السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في محاضرة بالمسجد الكبير
تطرق فيها إلى أصول التعامل مع الخالق جلّ وعلا
الخراز أبهر العقول وأسر القلوب وأرشد عشرات الألوف لمعرفة ومحبة الله
مٌحاظره تَبعث الإنشراح
تَمنيت حقاً لو تَم عرضُها على شاشات التلفاز
ولكن للأسف لم تُعرض سِوى في المسجد الكبير في دولة الكويت ,
متابعة المحاضرة من على الرصيف !
خصوصا مع وجود شاشات عملاقة بخارج المسجد ..
حتى المعاقين كان لهم حضوراً .. بغية التعرف على الله ..
إن أردت معرفة الله
وأردت معرفة كيفية التعامل مع الله
كن معي ..
لن أأخذ من وقتك الكثيير فقط ساعه
وسترى محور التغيير ,..
قال الشيخ الخراز: يجب ان نعرف كيف نتعامل مع الله،
وكيف يتعامل الله معك وماذا يصنع الله بك الآن وإلى ماذا يهيؤك؟
ووضع الداعية الخراز يده على محور مهم من محاور الوصول إلى الله:
«لا تنظر إلى محبة الله على أنها شيء هين وسهل، اخشى بعد ذلك ان تزهد فيها»،
«ان محبة الله لك تعني انه سيؤنسك، سيرضيك حتى ترضى»
. محاضرة الداعية الخراز كانت بمنزلة مرشد ودليل الى معرفة الله ومحبته..
وسياحة في عالم التقرب إلى الله بدأها بقصة عجيبة بين وهيب بن الورد وسفيان الثوري.
وفيما يلي نص محاضرة الداعية مشاري الخراز:
اجتمع يوما وهيب بن الورد، وسفيان الثوري، ويوسف بن أسباط رحمهم الله تعالى، فقال الثوري:
كنت أكره موت الفجأة.. ووددت اليوم أني مت!
فقال له يوسف بن أسباط: لِم؟
قال: لما أتخوف من الفتنة في الدين.
فقال يوسف: لكني أحب الحياة وطول البقاء.
فقال له سفيان: لم؟
قال: لعلي أن أصادف يوما أتوب فيه وأعمل صالحا.
فقيل لوهيب: أي شيء تقول أنت؟
فقال: أنا لا أختار شيئا.. أحب ذلك إلي أحبه إلى الله عز وجل.
فقبله الثوري بين عينيه وقال: «روحانية ورب الكعبة».
(الكتاب: العاقبة في ذكر الموت المؤلف: ابن الخراط)
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«لا يتمنى أحدكم الموت لضر نزل به فإن كان ولابد فاعلا فليقل
اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي»
رواه البخاري ومسلم
ـ اليوم اجتمعنا لأمر عظيم ليس لأمر هين..
ـ هذه ليلة عظيمة واجتماع رائع..
ـ كثير من نتعامل معهم طوال اليوم إلا أن أهم من نتعامل معه هو الله..
نتعلم كيف التعامل مع الزوجة..
ـ كثير من الناس يعلم أبناءه أدب التعامل مع الناس لكن يغفل عن
تعليمهم أدب التعامل مع الله، لماذا؟
هل لأجل أننا لا نراه
طيب هو يرانا.. وأنا هدفي اليوم أن نعيش ليلة كأننا نرى الله..
أليس الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه..
ـ ما هو شعور العبد إذا كان يمشي ويذهب للعمل ويجلس مع أهله
أو أصحابه وهو يعيش كل هذه الأحوال كأنه يرى الله.
ـ ولكن قبل أن نعرف كيف نتعامل مع الله، أريد أن نعرف من هو الله؟
ـ الخلق يعرفون الله على مراتب، وليسوا جميعا في معرفتهم بربهم
على درجة واحدة،
فالصحابة وآل البيت وأمهات المؤمنين يعرفون ربهم أكثر من معرفتنا
نحن به، والأنبياء يعرفونه أكثر..
ـ وأكثر الناس معرفة بربه وقربا منه هو رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقد قال ذلك..
قال صلى الله عليه وسلم «أنا أعلمكم بالله وأشدكم له خشية»
فلو لم يكن ذلك العلم لما كانت تلك الخشية
والناس في تفاوت من معرفة صفات الله تعالى
فمنهم من يعرفه بالرحمة ومنهم من يعرفه بالانتقام ومنهم من يعرفه بالحب..
وأكمل هؤلاء من عرفه بجميع أسمائه وصفاته..
ومن كرم الله بخلقه أن عرفهم بنفسه..
ـ لقد اختصر الله على الناس المسافات عندما عرفهم بنفسه وبصفاته
الجميلة التي ليس كمثله شيء فيها.
وعرفهم به بلا حاجة له فيهم، بل لو عذبهم جميعا في النار لعذبهم
وهو لا يبالي بهم ولكنه أرحم من ذلك بكثير حيث انه يمهلهم
لعلهم يرجعون إليه لعلهم أن يحبوه فيغدق عليهم من فضله
ما لم يخطر لهم على بال.
ـ أجمل حديث تتحدث به هو الحديث عن الله تعالى.
وأكثر ما يسعد قلبك أن تسمع الحديث عن أحب شيء إليك،
ودائما ترى من يحب محبوبا أنه يفرح إذا سمع ذكره في المجالس..
ـ خذ مثلا الذي يشجع ناديا فإنه إذا جلس في مجلس ومدحوا هذا النادي
فإنه ينشرح صدره ويفرح بذلك،
والإنسان إذا كان مسافرا وسمع أحدا يمدح بلده فإنه يطرق سمعه ويريد
أن يسمع المزيد..
أليس كذلك؟
طيب إذا كان الله تعالى هو أحب شيء إلى قلوبنا فلا شك أن الحديث عنه
جميل وأن الحديث عنه يفرح القلب ويسعدها..
هو ربي الذي أحبه وكل رجائي وأمنياتي أن أعرف أنه
قد رضي عني..
القلب إذا عرف الله
لجأ إليه، أحبه، توكل عليه، هاب منه، اشتاق إليه، واستحى منه..
وهذه تورث القلب انشراحا وسعادة..
مثلا:
إذا عرفت أن الله هو النور وأنه يخرج الناس من الظلمات إلى النور
فستجد نفسك تسعى إليه حتى تعيش في وسط النور..
(نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء)
ولن يجد أحد السعادة ولا النور إلا بنور الله
(ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور)
ـ ولعظمة الله تعالى فإنه هو الذي يعرفك بنفسه ولا يمكن أن تتعرف
على صفاته لوحدك فنحن لا نثبت إلا ما أثبته الله لنفسه..
ـ والعلم بالله والتعامل معه له لذة وراحة كما أن اللسان والبطن له لذة
ولكن لذة هذه لا تقارن بهذه أبدا
ومن فتحت له تلك السعادة فإنه لا يكاد يشبع منها، وكلما فُتح له باب
وجد بابا آخر أكثر سعادة،
ومن عرف الله وعرف الناس قدم معاملة الله على معاملة الناس،
بل من عرف الله حق المعرفة فإنه لن يملك إلا أن يحبه ولابد أن تقر عينه به.
ولماذا لا نشعر بهذه السعادة؟!!
لأن القلوب مملوءة بغير الله، فلو كانت ممتلئة بحبه لما وجد الشيطان،
فإذا أردت علما فاعلم أن خير ما تتعلم عنه هو الله، وإذا أردت عزا، فاعلم أن العز كل العز أن تعتز بالله.
المشكلة أيها المسلمون أننا لا نعرف الله تعالى حق المعرفة،
ولو كنا نعرفه حق المعرفة لما حدث ما حدث، الله تعالى أعظم مما تتخيل
وأجمل مما تتصور وأجل مما قد يخطر ببالك، ولذلك
(إنما يخشى الله من عباده العلماء).
أخي ماذا تعرف عن إلهك..
الذي تعبده أنت منذ سنوات ماذا تعرف عنه؟
هل تعرف عنه الكثير أم أنك لا تعرف إلا القليل،
هل تريد أن تعرف المزيد عن الله؟
سأعرفك اليوم بربك، ثم سأقول لله كلمة في نهاية هذه المحاضرة
وسأقولها باسمكم جميعا،
ربنا سبحانه عظيم، لا أعظم منه، ونحن لم نر ربنا فأنزل الله إلينا
كتابا شرح فيه عظمته لكي نهابه
ونعطيه قدره الذي يليق به سبحانه ففتحنا هذا الكتاب العظيم،
فإذا هو يقول لنا في أول سورة الحمد لله رب العالمين،
وفي آل عمران يقول لنا (قل اللهم مالك الملك)،
وفي الأعراف يخبرنا بشيء حدث قبل الميلاد أظهر الله فيه شيئا من عظمته فتغيرت بعض قوانين الأرض.
قال تعالى: (ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل
فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين)،
عن ثابت عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فلما تجلى ربه للجبل قال هكذا قال يعني أنه أخرج طرف خنصره». صححه الألباني.
وقال سفيان الثوري: ساخ الجبل في الأرض، حتى وقع في البحر فهو يذهب معه.
ومن لم يكن موجودا عندما اندك الجبل ولم يقرأ القرآن فيستطيع أيضا أن يرى عظمة الله،
عندما يرى تلك القوة الهائلة للإعصار أو للنار أو للبركان أو للزلزال فيقف مكتوف الأيدي..
ولا حتى الجيوش الهائلة ولا حتى الطاقة النووية ولا الأبراج العالية تستطيع أن تساعده.
ماذا عسى الإنسان أن يفعل أمام 7.9 درجات على مقياس ريختر؟
لا شيء..!
إلا أن يستعين بإله الزلزال فيهدئه، إلا أن يستغيث برب الإعصار فيطرده ويبعده،
بل إنه إذا قويت استعانتك به قلب لك ذات الشيء المدمر إلى شيء نافع منج،
فنفس النار التي أرادوا أن يلقوا فيها إبراهيم، فرعون وموسى، نوح والطوفان،
وهذه هي أشياء قوية نراها وإلا فهنالك أشياء قوية لكن لا نراها
ـ جبريل
ـ اسرافيل
ينفخ نفخة فيصعق من في السموات ومن في الأرض هذه قوة نفخته فكيف بقوة جسمه؟ ماذا عن قوة من خلقه؟
ـ عرش الرحمن
ـ حملة العرش
ـ خزنة النار
وكلها تشير إلى عظمته وأنه أقوى منها جميعا مجتمعة،
فكيف بقوة خالقها؟
فإذا كانت قوة البشرية كلها مع جيوشها وآلاتها وطائراتها وبوارجها
لا تساوي ملكا واحدا ولا نيزكا واحدا ولا ثقبا من الثقوب السوداء
الموجودة في السماء التي هي الآن،
وأنا أكلمكم هي الآن تلتهم مجرات بأكملها!
الإنسان إذا كانت عنده قوة فمن قوة القوي أخذ هذه القوة وإن كان
عنده علم فمن علم ذلك العليم أخذ العلم.
وقد عاتب الله خلقه فقال: (وما قدروا الله حق قدره).
عاتبنا عتاب الإله لعبيده الذين لم يباشرهم بالعقوبة،
بل أمهلهم وهو يقول لهم (مالكم لا ترجون لله وقارا).
(ألم تروا كيف خلق الله سبع سموات طباقا، وجعل القمر فيهن نورا)،
إنما عصى الله من عصاه بسبب أنه لم يقدر الله حق قدره..
ولو أنهم قدروا الله حق قدره لما فكر بالمعصية فضلا عن أن يرتكبوها،
(وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة).
رزق الله
خزائن الله مملوءة بكل ما تحتاجه البشرية، ويكفيها إلى يوم القيامة ويزيد،
وكل انسان في كل لحظة يحتاج إلى أشياء كثيرة من هواء، وربنا يعطيك إياها كل يوم بلا طلب..
ليس العجيب من عبد يتودد لسيده ويحبه ويحاول أن يرضيه فهذا هو الأصل..
العجيب من سيد يتودد لعبده ويعطيه لكي يرضى ويحبه، في كل لحظة
تحث ملايين الأشياء في هذا الكوكب كلها ربنا يقدرها ويريدها ويعلمها، وفي كل لحظة يولد آلاف ويموت آلاف.
رحمة الله
ومن شدة قرب رجاء الله منك فليس عليك سوى أن تظن بالله أي شيء تحبه وهو سيكون لك عند حسن ظنك.
س: يعني: أي شيء أحبه!
نعم أي شيء تحبه..
تظن أن الله سيرحمك.. يرحمك
تظن أن الله سيعتقك من النار.. يعتقك من النار
تظن أن الله سيدخلك الفردوس الأعلى.. يدخلك الفردوس الأعلى
لا توجد أي مشكلة.. الأمر أبسط مما تتصور..
وهذا ليس كلامي هذا كلامه هو سبحانه.. هو الذي قال ذلك عن نفسه..
وإلا فأنا ما الذي يدريني عن كل هذا
استمع إليه سبحانه وهو يقول ذلك في الحديث القدسي الذي يرويه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه:
«قال الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء»
انتهى كلامه سبحانه
وليس المسألة فقط احتمال يعني أنه ربما سيستجيب لي.. لا بل يقين تام قال صلى الله عليه وسلم: «ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة».
أصلا إذا فعلت ذلك أعطاك أكثر مما ترجوه وتريده منه.
ولكن بشرط أن يكون رجاء.. وليس أماني..
والفرق بين الرجاء والأماني أن الرجاء معه عمل
أما الأماني فهي ظنون بلا عمل.
فأنت في الحقيقة تفرح ربك.. وكل واحد منا يحب أن يفرح ربه.. وأنا أعلم أنك إذا دخلت في الصلاة لتقابل ربك وعرفت أن الله يفرح الآن فسوف تفرح أنت لفرحه..
وهو يفرح بتوبة عبده فإذا أتيته في الصلاة تائبا ترجو رحمته فسوف يفرح أكثر من فرحك أنت بل فرحه لا يشابه فرحك بوجه من الوجوه.
ألم أقل لك انه يعطيك أكثر مما تستحق بل وأكثر مما تتوقع.. فقط لأنك ترجوه.. ما أحلى رجاءه
إذا كانت رحمة الله قد وسعت كل شيء فكيف لا تسعك أنت؟
وسعت من هو شر منك..
قتل تسعا وتسعين نفسا.. ثم كمل المائة بعابد.. ومع هذا وسعته رحمة الله..
وأنت ما قتلت أحدا.. ما قتلت أحدا..
فكيف لا يرحمك !
الهيبة:
بعض الناس لا يهابون ربهم، وربنا يريد منك إذا تعاملت معه في صلاتك أو عبادتك أوطوافك حول البيت أن تهابه..
وعن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون أطت السماء وحق لها أن تئط والذي نفسي بيده ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجدا لله».
انك أنت الذي تأتي إلى الله تعالى.
نعم إن الله عزيز جبار.. أنت الذي تذل بين يديه وأنت الذي تأتي إليه.
الدليل: قال تعالى: (وإني لغفار لمن تاب وآمن) .
فإذا أتيت إليه ماذا سيحدث؟
اعلم أن الله كريم.. حليم.. عظيم .. وبالمؤمنين رؤوف رحيم..
إذا أتيته سبحانه فإنه سيأتي إليك أسرع مما تأتي إليه.. وسيقترب منك أكثر مما اقتربت منه..
سيسعدك
ودائما سيكون معك.. اللهم إلا في حالة واحدة:
إذا تركته أنت..
إن التعامل مع الله عجيب..
لا يشابهه تعامل مع أي أحد آخر.. ولا مع أي شيء آخر..
فإذا بدأت الطريق وأتيت إليه وتعلمت معه فستحس بسعادة ما أحسستها من قبل في حياتك..
وأنا لا أعرف كلمات ولا جملا ولا تراكيب لغوية أستطيع أن أعبر بها عن مفهوم وحقيقة هذه السعادة بل لابد أن تذوقها أنت بنفسك.
لماذا كل هذه السعادة؟
السبب ببساطة ستعرفه عندما تجيب عن هذا السؤال:
«من الذي خلق السعادة؟».
طبعا ستقول لي: الله تعالى هو الذي خلقها..
طيب.. هل سيعطيها لمن أتى إليه؟
أم لمن أعرض عنه؟
وكل شيء إذا خفته فأنت تفر عنه إلا الله تعالى، فالله إذا خفته فررت إليه.. قال تعالى:
(ففروا إلى الله)،
ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يقول:
«لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك»،
وربنا عظيم جدا لدرجة أنه لا يستعاذ منه إلا به..
فمن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك».
لاحظ برضاك أنت من سخطك أنت وبمعافاتك من عقوبتك وبك منك
لا أحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك.
فأنا أرجوك أنت وأخافك أنت إذن: أعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك.
من تأمل عظمة الله رأى إله عظيما ذا كبرياء وجبروت لا ينبغي له أن
يعصى ولا ينبغي له أن يخالف كل شيء تحت قهره وسلطانه الكون
والمجرات والنجوم الكبيرة والملائكة الكرام العظام كل هؤلاء
يمشون بنظام دقيق ينفذون كل يوم ما يريده الله منهم وما خالف أحد
منهم أمر الله ولا مرة واحدة منذ أن خلق الله السموات والأرض
.. فمن نحن حتى نخالف أمره أو نخرج عن هذا النظام.
ولوأن الله تعالى أهلك العباد كلهم مرة واحدة لأهلكهم جميعا وهو لا يبالي بهم.. قال تعالى
(يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد إن يشأ يذهبكم
ويأت بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز)،
ولكنه سبحانه كريم حليم عظيم وبالمؤمنين رؤوف رحيم..
الله تعالى عظيم.. إذا وقفت بين يديه شعرت تجاهه بهيبة..
ولو علمت عظمة الله لصغرت صلاتك في عينك حتى تصل إلى مرحلة
تشعر بها بأنك صغير جدا أمام عظمة ربك، أما هذا الذي يرى لنفسه فضلا
أنه يصلي وأنه لا تفوته ركعة وأنه وأنه.. فهذا لم يقدر الله حق قدره
ولنضرب على ذلك مثالا.
المثال
من المعلوم أن الملك يتنافس على رضاه علية الجميع .. فتجد كبار
وعلية القوم من الأمراء والوزراء والسادة والتجار والأغنياء يخطبون
وده ويأتونه في كل يوم بأعظم الهدايا والعطايا من الذهب والمجوهرات
وأغلى أنواع الطيب والثياب وغيرها.. فقط ليكسبوا وده..
فقط ليرضى عنهم فإنهم يعلمون أن الخير سيأتيهم من بعد رضاه.
فهم على هذا الحال من سنوات وبينما هم كذلك إذ قرر بائع
للخضراوات أن ينافس هؤلاء على الملك وأن يأتي إليه بهدية فجمع شيئا من
الخضار والخس ووضعه في سلة وطرق باب الملك.
من أنت؟ وماذا تريد؟
عنده هدية.. فقام ووضع هديته مع أعظم الهدايا وأثمنها ليقدمها للملك
معهم ثم أخذ بائع الخضار هذا بعد كل ما حدث يتمنن على الملك
ويتفاخر بهديته ما رأيكم بالله عليكم أليس المشهد مضحكا،
أليس من المنطقي ألا تدخل سلة الخضراوات هذه على الملك أصلا؟
والله إن المنة على صاحب الخضراوات هذا إذا سمحوا له بعرض هديته على
الملك فضلا عن أن يقبلها منه..
أما كون الملك يكافؤه عليها فهذا موضوع آخر.
ولله المثل الأعلى
ربنا سبحانه هو ملك الملوك، وفي كل يوم يعبده ويسترضيه كبار
الخلق من جبريل وميكائيل وإسرافيل وحملة العرش وقد عبده نوح عليه
السلام وإبراهيم وموسى وعيسى وقبل ذلك رسولنا صلى الله عليه
وسلم حتى آل البيت الأطهار.
وعبده أيضا كبار الصحابة أبوبكر وعمر وعثمان وعلي والعشرة
المبشرون بالجنة وأهل معركة بدر وأهل أحد كلهم كانوا يطلبون
رضاه ويقدمون له أعظم العبادات.
ومن كبار الذين كانوا يتنافسون على بابه أيضا سفيان الثوري والحسن
البصري والعلماء والأولياء والعباد حتى الجبال والكواكب
والأشجار تسبحه وتعبده.
وبعد هذا كله إذا جئت أنا أو جئت أنت لنزاحم هؤلاء بصلاة الظهر
أو بصلاة العصر أو بركيعات ما خشعنا حتى في ربعها فبأي شيء
عسانا أن ننافس معهم.
حب الله
ليس العجيب أن نحبه
لا تنظر إلى محبة الله على أنها شيء هين سهل أخشى بعد ذلك
أن تزهد فيها.
ماذا تظن أن يفعل الحبيب بحبيبه..إن محبة الله لك تعني أنه سيؤنسك
وسيرضيك حتى ترضى، جابر بن عبدالله جلس يبكي أباه.
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم تبكيه أو لا تبكيه لقد كلم الله أباك كفاحا بلا ترجمان
إذا كان الذي يحبك هو الله فماذا تريد بعد ذلك، علاوة ترقية سيارة
جديدة بيت على الشارع..
كل هذا وزيادة لا يهم بعد هذه العطية..
بعد حب الله تعالى.
على ماذا يحبنا الله تعالى؟
ما الذي يوجد فينا يجعلنا نستحق كل هذه المحبة..
لكن سبحانه عنده من الود والحب والمنة ما لم يخطر على بال
وإلا فوالله لو أن أحدا يفعل بي عشر الأخطاء التي نفعلها لله لما أحببته
وهذا واقع كل الناس.
إن تسمية العبد باسمه في مكان طاهر لا يعصى الله فيه ولاتدخله
الخطيئة لنعمة أريد كل واحد الآن أن يستشعر في نفسه هذا
الإحساس.. إلهي أنا الذي لا إله عندي غيره عظيم جدا إلهي سبحانه مع
عظمته ومع صغري أنا فإنه دائما يرحمني وإذا كلمته يسمعني ويرى
مكاني ويسمع كلامي.
بسم الله الرحمن الرحيم
(قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما)
إذا أحب عبده أكرمه.. ﻻ يوجد أحد إذا أحبك نفعك أكثر من
الله.. إذا أحبك الله نفعك نفعا ﻻ ينفعك إياه ملك يحبك وﻻ ينفعك إياه
وزير يحبك.. وﻻ ينفعك إياه مدير وﻻ أحد أنفع محبة تستفيد من ورائها
هي محبة الله.
يريد حبيب الله بطبيعته البشرية أن يعصي ربه فتأتي تلك اليد الحانية من
الله إلى وجهه فتصرفه بطريقة أو أخرى عما يضره وما ﻻ ينفعه..
في الدنيا بالراحة والسعادة.. وفي البرزخ يبعد القبر عنك ويبرده عليك
ويوصل لك أحبابك ممن مات قبلك لتتزاور معهم..
وينفعك يوم القيامة.
يكفي يكفي أنه يأمنك يوم الفزع الأكبر..
ثم إذا كان يوم لقاء الحبيب بحبيبه يوم القيامة فإن العبد يفرح فرحا
لم يشعر به من قبل قال صلى الله عليه وسلم : من أحب لقاء الله أحب الله
لقاءه فلابد أن يكون لقاء بين العبد وربه
وإلا فكيف يكون حب بين العبد وربه ولا يكون لقاء يوم القيامة.. ولهذا لما زاد الشوق والحب بالصحابة قالوا لنبيهم صلى الله
عليه وسلم:
هل نرى ربنا يوم القيامة؟
كيف نتعامل مع الله..؟
يجب أن تعرف كيف تتعامل مع الله وكيف يتعامل الله معك
وماذا يصنع الله بك الآن.. وإلى ماذا يهيئك؟
ثلاثة أصول للتعامل مع الله تعالى
تحدث الداعية مشاري عن 3 أصول للتعامل مع الله جاءت كالتالي:
1- الأصل الأول: احذر وأنت تتعامل مع الله
إن التعامل مع الله تعالى خطير.. ليس بالأمر السهل ولا البسيط، هذا إله
وليس كأي شخص آخر، قال تعالى: (ما لكم لا ترجون لله وقارا)
قال مجاهد: لا تبالون عظمة ربكم، وقال سبحانه:
(ويحذركم الله نفسه)
عوتب الحسن في شدة حزنه فقال: «ما يؤمنني أن يكون قد اطلع عليَّ في بعض ما يكره فمقتني، فقال اذهب فلا غفرت لك»،
نحن أحق بهذا من الحسن رحمه الله، ولكن ليس الخوف يكون لكثرة
الذنوب، فلو كان كذلك لكنا أكثر خوفا منه،
وإنما يكون لصفاء القلب وشدة التعظيم لله تعالى.
قال ابن الجوزي في صيد الخاطر: »تأملت حالة أزعجتني وهو أن الرجل
قد يفعل مع امرأته كل جميل وهي لا تحبه وكذا يفعل مع صديقه
والصديق يبغضه وقد يتقرب إلى السلطان بكل ما يقدر عليه والسلطان
لا يؤثره فيبقى متحيرا يقول: ما حيلتي؟ فخفت أن تكون هذه حالتي مع
الخالق سبحانه أتقرب إليه وهو لا يريدني وربما يكون قد كتبني
شقيا في الأزل».
قال ابن القيم في الفوائد: «من أعظم الظلم والجهل أن تطلب التعظيم
والتوقير من الناس وقلبك خال من تعظيم الله وتوقيره، فإنك توقر المخلوق
وتجله أن يراك في حال لا توقر الله أن يراك عليها» (الفوائد - ابن قيم الجوزية).
2- الأصل الثاني: التعامل مع الله يختلف عن التعامل مع غيره
وهذا الاختلاف من وجهين:
أ- تعامله معك يختلف عن أي تعامل تعامله معك أحد في حياتك.
ب- تعاملك معه يختلف عن أي تعامل تعاملته مع أي شيء في حياتك.
فإن كل من تعامل معك في السابق إنما مقصوده منفعة نفسه في النهاية،
إلا الله تعالى فإنه ينفعك لا لشيء إلا لك، كرما منه وفضلا
(يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد)،
قال ابن القيم في الجواب الكافي: «فكل من تحبه من الخلق أو يحبك
إنما يريدك لنفسه وغرضه منك والرب سبحانه وتعالى يريد لك كما في
الأثر الإلهي: «عبدي كل يريدك لنفسه وأنا أريدك لك»،
فكيف لا يستحيي العبد أن يكون ربه له بهذه المنزلة وهو معرض عنه
مشغول بحب غيره وقد استغرق قلبه محبة ما سواه؟!
وأيضا فكل من تعامله من الخلق ان لم يربح عليك لم يعاملك ولابد له
من نوع من أنواع الربح والرب تعالى إنما يعاملك لتربح أنت عليه أعظم الربح
وأعلاه فالدرهم بعشرة أمثاله إلى سبعمائة ضعف الى أضعاف كثيرة
والسيئة بواحدة وهي أسرع شيء محوا.
وإن الخلق أهون ما تكون عليهم أحوج ما تكون إليهم،
وأعظم ما يكون العبد قدرا عند الخلق إذا لم يحتج إليهم
بوجه من الوجوه، أما إذا زاد على ذلك بأن أحسن إليهم كان
أعظم ما يكون قدرا عندهم.
أما الله تعالى فأكرم ما تكون عليه أحوج ما تكون إليه..
وكلما افتقرت إليه أكثر.. واحتجته أكثر.. أحبك أكثر..
ألا ترى أنه يحب الملحين في الدعاء..
تقع في بلاء وضيق فيرسل لك من ينقذك ويفك ضيقك
فتشكر المرسل وﻻ تشكر من أرسله،
بل يتسخط إذا لم يعجبه شيء من أمور دنياه ومع هذا
فيستمر المتسخط عليه بإعطاء المتسخط.
3- الأصل الثالث: «ربنا ما عبدناك حق عبادتك»
نقول لربنا تعالى: «سبحانك ما عبدناك حق عبادتك، ما قدرناك حق
قدرك»، قال تعالى: (وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم
القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون)
سبحانك ربنا وبحمدك عدد خلقك، بعد هذا كله كيف لا تحب
القلوب من هذه صفاته وهذه أفعاله وهذا خلقه وهذه عظمته؟
داخل المسجد
حضور نسائي غفير
الخرّاز استعان بتقنيات حديثة .. للدلالة على قدرة الله
إحترامي
مواقع النشر (المفضلة)