(أَسَف) كَلِمَة وَاحِدَة بَسِيْطَة لَكِنَّهَا تَلْعَب دَوْرَا مَهْمَا فِي حَيَاتِنَا الْيَوْمِيَّة فَقَد تَعْتَذِر عِنَدَمّا تَتَعَثَّر فِي الْزِّحَام فِي قِدَم أَحَدُهُم، أَو عِنْدَمَا يَطْلُب مِنْك زَمِيْلَك فِي الْعَمَل وَرَقَة لِلطابِعَة بَيْنَمَا أَنْت تَسْتَخْدِم آَخَر وَرَقَة لَدَيْك. الاعْتِذَار فِي هَذِه الْمَوَاقِف لَيْس صَعْبَا، لَكِن الْأَمْر يَخْتَلِف عِنْدَمَا يَكُوْن الاعْتِذَار بِشَأْن أَخْطَاء حَقِيْقِيَة.
قَد تَشْعُر بِتَأْنِيْب الْضَّمِيْر لِأَنَّك جُرِحَت مَشَاعِر شَخْص مَا، لَكِن كَيْف تَعْتَذِر لَه؟ كَيْف تُبْدِي لَه نَدَمِك عَلَى مَا فَعَلْت ؟ وَمَاذَا إِذَا كَان كِلَاكُمَا مُخْطِئَا؟ مِن يُبَادِر بِالاعْتِذَار؟ إِلَيْك الْخُطُوَات الَّتِي تُسَاعِدُك عَلَى تُخْطِي مِثْل هَذِه الْمَوَاقِف:
1 - كُن صَادِقَا فِي اعْتِذَارُك.
إِذَا كَان الْشَّخْص الَّذِي تَسَبَّبَت فِي إِيَّلَامِه يُتَوَقَّع اعْتِذَارُك، فَهَذَا يَعْنِي أَنَّه يُحِبُّك! فَهُو يَنْتَظِر اعْتِذَارُك لِأَنَّه يَعْتَبِرُه بِمَثَابَة الْبَلْسَم الْشَّافِي لْجِراحَه كَي تَعُوْد عَلَاقَتِكُمَا إِلَى سَابِق عَهْدِهَا.
فَلَا تَتَرَدَّد، وَاعْتَذَر لَه مِن صَمِيْم قَلْبِك. وَلَا تَعْتَقِد أَن الاعْتِذَار يُظْهِرُك بِمَظْهَر الْضَّعِيِف فَالاعْتِذَار لَا يُعِيْد الْعَلَّاقَات إِلَى طَبِيْعَتِهَا فَحَسْب، بَل يُحْسِن مِن سَمِعْتُك أَيْضا، لِأَنَّه دَلِيْل عَلَى قُدْرَتِك عَلَى تَمْيِيْز الْصَّوَاب مِن الْخَطَأ. وَلَا تَلْجَأ أَبَدا إِلَى الْأُسْلُوب غَيْر الْمُبَاشِر فِي الِاعْتِذَار - كَخَلْط الْجَد بِالْهَزْل - فَقَد يُؤَدِّي إِلَى نَتِيْجَة عَكْسِيَّة، وَزِيَادَة أَلَم مِن أَخْطَأْت فِي حَقِّه لِإِحْسَاسِه بِأَنَّك تِكَابِر وَلَا تُرِيْد الاعْتِذَار صَرَاحَة. وَقَد يَكُوْن مِن الْأَفْضَل فِي بَعْض الْأَحْيَان عَدَم الاعْتِذَار نِهَائِيّا، إِمَّا لِأَن الْخَطَأ قَد نُسِي وَاغْتُفِر بِدُوْن أَسَفُك (فَلَا دَاعِي لِلْتَّذْكِيْر بِه)، أَو لِأَن اعْتِذَارُك سَيُفْتَح جِرَاحَا قَدِيْمَة أَوْشَكَت عَلَى الالْتِئَام.
2 - وُضِع نَفْسَك مَكَان مِن جَرَحْتَه.
الاعْتِذَار الْحَقِيقِي كَمُثَلَّث أَضْلَاعُه الْنَّدَم، وَالْشُّعُوْر بِالْمَسْؤُولِيَّة، وَالرَّغْبَة فِي الْإِصْلَاح. وَقَبْل أَن تَعْتَذِر، ضَع نَفْسَك مَكَان مِن جَرَحْتَه، وَقِيَم الْأُمُوْر مِن مَنْظُوْرَه. لَا تَتَنَصَّل مِن مَسْؤُوْلِيَّتِك عَن الْخَطَأ وَتَبْدَأ بِاتِّهَام مِن حَوْلِك فَتُصْبِح أَنْت الْمُخْطِئ الْوَحِيْد، بَل بَادِر بِالاعْتِذَار بِخِطْئِك قِبَل حَتَّى أَن تَعْتَذِر؛ فَلَا تَقُل أَبَدا: (أَنَا أَعْتَذِر لِأَنَّنِي أَشْعُر أَنَّك مُتَضَايِق، لَكِنَّنِي لَم أُخْطِئ فِي حَقِّك!) يَتَبَقْى بَعْد الاعْتِذَار أَن تَصْلُح مَا تَرَتَّب عَلَى فِعْلَتِك، وَأَن تَعْمَل جَاهِدا عَلَى أَلَا تُكَرِّر خَطَأَك مُرَّة أُخْرَى.
3 - اطْلُب الاعْتِذَار.
إِذَا كُنْت صَاحِب الْحَق، فَاطْلُبْه! لَا يَعْنِي ذَلِك أَن تَطْلُب اعْتِذَارَا بِالْمَعْنَى الْحَرْف، بَل إِن تُعَاتِب الْطَّرْف الْآَخِر عَلَى تَصَرُّفِه، وَتَنَبُّهُه إِلَى مَا فَعَل، وَتُوَضِّح لَه أَثَر ذَلِك عَلَى مَشَاعِرَك وَعَلاقَتك بِه.
4 - سَر فِي طَرِيْق ذِي اتَجَاهَيْن.
يُحَدِّث فِي بَعْض الْأَحْيَان سُوَء تَفَاهُم، فَيُتَّهَم كَلَّا الْطَّرَفَيْن الْآَخِر بِأَنَّه - يَقِيْنا - الْمُخْطِئ! عِنْدَمَا تَجِد نَفْسَك فِي مِثْل هَذَا الْمَوْقِف، بَادِر بِشَرْح وِجْهَة نَظَرِك، وَاسْأَل نَفْسَك - بِأَمَانَة - عَمَّا فَعَلْتُه. أَمَّا مُعْضِلَة (يَجِب أَن يَعْتَذِر هُو أَوَّلَا!) فَسَبَبُهَا الْأَوَّل وَالْأَخِير هُو الْصَّلَف وَالْغُرُوْر، وَحَلَّها بَسِيْط! اشْرَح لِلْطَّرَف الْآَخَر سُوَء الْفَهْم، وَوَضَح لَه أَنَّك تَفْعَل هَذَا حَرْصا عَلَى اسْتِمْرَار الْعَلَاقَة الْجَيِّدَة بَيْنَكُمَا. وَإِذَا بَادَرْت بِالاعْتِذَار؛ سَتَجِد أَنَّه سَيُعَامْلك بِالْمِثْل عِنْد حُدُوْث أَي مَوْقِف مُشَابِه، لِأَنَّه لَن يَنْسَى أَبَدَا مَشَاعِرَك الْصَّادِقَة نَحْوَه.
وَأَخِيْرا لَا يُوْجَد مَا يَضْمَن الْتَّسَامُح الْعَاجِل أَو حَتَّى الْآجِل بَعْد الاعْتِذَار، وَلَا يُوْجَد مَا يَضْمَن أَن يَعْتَذِر لَك مِن جَرْحِك.
لَكِن يَكْفِيَك الْتَحَرُّر مِن الْشُّعُوْر بِالْذَّنْب وَتَأِنيْب الْضَّمِيْر تُجَاه مِن جَرَحْتَه إِذَا بَادَرْت بِالاعْتِذَار وَطَلَب الْسَّمَاح
مواقع النشر (المفضلة)