من هو الغريب حقا؟؟؟!!!)
مصطلح
(الغربة،والغريب)
نطلقه عادة على من يهجر بلده و دياره،ويضطر إلى ترك أهله وأقربائه وأصدقائه،ليعيش بعيدا عنهم،سواء بسبب ظروف العمل أوغيرها من الأسباب.
ولاشك أن من يعيش في ديار غير دياره،وبعيدا عن أهله وأحبابه،إلى درجة أن تمر عليه السنوات الطوال دون أن يراهم،هو بالفعل
(غريب وغريب جدا جدا!!!!)
بل ربما ذهب البعض إلى أنه ليس هناك ما هو أشد وأعظم وأقسى على الإنسان من البعد عن الأهل والغربة عن الأوطان!!!!
ولكني حقيقة أختلف مع من يذهب هذا المذهب!!!،وأرى أن الإنسان من الممكن أن يعيش سعيدا ومرتاحا،ولا يشعر بالوحشة والغربة،وإن كان بعيدا عن الأهل والوطن،!!!
بل ربما وصل به الأمر إلى درجة أنه يفضل ذلك المكان الذي يعيش فيه على الرجوع إلى وطنه،والعيش بين أهله وناسه،خصوصا إذا رأى في تلك الديار متنفسا،وشيئا من الحرية التي كان يفتقدها في وطنه،واستطاع أن يكون لنفسه علاقات أخوية طيبة،ويبني صداقات ممتازة مع أناس يمتازون بالكثير من القيم والفضائل التي ربما يفتقدها الآخرون حتى من أهله وأقربائه!!!!
وإن إنسانا كهذا ليس فقط لن يشعر بالغربة،بل أنه لن يفضل العودة إلى دياره!!!،إلا في زيارات قصيرة محدودة يطمئن من خلالها على أهله،ثم يعود أدراجه من حيث أتى!!!!
إذن البعد عن الأهل والوطن ليس بالضرورة أن يشكل غربة للإنسان!!!!،أوعلى الأقل ليس هو أشد وأعظم أنواع الغربة،بل هناك ما هو أعظم وأقسى منها بكثير!!!!،كما هو الحال في من يعيش
(غربة الوطن والأهل والأصدقاء،وهو في وطنه وبين أهله وأصدقائه!!!!!)
وقد يستغرب البعض،ويتساءل:
كيف أكون غريبا،وأنا اعيش في وطني وبين أهلي وأصدقائي؟؟؟؟!!!
ونقول في الجواب:
إذا كنت تعيش في وطن لا تتمتع فيه بحقوق المواطنة،وكنت فيه مسلوب الحرية ومهدور الكرامة،ولا تأمن فيه على نفسك وعرضك،وأصبح الخطر يحدق بك فيه من كل حدب وصوب....
فأنت غريب في هذا الوطن وإن كنت من أهله وأبنائه!!!!
وإذا كنت تؤمن بقيم وأخلاق ومبادئ،لا يؤمن بها ذلك المجتمع الذي تعيش فيه،ويحاربها بكل ما أوتي من قوة،ويدعو الآخرين إلى نبذها والتحلل منها،ويناصبك العداء ويوجه إليك التهم الباطلة،لإيمانك بها،ويضعك بين خيارين:
(التنازل عن قيمك ومبادئك،أو أن يناصبك العداوة والبغضاء،ويعمل على إسقاطك اجتماعيا،ولو بتلفيق التهم التي ما أنزل الله بها من سلطان!!!!)
فأنت غريب في ذلك المجتمع،وإن كنت من أبنائه مولدا ونشأة!!!!!
وكما أنه من الممكن أن تكون الغربة هي
(غربة القيم والأخلاق)
كذلك من الممكن أن تكون:
(غربة الآراء والأفكار)
كما لو كنت تدين ببعض الرؤى والأفكار التي لا يدين بها الآخرون،كما أنهم،لا يفقهون أن
(اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية!!!)
وإنما شعارهم هو
(من لم يكن معنا فهو ضدنا!!!)
فكيف تتعايش مع أناس كهؤلاء حتى ولو كانوا أهلك وجيرانك وأقرب أقربائك؟؟؟!!!!
لا شك أن ذلك غير ممكن،وأنك ستشعر بينهم بالغربة،وستدخل معهم في صراع،هو غير محمود العواقب بغض النظر عن المنتصر والمهزوم فيه!!!!
فلو أنهم كانوا يفهمون مبدأ النقاش والحوار،لكان من الممكن أن تحاورهم في نقاط الاختلاف فتقنعهم أو يقنعونك،ولكن بما أنهم
لا يفهمون هذا المبدأ ولا يؤمنون به،فالنتيجة هي أنهم سيحاربونك فكريا،إلى أن تصل حربهم إلى حد اتهامك بالمروق من الدين،وأنك تروج للكفر والإلحاد!!!،وسيقومون بتحذير الآخرين من الجلوس معك والاستماع لحديثك،تماما كأولئك القوم الذين كانوا يقولون:
(لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون!!!!!)
إذن أنت غريب بينهم،وإن كنت من أقربائهم،وتعيش في أوساطهم!!!!!
وهذه الغربة أو ما هو شبيه بها،أوأشد خطرا منها،قد تراها حتى في بعض
(المنتديات)
التي أمضيت ردحا طويلا من الزمن فيها،وأثريتها بالكثير من المواضيع المهمة والهادفة في شتى المجالات!!!!
فقد يتقصدك بعض الأعضاء بالسوء!!!!،ويعمل على إسقاطك،وإن لم يستطع فلا أقل من أن يعمل على الحد من نجاحك!!!!!
فيشكل ضدك حزبا كاملا ومنظما،ليوجه الاتهامات إليك،ويبث الدعايات المغرضة ضدك،ويحذر الأعضاء منك!!!!،حتى ولو بأن يرسل إليهم الرسائل الخاصة التي يصفك فيها بكل شين وقبيح!!!!،وهو يتظاهر بالناصح الصادق المشفق المحب المخلص!!!!!!،محاولا جهده أن يجعل الجميع ينفضون من حولك،إلى أن ترى نفسك وحيدا غريبا بين أناس كنت قد
خدمتهم بعيونك!!!!
والعجب أنك لا تعرف سببا لهذا التحزب والتآمر!!!،الذي يتزعمه أناس أنت صاحب فضل عليهم لما قدمته لهم من خدمات ونصائح وتوجيهات،وإثراء عقلي وفكري ما كانوا ليتحصلوا عليه لولا وجودك معهم وخدمتك لهم!!!!
أو من أشخاص آخرين لم يجمعك بهم لا موضوع ولا حوار
ولا نقاش،إذ رغم طول مدة تواجدك في المنتدى،إلاّ أنك لم تداخل على مواضيعهم كما لم يداخلوا على مواضيعك،ولم تكن بينك وبينهم حتى ولو رسالة واحدة!!!،مما يعني أنك لم تسيء إليهم لأنك لم تتعامل معهم أصلا!!!!
والأعجب من كل ذلك أنك ترى هذه الاتهامات الكبيرة التي قد تصل إلى حد الطعن في الشرف والعرض،مبنية على أسباب ضعيفة كملاطفتك لهذه أو مجاملتك لتلك في بعض المداخلات والتعليقات!!!!،أو تكون مبنية على الظن الذي لا يغني عن الحق شيئا!!!!!!
والأنكى والأدهى أنهم استطاعوا أن يخدعوا البعض!!!،وأن يوقعوهم في الشباك!!!!!!
فبعضهم قد ابتعد لأنه صدق فيك وشاية الواشي وكذب الكاذب،رغم معرفته بك المنبثقة من كثرة تعامله معك!!!!
وهذا الصنف من الأعضاء يذكرونني بتلك الطرفة الجميلة المعبرة التي تقول:
أن أحدهم صادف رجلا في الشارع فقال له:
أنت لا تزال حيا؟؟؟!!!،كيف وقد أخبرني فلان أنك ميت؟؟؟!!!
فأجابه الرجل:
ولكنني لم أمت،وها أنت تراني على قيد الحياة!!!!
فرد عليه صاحبه:
لا!!!،بل أنت ميت،فإن الذي أخبرني بذلك هو ثقة عندي!!!!
وكذلك الحال بالنسبة لهؤلاء الأعضاء!!!،فمع كامل معرفتهم بك
إلا أنهم صدقوا فيك وشاية الواشين،وكذب الكاذبين،وحكموا عليك دون دليل أو برهان!!!!!،بل البرهان قائم عندهم على عكس ما يسمعون وبه يحكمون!!!!!
ومن لم يصدق فيك تلك الوشاية،عمل
(بالاحتياط)
(كما في التعبيرات الفقهية!!!!!)
وفضل الابتعاد تحرزا لنفسه،أو حرصا من أن توجه التهمة إليه!!!!،كما تم توجيهها إليك!!!!!
أما أنت فيجب أن تقر بالتهمة وتعترف بها وتثبتها على نفسك!!!!،حتى ولو كنت بريئا!!!!
وغير مسموح لك حتى بكلمة لوم وعتب!!!!،ولو كانت
(نفثة مصدور،أو شقشقة لسان هدرت ثم قرت!!!!)
فما أن تشتكي أوتلوم وتعتب،حتى يأتيك اللوم والتقريع في جل مداخلات الأعضاء!!!،أوعبر الرسائل الخاصة التي يؤنبك أصحابها على فعلك وربما طالبوك بالاعتذار عما بدر منك!!!!
والغريب أنهم يتهمونك بأنك تقصدهم وكأنهم لا يفهمون أنك تشتكي عندهم،وتطلب العون والإنصاف منهم!!!!!!!
وإن حدث وقررت الاعتزال والابتعاد درأ للفتنة،وحفظا لمقامك ومكانتك،تعلق بك بعض المحبين المخلصين،وراسلوك على الخاص ويطلبون منك
ـ بكل صدق وإخلاص ـ
البقاء والعدول عن هذا القرار ولو من أجل أعينهم!!!!
حينها تعيش الحيرة الكبرى وأنت ترى نفسك تنازعك
(بين البقاء ولو من أجل المحبين،أوالرحيل من مكان لم تعد النفس تهوى البقاء فيه!!!!،بعد أن رأت كل شيء فيه قد تغير!!!!!،وأصبحت الشبهات فيه تحوم حولها من كل مكان!!!!،وبدأت تفقد احترامها يوما بعد يوم!!!!!!)
إنها الغربة التي يعيشها بعض الأعضاء في بعض المنتديات،رغم ما أمضوه فيها من زمن طويل،وما أثروها به من مواضيع،وما تنعموا به من علاقات وصداقات!!!!!
وربما بعض الأعضاء هنا أو هناك!!!!،يعانون فعلا من هذه المشكلة إلى درجة أنهم يرون أنني الآن أتحدث عنهم،وأصف واقعهم!!!!!
ولكنني أحب أن أأكد أنني لا أعني أحدا بعينه،وإنما أنا أتكلم عن مشكلة هي قائمة بالفعل،ولا سبيل إلى نكرانها،وقد تنطبق عليّ أو عليك أوعليهاّّّّّ أوعلينا جميعا أو على غيرنا من الناس!!!!!!
الخلاصة التي أريد الوصول إليها:
أنه ليس صحيحا أن الغربة عن الوطن هي أعظم وأشد أنواع الغربة،وأن من يبتلى بها هو الغريب فعلا!!!،بل قد يكون هناك من هو أشد غربة منه وإن كان يعيش في بلاده،كمن يعيش
(غربة السلوك أو غربة الفكر،أو غربة الأصدقاء...)
كما بيناه وشرحناه تفصيلا!!!
أود أن أختم بسؤالين:
الأول:
من هو الغريب حقا؟؟؟!!!،هل من يعاني غربة الوطن؟؟؟!!!،أم من يعاني غربة الفكر والخلق،ويشعر بالوحدة وهو في وطنه وبين أهله وناسه؟؟؟!!!
الثاني:
إذا كان غريب الديار يستطيع الخلاص من غربته ولو بالعودة إلى دياره،فماذا يستطيع أن يفعل من يعيش غربة الفكر
أو الأخلاق أو حتى الغربة في بعض المنتديات الثقافية!!!
مواقع النشر (المفضلة)