ـآ‘لـقـصـة ـآ‘لـوٍاحـدة وٍـآ‘لأرٍبـعـوٍن ... موافقة عمر رضي الله عنه لمراد ربه
* أخرج البخاري رحمه الله :
عن عائشة أن أزواج النبي صلي الله عليه وسلم كن يخرجن بالليل إذا تبزن إلي المناصع وهو
صعيد أفيح فكان عمر يقول للنبي صلي الله عليه وسلم احجب نساءك فلم يكن رسول
الله صلي الله عليه وسلم يفعل فخرجت سودة بنت زمعة زوج النبي صلي الله عليه وسلم ليلة من الليالي
عشاء وكانت امرأة طويلة فناداها عمر ألا قد عرفناك ياسودة حرصاً علي أن ينزل الحجاب فأنزل الله آية الحجاب ..
حدثنا زكرياء قال : حدثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : قد أذن تخرجن في حاجتكن قال : هشام يعني البراز ..
* قوله " المناصع " : جمع منصع بوزن مقعد وهي أماكن معروفة من ناحية البقيع ..
* قوله " احجب " : أي امنعهن من الخروج من بيوتهن ..
وفي الحديث : أن النبي صلي الله عليه وسلم وهو أغير الناس لا تدفعه الغيرة لمنع أحد من حاجة يحتاجها
أو حق يستحقه مهما كان ذلك عند بعض الناس مما هو خلاف الأولي في نظرة ..
ـآ‘لـقـصـة ـآ‘لـثـانـيـة وٍـآ‘لأرٍبـعـوٍن ... براءة موسي عليه السلام من افتراء بني إسرائيل
* أخرج البخاري رحمه الله :
عن أبي هريرة عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : " كانت بنو إسرائيل يغتسلون عراة ينظر بعضهم
إلي بعض وكان موسي عليه السلام يغتسل وحده فقالوا : والله ما يمنع موسي أن يغتسل معنا إلا إنه آدر
فذهب مرة يغتسل فوضع ثوبه علي حجر ففر الحجر بثوبه فخرج موسي في إثره يقول ثوبي ياحجر حتي نظرت
بني إسرائيل إلي موسي فقالوا : والله ما بموسي من بأس وأخذ ثوبه فطفق بالحجر ضرباً .."
فقال أبو هريرة : والله إنه لندب بالحجر ستة أو سبعة ضرباً بالحجر ..
* قوله " يغتسلون عراة " : ظاهرة أن ذلك كان جائزاً في شرعهم وإلا لما أقرهم موسي علي ذلك وكان
هو عليه السلام يغتسل وحده أخذاً بالأفضل ..
* قوله " آدر " : الأدرة نفخة فى الخصية ..
* قوله " فجمع موسي " : أي جري مسرعاً ..
* قوله " لندب " : بالنون والدال المهملة المفتوحتين وهو الأثر ..
ـآ‘لـقـصـة ـآ‘لـثـالـثـة وٍـآ‘لأرٍبـعـوٍن ... قـصـة ـآ‘لألـف ديـنـارٍ
* أخرج البخاري رحمه الله :
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلي الله عليه وسلم أنه ذكر رجلاً من بني إسرائيل سأل
بعض إسرائيل أن يسلفه ألف دينار فقال : ائتني بالشهداء أشهدهم فقال : كفي بالله شهيداً قال : فأتني بالكفيل قال :
كفي بالله كفيلاً ..قال : صدقت فدفعها إليه إلي أجل مسمي فخرج فى البحر فقضي حاجته ثم التمس مركباً
يركبها يقدم عليه للأجل الذي أجله فلم يجد مركباً فأخذ خشبة فنقرها فأدخل فيها ألف دينار وصحيفة منه
إلي صاحبه ثم زجج موضعها ثم أتي بها إلي البحر فقال : اللهم إنك تعلم أني كنت تسلفت فلاناً ألف
دينار فسألني كفيلاً فقلت كفي بالله كفيلاً فرضي بك وسألني شهيداً فقلت كفي بالله شهيداً فرضي ب
وإني جهدت أن أجد مركباً أبعث إليه الذي له فلم أقدر وإني أستودعكها فرمي بها فى البحر حتي
ولجت فيه ثم انصرف وهو في ذلك يلتمس مركباً يخرج إلي بلده فخرج الرجل الذي كان أسلفه ينظر لعل
مركباً قد جاء بماله فإذا بالخشبة التي فيها المال فأخذها
لأهله حطباً فلما نشرها وجد المال والصحيفة ثم قدم الذي كان أسلفه فأتي بالألف دينار فقال :
والله مازلت جاهداً في طلب مركب لآتيك بمالك فما وجدت مركباً قبل الذي جئت فيه قال :
فإن الله قد أدي عنك الذي بعثت في الخشبة فانصرف بالألف الدينار راشداً ...
* قوله " فدفعها إليه ": أي الألف دينار ..
* قوله " فأخذ خشبة فنقرها " : أي حفرها ..
* قوله " فأخذها لأهله حطباً فلما نشرها " : أي قطعها بالمنشار ..
ـآ‘لـقـصـة ـآ‘لـرٍابـعـة وٍـآ‘لأرٍبـعـوٍن ... قصـة موٍسـي وٍالخضـرٍ عليهما السلام
* أخرج البخاري رحمه الله :
عن ابن عباس أنه تماري هو والحر بن قيس بن حصن الفزاري في صاحب موسي قال ابن عباس : هو خضر فمر بهما أبي بن كعب فدعاه ابن عباس فقال : إني تماريت أنا وصاحبي هذا في صاحب موسي الذي سأل موسي
السبيل إليه لقيه هل سمعت النبي صلي الله عليه وسلم يذكر شأنه قال : نعم رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول : " بينما موسي في ملإ من بني إسرائيل جاءه رجل فقال : هل تعلم أحداً أعلم منك قال موسي : لا فأوحي الله
عز وجل إلي موسي بلي عبدنا خضر ..فسأل موسي السبيل إليه فجعل اله له الحوت آية وقيل له إذا فقدت الحوت فارجع فإنك ستلقاه وكان يتبع أثر الحوت في البحر فقال لموسي : فتاه أرأيت إذ أوينا إلي الصخرة فإني نسيت
الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره قال : ذلك ما كنا نبغي فارتداً علي آثارهما قصصاً فوجداً خضراً فكان من شأنهما الذي قص الله عز وجل في كتابه " ..
* قوله " تماري " : أي تجادل ..
* قوله " فدعاه " أي ناداه ..
* قوله " بلي عبدنا " : أي هو أعلم ..
* قوله " ما كنا نبغ " : أي نطلب ..
ـآ‘لـقـصـة ـآ‘لـخـامـسـة وٍـآ‘لأرٍبـعـوٍن ... قـصـة ـآ‘لـقـاتـل ـآ‘لـتـائب
* أخرج البخاري رحمه الله :
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : " كان في بني إسرائيل رجل قتل تسعة وتسعين إنساناً ثم خرج يسأل فأتي راهباً فسأله فقال : له هل من توبة ..قال : لا فقتله فجعل يسأل فقال له رجل : ائت
قرية كذا وكذا فأدركه الموت فناء بصدها نحوها فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فأوحي الله إلي هذه أن تقربي وأوحي الله إلي هذه أن تباعدي وقال : قيسوا مابينهما فوجد إلي هذه أقرب بشبر فغفر له .."
* قوله " فأتي راهباً " : فيه إشعار بأن ذلك كان بعد رفع عيسي عليه السلام لأن الرهبانية إنما ابتدعها كما نص عليه في القرآن ..
* قوله " فناء " : بنون ومد أي بعد ، أو المعني مال أو نهض مع تثاقل ..
* قوله " فأوحي الله إلي هذه أن تباعدي " : أي إلي القرية التي خرج منها " وإلي هذه أن تقربي " أي القرية التي قصدها ..
وفي الحديث : الحث علي المباردة إلي التوبة قبل الموت وقبل انتهاء وقتها وكذلك فى الحديث أن الله عز وجل لا يعظم عليه ذنب فإنه سبحانه يغفر الذنوب جميعاً إن شاء الله ...
ـآ‘لـقـصـة ـآ‘لـسـادسـة وٍـآ‘لأرٍبـعـوٍن ... تناوب عمر بن الخطاب مع جاره في طلب العلم
* أخرج البخاري رحمه الله :
عن عبدالله بن عباس عن عمر قال : كنت أنا وجار لي من الأنصار في بني أمية بن زيد وهي من عوالي المدينة وكنا نتناوب النزول علي رسول الله صلي الله عليه وسلم ينزل يوماً وأنزل يوماً فإذا نزلت جئته بخير ذلك اليوم من الوحي
وغيره وإذا نزل فعل مثل ذلك فنزل صاحبي الأنصاري يوم نوبته فضرب بابي ضرباً شديداً فقال : أثم هو ففزعت فخرجت إليه فقال : قد حدث أمر عظيم قال : فدخلت علي حفصة فإذا هي تبكي فقلت : طلقن رسول الله صلي الله عليه وسلم
قالت : لا أدري .. ثم دخلت علي النبي صلي الله عليه وسلم فقلت : وأنا قائم أطلقت نساءك يارسول الله .؟ ..فقال : لا ..فقلت : الله أكبر ...
وفي الحديث : ما كان عليه الصحابة الكرام رضوان الله عليهم من الحرص علي العلم بحيث لا يمنعهم السعي علي المعاش من معرفة ماانزل الله عز وجل وما وقع من رسول الله صلي الله عليه وسلم من قول وفعل وغيره ..
وكذلك تعظيم الصحابة رضوان الله عليهم لما يصيب رسول الله صلي الله عليه وسلم من هم أو غم أو حزن لا يتحملون عليه شيئاً من الضرر بل يفدونهم بأنفسهم وأموالهم وأبنائهم رضوان الله عليهم...
ـآ‘لـقـصـة ـآ‘لـسـابـعـة وٍـآ‘لأرٍبـعـوٍن ... ليلة في بيت النبي صلي الله عليه وسلم
* أخرج عن البخاري رحمه الله :
عن عبدالله بن عباس أخبره أنه بات ليلة عند ميمونة زوج النبي صلي الله عليه وسلم وهي خالته اضطجعت في عرض الوسادة واضطجع رسول الله صلي الله عليه وسلم وأهله في طولها فنام رسول الله صلي الله عليه وسلم حتي إذا انتصف الليل
أو قبله بقليل أو بعده استيقظ رسول الله صلي الله عليه وسلم فجلس يمسح النوم عن وجهه بيده ثم قرأ العشر الآيات الحواتم من سورة آل عمران ثم قام إلي شن معلقة فتوضأ منها فأحسن وضوءه ثم قام يصلي قال ابن عباس : فقمت فصنعت مثل ما
صنع ثم ذهبت فقمت إلي جنبه فوضع يده اليمني علي رأسي وأخذ بأذني اليمني يفتلها فصلي ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم أوتر ثم اضطجع حتي أتاه المؤذن فقام فصلي ركعتين خفيفتين ثم خرج فصلي الصبح
** قال ابن حجر رحمه الله :
* قوله " يمسح النوم " : أي يمسح بيده عينيه ..
* قوله " إلي شن معلقة " : الشن القربة التي تبدت للبلاء ..
وفي الحديث : حرص ابن عباس رضي الله عنهما علي معرفة سنة النبي الكريم صلي الله عليه وسلم وأدق أموره ومايفعله في بيته فرضي الله عن ابن عباس وسائر الصحابة الكرام ...
ـآ‘لـقـصـة ـآ‘لـثـامـنـة وٍـآ‘لأرٍبـعـوٍن ... قصـة أصحاب ـآلـغـارٍ
* أخرج البخاري رحمه الله :
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال : " سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول انطلق ثلاثة رهط ممن كان قبلكم حتي أووا المبيت إلي غار فدخلوه فانحدرت صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار فقالوا : إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة
إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم فقال رجل منهم : اللهم كان لي أبوان شيخان كبيران وكنت لا أغبق قبلهما أهلاً ولا مالاً فنأي بي في طلب شئ يوماً فلم أرح عليهما حتي ناما فحلبت لهما غبوقهما فوجدتهما نائمين وكرهت أن أغبق قبلهما أهلاً
أو مالاً فلبثت والقدح علي يدي أنتظر استيقاظهما حتي برق الفجر فاستيقظا فشربا غبوقهما اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة فانفرجت شيئاً لا يستطيعون الخروج قال النبي صلي الله عليه وسلم ..
وقال الآخر : اللهم كانت لي بنت عم كانت أحب الناس إلي فأردتها عن نفسها فامتنعت مني حتي ألمت بها سنه من السنين فجاءتني فأعطيتها عشرين ومائة دينار علي أن تخلي بيني وبين نفسها ففعلت حتي إذا قدرت عليهاقالت : لا أحل لك أن
تفض الخاتم إلا بحقه فتحرجت من الوقوع عليها فانصرفت عنها وهي أحب الناس إلي وتركت الذهب الذي أعطيتها اللهم إن كنت فعلت ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه فانفرجت الصخرة غير أنهم لا يستطيعون الخروج منها قال النبي
صلي الله عليه وسلم : وقال الثالث : اللهم إني استأجرت أجراء فأعطيتهم أجرهم غير رجل واحد الذي له وذهب فثمرت أجره حتي كثرت منه الأموال فجاءني بعد حين قال : ياعبدالله أد إلي أجري فقلت له كل ماتري من أجرك من الإبل والبقر
والغنم والرقيق فقال : ياعبدالله لا تستهزئ بي فقلت إني لا أستهزئ بك فأخذه كله فاستاقه فلم يترك منه شيئاً اللهم فإن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا مانحن فيه فانفرجت الصخرة فخرجوا يمشون " ...
* قوله " فانطبق عليهم " : أي باب الغار ..
* قوله " أبوان " هو من التغليب والمراد الأب والأم ..
* قوله " يتضاغون " : بالمعجمتين والضغاء بالمد الصياح ببكاء ..
* قوله " راودتها عن نفسها " : أي بسبب نفسها أو من جهة نفسها ..
وفي الحديث : أن العبد مهما عمل من العمل الصالح وإن كان عظيماً فإن عليه أن يتعاهد نيته هل كان مخلصاً في عمله أم لا .؟ وعليه ألا يغتر بعمله بل يكل كل مايتعلق به لله عز وجل راجياً القبول ، وهكذا كان هؤلاء النفر عملوا أعظم
الأعمال ومع ذلك لا يجزم أحدهم لنفسه حتي بالإخلاص فنسأل الله اإخلاص
وفي الحديث : أن العبد ينبغي أن يكون له عمل صالح يستعمله فى الشدائد فليخزن العبد لنفسه وليستكثر والله المستعان ..
ـآ‘لـقـصـة ـآ‘لـتـاسـعـة وٍـآ‘لأرٍبـعـوٍن ... قـصـة الذيـن تـكـلـمـوٍا فـي ـآ‘لـمـهـد
* أخرج عن البخاري رحمه الله :
عن أبي هريرة عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : " لم يتكلم فى المهد إلا ثلاثة عيسي .. وكان في بني إسرائيل رجل يدعي جريج كان يصلي جاءته أمه فدعته فقال : أجيبها أو أصلي ..فقالت : اللهم لا تمته حتي تريه وجوه المومسات
وكان جريج فى صومعته فتعرضت له امرأة وكلمته فأبي فأتت راعياً فأمكنته من نفسها فولدت غلاماً فقالت : من جريج فأتوه فكسروا صومعته وأنزلوه وسبوه فتوضأ وصلي ثم أتي الغلام فقال: من أبوك ياغلام .. قال : الراعي قالوا : نبني صومعتك
من ذهب ..قال : لا إلا من طين وكانت امرأه ترضع ابناً لها من بني إسرائيل فمر بهارجل راكب ذو شارة فقالت : اللهم اجعل ابني مثله فترك ثديها وأقبل علي الراكب فقال : اللهم لا تجعلني مثله ثم أقبل علي ثديها يمصه قال أبو هريرة : كأني
أنظر إلي النبي صلي الله عليه وسلم يمص إصبعه ثم مر بأمة فقالت : اللهم لا تجعل ابني مثل هذه فترك ثديها فقال : اللهم اجعلني مثله ..فقالت : لم ذاك ..فقال: الراكب جبار من الجبابرة وهذه الأمة يقولون سرقت زنيت ولم تفعل "
* قوله " فقالت اللهم لا تمته حتي تريه وجوه المومسات " : والمومسات جمع مومسة وهي الزانية وتجمع علي مواميس بالواو ..
ـآ‘لـقـصـة ـآ‘لـخـامـسـوٍن ... قـصـة سـحـرٍ ـآ‘لـنـبـي صلي الله عليه وسلم
* أخرج البخاري رحمه الله :
عن عائشة رضي الله عنها قال : سحر رسول الله صلي الله عليه وسلم رجل من بني زريق يقال له لبيد بن الأعصم حتي كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يخيل إليه أنه كان يفعل الشئ وما فعله حتي إذا كان ذات يوم أو ذات ليلة وهو عندي
لكنه دعا ودعا ثم قال : " ياعائشة أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه أتاني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي " .. فقال : أحدهما لصاحبه ما وجع الرجل فقال : مطبوب .. قال : من طبه .. قال : لبيد بن الأعصم قال :
في أي شئ قال : في مشط ومشاطة وجف طلع نخلة ذكر قال : وأين هو .؟ قال : في بئر ذروان فأتاها رسول الله صلي الله عليه وسلم في ناس من أصحابه فجاء فقال : " ياعائشة كأن ماءها نقاعة الحناء أو كأن رءوس نخلها الشياطين "
قلت : يارسول الله أفلا استخرجته .؟ قال : " قد عافاني الله فكرهت أن أثور علي الناس فيه شراً " فأمر بها فدفنت ..
وقال الليث وابن عيينة عن هشام في مشط ومشاقة يقال : المشاطة ما يخرج من الشعر إذا مشط والمشاقة من مشاقة الكتان ..
* قوله " حتي كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يخيل إليه أنه كان يفعل الشئ ومافعله " : قال المازري : أنكر المبتدعة هذا الحديث وزعموا أنه يحط منصب النبوة ويشكك فيها قالوا وكل ما أدي إلي ذلك فهو باطل وزعموا أن تجويز هذا يعدم الثقة
بما شرعه من الشرائع إذ يحتمل علي هذا أن يخيل إليه أنه يري جبريل وليس هو ثم وأنه يوحي إليه بشئ ولم يوح إليه بشئ ..
* قوله " أشعرت " : أي علمت ..
* قوله " فقال : مطبوب " : أي مسحور يقال طب الرجل بالضم إذا سحر ، يقال كنوا عن السحر بالطب تفاؤلاً كما قالوا للديغ سليم ..
* قوله " ومشاطة " : سيأتي بيان الاختلاف هل هي الطاء أو القاف في آخر الكلام علي هذا الحديث حيث بينه المصنف ..
* قوله " كأن ماءها " : في رواية .. " والله لكأن ماءها " : أي البئر " نقاعة الحناء " والحناء معروف أي لون الماء الذي ينقع فيه الحناء ..
* قوله " فأمر بها " : أي بالبئر ..
* قوله " ويقال المشاطة ما يخرج من الشعر إذا مشط " : هذا لا اختلاف فيه بين أهل اللغة قال ابن قتيبة المشاطة مايخرج من الشعر الذي سقط من الرأس إذا سرح بالمشط وكذا من اللحية ..
* قوله " والمشاطة من مشاطة الكتان " : كأن المراد أن اللفظ مشترك بين الشعر إذا مشط وبين الكتان إذا سرح ..
* وحديث آخر البخاري رحمه الله :
عن ابن جريج يقول حدثني آل عروة عن عروة فسألت هشاماً عنه فحدثنا عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلي الله عليه وسلم سحر حتي كان يري أنه يأتي النساء ولا يأتيهن قال : سفيان وهذا أشد مايكون من السحر
إذا كان كذا فقال : " ياعائشة أعلمت أن الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه اي رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي فقال الذي عند رأسي للآخر : ما بال الرجل .. قال : مطبوب .. قال : في مشط ومشاقة قال : وأين ..؟ قال: في جف طلعة
ذكر تحت راعوفة في بئر ذوران " ..
قالت : فأتي النبي صلي الله عليه وسلم البئر حتي استخرجه فقال : هذه البئر التي أريتها وكأن ماءها نقاعة الحناء وكأن نخلها رءوس الشياطين قال : استخرج قالت فقلت : أفلا أي تنشرت فقال : أما الله فقد شفاني وأكره أن أثير علي أحد من الناس
شراً ..
* قوله " في جف طلعة ذكر تحت رعوفة " : والراعوفة حجر يوضع علي رأس البئر لا يستطاع قلعه يقوم عليه المستقي .. وقد يكون في أسفل البئر ..
تنبيه : وقع في رواية أبي أسامة مخالفة فى لفظة أخري : فرواية البخاري عن عبيد بن إسماعيل عنه " أفلا أخرجته " وهكذا أخرجه أحمد عن أبي أسامة ووقع عند مسلم عن أبي كريب عن أبي أسامة " أفلا أحرقته " بحاء مهملة وقا وقال النووي :
كلا الروايتين صحيح كأنها طلبت أنه يخرجه ثم يحرقه ..
قلت " الحافظ ابن حجر " : لكن لم يقعا معاً في رواية واحدة وإنما وقعت اللفظة مكان اللفظة وانفرد أبو كريب بالرواية التي بالمهملة والقاف فالجاري علي القواعد ان رواية شاذة وأغرب القرطبي فجعل الضمير في أحرقته للبيد بن أعصم قال :
واستفهمته عائشة عن ذلك عقوبة له علي ماصنع من السحر أجابها بالامتناع ونبه علي سببه وهو خوف وقوع شر بينهم وبين اليهود لأجل العهد فلو قتله لثارت فتنة .. كذا قال : ولا أدري ماوجه تعين قتله بالإحراق وإن لو سلم أن الرواية ثابتة
وأن الضمير له ..
* قوله " قالت فقلت أفلا .؟ أي تنشرت " : وقع في رواية الحميدي "فقلت : يارسول الله فهلا .؟ " قال سفيان بمعني تنشرت ..
وفي هذا الحديث : أن النبي الكريم صلي الله عليه وسلم بشر يصيبه مايصيب البشر من المرض والتعب والنصب والسحر والعين وغير ذلك ما لا يتعارض مع كونه رسولاً كريماً معصوماً من الله الله عز وجل ، بل هذا من تمام رسالته صلي الله عليه وسلم
فهو بشر يتعرض لكل مايتعرض له البشر فيتعلمون منه صلي الله عليه وسلم كيف يواجهون جميع مايعرض لهم من أمور من خلال سنته صلي الله عليه وسلم لا يحتاجون في ذلك إلي النظر في غير سنته صلي الله عليه وسلم
فالحمد لله الذي أنزل كتاباً والحمدلله الذي أنزل رسولاً يبين كتابه ويطبقه تطبيقاً عملياً يوضح فيه كل صغيرة وكبيرة فله الحمد وله النعمة وله الثناء الحسن تبارك الله رب العالمين ...
-------------------------------------------------------------
دمتم في رعاية الله
مواقع النشر (المفضلة)