الزواج تسهيل من الله ولكن نحن من يعقد الأمور.
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
إن ما دفعني لتدوين هذا الموضوع هي ظاهرة العنوسة في مجتمعاتنا التي أصبحت حديث كل لسان دون البحث عن الأسباب والحلول.
فقط نسمع جعجعة ولا نرى طحناً.
بعض الآباء يدعي أنه مسير للجمع بين رأسين بالحلال وهو من اشد المعسرين ولو أقنعناه لوجدنا من يؤثر عليه بعدنا وهي أبنته التي أبى الله إلا أن تكون من صاحبات الكلفة والمظاهر.
البعض جعل السبب في الظروف الاجتماعية والبعض في الظروف المالية والبعض قضاء وقدر أو قسمة ونصيب وبالتالي تعددت الأعذار والعنوسة واحدة.
ونحن نعلم إن المسالة نصيب ولكن هناك ما يسمى بالدعاء والدعاء مستجاب كذلك التوكل على الله وإحسان الظن به لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال (أعقلها وتوكل) وليس معنى العقال هنا هو البحث بطرق غير شرعية بل البحث بما سبقنا عليه المتزوجين وبالطرق التي يرضاها الله.
دوافع الزواج
نتناول الدافع المهم لما قبل الزواج.
وهو غض البصر وتحصين الفرج.
لقوله صلى الله عليه وسلم:
(يا معشر الشباب من أستطاع منكم الباءة فليتزوج فانه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فانه له وجاء).
ما صوب بالصوت الأحمر في الحديث دليل أن الزواج للشاب يساهم في غض البصر وتحصين الفرج.
الحديث هنا به أمر استوجب تنفذه من كل شاب مسلم.
وبه أيضاً استثنى للفقراء والمساكين.
والفقير هو من لا يجد قوت يومه.
والمسكين هو من يجد قوت يوم وليلة فقط.
فهل في جيلنا هذا من لا يجد قوت يومه ؟
ربما يدعي البعض أنه يوجد.
إذاً نستثنيه ونتوجه لغير الفقراء والمساكين وهم شبه العامة في المجتمع.
لذلك وجب علينا تنفيذ أمر رسولنا صلى الله عليه وسلم.
البصر والفرج هنا هما الدافعان للمعاناة النفسية والجسدية لدى الشاب.
فالبصر يرى ويترجمه العقل ومن ثم تحرك الغرائز ويصبح الشخص يبحث عما يخفف ذلك العذاب.
كيف يتخلص بعض الشباب العزاب من هذا الدافع للعذاب وخاصة ممن لا يطبق السنة النبوية ؟
بشيئين.
العادة السرية.
وهي إشباع للغريزة وفقر للنفس كالطفل الذي يتناول قطعة الشوكولاتة فتمنعه عن الوجبة المفيدة.
الخليلة.
هي المرض النفسي للروح وهي أيضاً الدافع للعادة السرية عند البعض.
ونستنتج هنا أن من تطرق لهاتين العمليتين أصبح كمن يطفئ النار بالنار وبالتالي اشبع غريزته بالوهم ولم يشبع روحه.
انتهينا من الدافع الأهم للزواج والسبب في المعاناة النفسية ونتناول ما بعد الزواج.
(وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) ما صوب بالصوت الأحمر هنا واقع ملموس بعد الزواج.
والزواج أي الجمع بينهم بكلمة الله هي أية من آيات الله وهو جدير بإثبات تلك الآية وبما حوته من بشرى.
والغريب في الأمر أن بعض الشباب عندما يتزوج لا يجد مودة ورحمة على حد قوله وهذا تأثير البصر الذي لم يغظه لان البعض إما في الأسواق خلف محارم الخلق أو يمكث خلف شاشات التلفاز ينظر إلى تلك الراقصة أو العارية أو تلك الفنانة فيخيلها له الشيطان أنها أجمل من زوجته والبعض يتزوج من أجل إطفاء غريزته التي حركتها تلك الفنانة أو الساقطة بعد أن رآها وأصبح في عذاب الشهوات وتأثير الشيطان والنفس ويمكث يبحث عن زوجة تشبها ولا يجد فتبقى غرائزه لم تتشبع لأنها من البداية تحركت على كأن حي في شاشة تلفاز أو ما شابه.
والبعض قد تلوع قلبه بعذاب الحب والتعرف على الفتيات ثم يتزوج ولا يجد مودة ورحمة لأنه يسير خلف نفسه الأمارة بالسوء ولا يستطع إن يجعل عقله في المقدمة ويجر نفسه بعقله لان عقله مازال يفكر في الماضي وتلك الليالي الملاح وقلبه متعلق أيضاً في عشيقة قديمة ويتمنى أن تكون زوجته تشبها لأن تلك الخليلة هي الأولة في الغرام وهي أول من إطفاء غرائزه.
ولو اقنع نفسه بان زوجته هي الشريك وهي الحبيبة وهي الملاك فسيجد كل يوم يظهر له شيء يعجبه فيها أكثر من السابق وبالتالي الفرق في النساء يكمن في المعاملة وتفوق عليهن ذات الدين.
إما في الحقوق الزوجية فهي كغيرها لا فرق بينهن إلا كمن يفرق بين كأسين من الماء مملوءة من قدح واحد أحدهما بلون والأخر بلون وهي نفس الطعم.
نعود للآية ونستنبط من شرح بعض كلماتها.
(لِّتَسْكُنُوا)
ليس معنى ذلك أن نستأجر سكن ونسكن جميعاً والمقصود بالسكنى هنا هي راحة النفس بعد الحقوق الزوجية وإفراغ ما يهيج الغريزة وبذلك يصل كلاً منهما إلى أسكان النفس من عذاب الشهوة المتسبب في هيجان النفس. وهناك اختلاف بين من يضع شهوته في الحرام وهو منتظر من ينتقم منه وبين من يضع شهوته في الحلال وهو منتظر ولد صالح يحمل اسمه ويعود له بالنفع في الدنيا وفي الآخرة كذلك وضع الشهوات في الحرام تولد الكره والاستحقار من كلا الطرفين بينما وضعها في الحلال تجلب المودة والرحمة.
وهي آية من آيات الله.
(مَّوَدَّةً)
لو نطقنا هذه الكلمة نجد إن بدايتها بضم الشفاه كالقبلة
ونهايتها يخرج من الجوف كخروج الحب للحبيب من القلب.
وهي الحب الحقيقي وأيضاً آية من آيات الله.
نعود مرة أخرى للدافع الأساسي ثم ندمجه بالواقع الملموس في الآية.
نجد أن الله أوجد الغرائز الفطرية واوجد الحلول فالغريزة تتأثر بالبصر وهو ثاني أشد حاسة مؤثرة وتجعل الإنسان يقدم على ما تناشده النفس وجعل من الزواج حرية مطلقة للبصر وكافة الحواس وفي الآية دليل على أن الزواج سكنى والسكنى كما وضحتها أعلاه تساهم في تحصين النفس وعض البصر لأن البصر في هذه الحالة يقرّ برؤية الزوجة والنساء قرة العيون لقول الرسول صلى الله عليه وسلم (رفقاً بالقوارير) أي أن النساء هن اللواتي تقرّ بهن الأعين وليس كما يعتقد البعض أنهن كالقوارير الزجاجية المصنعة تكسر سريعاً.
وبعد السكنى في الآية تزداد المودة وهي الحب وحب الزوجة يستشعره الزوج بكافة الحواس الخمس ثم بعد أن ينتهي وقت السكنى بتقدم العمر يأتي دور الرحمة في الكبر وهي آيات من آيات الله.
إذاً الله عز وجل هو المتكفل بإثباتها لأهل الفكر وجعلها حجة على كل من لا يتفكر.
عوائق الزواج من الطرفين.
لو وضعنا استفتاء لسبب عزوف الشباب عن الزواج من المؤكد سيأتي الجواب:
(غلا المهور / قلة ذات اليد / كُلفة الزواج / مستقبل الزوجة والأبناء فيما بعد) وهكذا.
الزواج ليس بتلك الصعوبة يا أخوان ولا يحتاج إلى مال بل يحتاج لعقد النية والإصرار وسيحدث الله بعد ذلك أمراً ومن يكذب فليقدم إلى أي فتاة ويخطبها وسوف يرى التسهيل كيف يكون !
فأنا خطبت ولم يكن معي المال الكافي حتى لتقديم هدية الخطوبة وقبل العرس بيوم لم أكن أملك قيمة استئجار السيارة فطلبت أحد أقاربي أن يستأجر لي سيارة وخرجت من القاعة ليلة العرس وأنا أملك قيمة سيارة جديدة ومصروف سنة.
الرسول لا ينطق عن الهوى ومن أنطقه بالأمر هنا جدير بتكفل مسألة الزواج من بدايتها حتى نهايتها.
قال صلى الله عليه وسلم (أولم ولو بشاه) الحكمة من هذا الحديث أن الزواج مخالف للسفح ففي السفح أخفاء لمعالم تلك الفعلة لأنها جريمة بينما النكاح إشهار وفرح ووليمة تجمعهم وبالتالي سيجد الشاب أن الأمر سهل جداً حتى لو هوله له إبليس فلا بد أن يصدق الله ورسوله ويكذب إبليس ويقدم ويولم ولو بشاه.
الزواج يا أخوان زيادة في الرزق لأن المتزوج يقبض رزقه ورزق زوجته معاً وكل ما رزقه الله بمولود زاد رزقه وهذه سنة الحياة.
قال تعالى (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ) في الآية الكريمة عهد من الله عز وجل بأن يرزقهم.
فمن أصدق وأوفى من الله ؟
فالزواج تحصين للفرج ودافع للعمل والكفاح ولن يضيع الله تعب من يشقى ويسعى لجلب رزق أسرته حتى لو كان من ذوي الدخل البسيط سوف ييسر الله عليه ويمده من فضله.
أنظروا يا أخوان
البعض تزوج بالدين ومرتبه حفنه من المال فيصبح بعد ذلك يكافح من أجل سداد ديونه وتأمين مصروفات نثرية وسداد أيجار وفواتير خدمية وبعد فترة تكثر أسرته ويصبح لديه أسرة كبيرة ونستغرب كيف يقوم بالصرف عليها وما هي إلا سنوات بسيطة حتى نتفاجاء بأنه يملك منزل وربما يملك معه سيارة جديدة وما ذلك إلا أرزاق مجتمعة قد وضعها الله بيده.
فمن أين أتت هذه ؟
أليس الزواج تسهيل وزيادة في الرزق ؟
قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم (الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة).
فأين أنتم معشر الشباب عن خير متاع الدنيا الذي يفوق المال والجاه وجميع عتاد الدنيا ؟
الموضة في مخيلة الفتاة وتأثيرها على الشاب وإيقاعها في العبوسة.
قال صلى الله عليه وسلم (أقلكن مهراً أكثركن بركة) وقال (خير النكاح أيسره) وقال (خير الصداق أيسره).
بعض الفتيات تعتقد إن كثرة المهر تجعل الشاب يحترمها لأنه يخشى أن يخسر ذلك المال عندما يطلقها.
في هذه الحالة نستطيع أن نقول للفتاة أنتِ تعانين من شيئين إما أنكِ تكذبين الرسول صلى الله عليه وسلم أو أنكِ تبحثين عن المظاهر.
وكيف تخشى تلك الفتاة ومن لا ينطق عن الهوى قد وعدها بالبركة ؟
المظاهر.
عادة مذمومة وهي تنافس على الدنيا والدنيا مشتقة من الدنو وما دنى فهو داني.
وما يدرينا أن بعض المظاهر تدخل في الكبر والكبر بطر الحق وغمط الناس ؟
ومن يغمط الناس كمن تذهب بها أفكارها مثلاً للكلفة حتى ترى نفسها في تلك الليلة هي الأكبر والأعلى على قريناتها اللواتي سبقنها وتُعجز كل من سيأتي بعهدها من الفتيات المقلدات ويكون زواجها حديث العامة ويكون زواجها مميزاً عن غيرها وأفضل زواج حدث في تاريخ البشرية لما فيه من الإسراف والطقاقات التي لا يصدقها العقل والمنطق وفي الحالة هذه يعلم الله نيات الخلق ومن تكن أفكارها كهذه الأفكار فربما يحرمها الله تلك المظاهر ويحرمها الزواج.
أريد أن أسأل بعض الأسئلة هنا وأخص بها الفتيات السعوديات.
لماذا لا يتنافسن الفتيات على البركة وليس على الدنو ؟
لماذا لا يتنافسن على خير الصداق وخير النكاح ؟
لماذا لا تكون موضتكن (فلانة ظفرت بالعريس وتركت وسخ الدنيا)؟
من أين اكتسبن فتياتنا تلك القدرة الهائلة لمواجهة العنوسة من أجل حفنة من المال قد تصرف في أسبوع ؟
ألا ترون إن الفتاة المبالغة في المهر هي سبب رئسي في:
ـ عزوف بعض الشباب عن الزواج والبحث عن البديل في الخارج وخاصة من لا يعلم أن الزواج تساهيل.
ـ انتشار العنوسة لأنها تجعل المقتدر يذهب للحسناوات بسبب كثرة الفتيات.
ـ التأثير سلباً على نفسيتها ونفسية الشاب معاً.
ـ ربما تكون هي سبب للشاب ولنفسها بالوقوع فيما لا يرضي الله.
رفقاً بالقوم أيها الفتيات فقليل من التضحية لا تضر.
مواقع النشر (المفضلة)