادها وزوجها دون منٍّ أو أذى.
- على الزوجة ألا تنسى والديها اللذين أنفقا عليها ويسَّرا لها طريق العلم.
- على الزوجة الميسورة أن تكون كريمةَ اليد مع أمِّ زوجها.
- على الزوج أن يراعيَ بنفقته احتياجات أفراد أسرته بتوازنٍ، ودون تحيِّز العلاقات داخل البيت وخارجه.
وتحكم العلاقات الزوجية الداخلية والخارجية مجموعةُ مبادئ، وهذه المبادئ ما نطلق عليه مصطلح (حسن الخلق)؛ فلو أن الزوجين يحرصان على التحلي بالأخلاق الحميدة- كالصدق والإخلاص، والأمانة والرضا، وحب الآخرين وضبط النفس.. إلخ- لكانت العلائق الداخلية والخارجية على ما يُرام، ويبقى أن يكون الزوجان متفقين على أسسٍ مشتركةٍ لتتم عملية التواصل على أحسن وجه.
ومن هذه الأسس:
- عدم الاختلاف على ناحيةٍ تربويةٍ أمام الأطفال.
- عدم مقاطعة الأهل والجيران.
- عدم مفاجأة أحد الزوجين الآخر بدعوة أصدقاء.
- عدم التمادي في العلاقات الخارجيِّة.
- عدم التركيز على التواصل مع فئةٍ وترك بقية الفئات.
- ترك مساحة حرَّة لكل فرد تسمح له ببعض الخصوصيات.
- التوازن في الاهتمام والرعاية.
- الحياة بجدٍّ يكتنفها بعض الترفيه.
- التناصح والتشاور مع احترام الرأي الآخر.
ذوقيات المأكل والمشرب والملبس
يعيش الزوجان سنواتٍ عديدة قبل الزواج كلٌّ في بيت أهله، وتتكوَّن مجموعةٌ من الأذواق في المطعم والمشرب والمأكل، وقد يروق لأحدهما ما تعوَّد أن يأكله الآخر أو يلبسه أو يشربه.
ولكن ماذا لو أن الطرف الآخر لم يعجبه سائر ما ذُكر؟..
العوام تقول: "كُلْ ما يُعجبك والبس ما يُعجب غيرَك"؛ لأن في الملبس يراك الآخر، وهناك ألوانٌ مفضلةٌ وثيابٌ مختلفةُ الأنواع، وقد يكون أحدهما غير مبالٍ بمظهره والطرف الآخر يهمُّه المظهر، عندها يجب تغيير النظرة ومراعاة شريك الحياة.
بعض الأزواج يُفضِّل المكياج، وبعضهم لا يُطيق أن يراه.. بعض الزوجات تحب أن ترى زوجها أنيقَ المنظر في البيت وعند الخروج منه.
بعض الأزواج لا ينتبه إلى أي تغييرٍ في مظهر الزوجة، كقص الشعر أو تغيير تسريحة، وبعضهم إذا لاحظ فرقًا سارع إلى إبداء إعجابه وغبطته بالتغيير الحاصل.
وهذا غيضٌ من فيضٍ، يُرشد إلى مراعاة الطرف الآخر وأخذ رأيه ومعرفة ما يفضله.
أما اختلاف الطعام كزيادةِ ملحٍ أو العزوف عن أكلةٍ معينة، أو إضافة شيءٍ إلى فنجان الشاي كالكريمة أو النعناع، أو حب البهارات أو التأذي منها.. كل هذا يتم بالاتفاق والوفاق، وليس من الذوقيات التغاضي عن رغبات الآخرين.
ذوقيات المعايشة اليوميَّة تعتبر الحياة مع الزوج- كلمة زوج للذكر والأنثى- أشبهَ بالحياة مع النفس؛ فهي معايشةٌ تشمل الليل والنهار، فإذا كان الإنسان يرى معيشته مع نفسه أمرًا طبيعيًّا وعاديًّا، كذلك عليه أن يرى الحياةَ مع الزوج أمرًا طبيعيًّا وعاديًّا، وكما يهتم الإنسان بنفسه فيكرمها ويحرص عليها، كذلك على الزوج أن يفعل ذلك.
ولكن الإنسان مع نفسه يأتلف وتكون طوعًا له تارةً، وتارةً يكون طوعًا لها، وهما في انسجامٍ ووئامٍ، لكن مع الزوج هناك نفسٌ أخرى لها كيان وتحمل تاريخًا من العادات والطباع.. فكيف يتم الانسجام والوئام؟.
إن التقارب بين النفسين آيةٌ من آيات الله تكفَّل بها وحقَّقها، ولكن البشر يستثمرون هذا التقارب بتنميته وإبقاء هذا التواصل حيًّا يُرزق، فما معنى أن تتحكم عادةٌ في نفس أحدهما لتكون مثار خلافٍ بين نفسيهما؟!.
إن التقارب يتمُّ عن طريق كلٍّ منهما، كلُّ واحد يقترب من نظامِ الآخر طوعًا وحبًّا، وقديمًا قالوا: (الصاحب ساحب)، كلٌّ منهما يسحب الآخر إلى ما يراه خيرًا، والآخر ينسحب برضاه، وحديثاً قال شوقي:
ليلى على دينِ قيسٍ ** فحيث مال تميل
إنها عملية انسجامٍ واندماجٍ وتأقلمٍ، إذا لم تحدث يحدث بينهما النفور، والزواج الناجح يتوخَّى فيه الزوجان تعزيزَ كلِّ صفةٍ حسنةٍ وطرح كلِّ ما فسد من طبعٍ وتحسينٍ كلِّ طبعٍ جيدٍ ليبلغ مداه، عندها تتولَّد سعادةٌ حقيقيةٌ يلمس فيها كلٌّ من الزوجين جمالَ الحياة مع رفيقٍ يجعل درب الحياة سهلاً وجميلاً ومثمرًا.
ذوقياتٌ زوجيةٌ إصلاحيةٌ يردد المسلم في دعائه كلمةً أصلح أكثر من مرة، يقولها لإصلاح دينه ودنياه وذريته؛ مما يدل على أن عملية الإصلاح عمليةٌ مطلوبةٌ ومستمرةٌ، ويبدأ الإصلاح من ملاحظة الخطأ ومعرفة الصواب، وحتى لا يكون الخطأ والصواب تبعًا للأهواء هناك شرعٌ سماوي وفيضٌ إلهي وهديٌ نبوي يظهر من خلالها وجوهُ الصواب والخطأ.
ونقطةُ البداية إيمانٌ بالتنزيل، ورغبةٌ بالتحسين لما ينتظر الملتزم بالشرع المبين من أجرٍ وفيرٍ، ثمَّ يتلوها إيمانٌ بمبدأِ التناصح، والقدرة على النصيحة بلا فضيحة، والمساعدة على اجتياز الانتقال من حالٍ سيئٍ إلى أحسن حال.
ولما كان كلا الزوجين من البشر فلا غرابةَ أن يتقبَّل كلاهما النصح، وأن يُخضع النصيحة للحقيقة، ويُناقش بأسلم طريقة نتائجَ هذه العملية؛ نماءً في الحياة الأسرية، ونموًّا في الشخصية، وتحمُّلاً للمسئولية، وتقاربًا في الفكر والروحانية، ونجاحًا في فن الحوار والجدلية والعيشة الرضية.
منقوووووووول
مواقع النشر (المفضلة)