السعودية تدخل عصر السياحة الدائمة بهدف التنويع الاقتصادي ومواجهة البطالة:
على الرغم من الاهتمام الكبير الذي بدأت السعودية توليه في الفترة الأخيرة لتطوير السياحة، وتفاؤل رجال الأعمال العاملين بقطاع السياحة بمستقبل الاستثمار السياحي، إلا أن تحويل المملكة إلى وجهة سياحية على مدار العام ، وتوفر عشرات الآلاف من فرص العمل للسعوديين، يواجه الكثير من العقبات.
ويقول خبراء في مجال السياحة إنه على الرغم موارد ومقومات السياحة في المملكة، والتي يمكن أن تساهم في دعم الدخل القومي وتنويعه، وتساعد في توفير عشرات الآلاف من فرص العمل للسعوديين، إلا أن السعودية تفتقر للتشريعات والتنظيمات لتحفيز الاستثمارات السياحية، إلى جانب البيروقراطية الشديدة، ونقص الكوادر البشرية السعودية المؤهلة للعمل في هذا المجال.
وقد اعترف الأمين العام للهيئة العامة للسياحة الأمير سلطان بن سلمان بوجود معوقات للسياحة، خلال الملتقى الأول للسفر والاستثمار السياحي، الأسبوع الماضي، لكنه أكد في الوقت نفسه أن الهيئة مصرة من خلال خططها على جعل السعودية وجهة سياحية، من خلال إزالة العقبات التي تقف أمام جعلها مصدرا مهما للدخل القومي.
عودة للأعلى
إعادة النظر في السعودة
ويقول رئيس لجنة الفنادق والوحدات السكنية بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض عبد الرحمن محمد الصانع، إن السياحة في السعودية تحتاج إلى إنشاء فنادق وإعطائها مميزات تمنع التكدس بها، وتخصيص أراضي حكومية للاستثمار الفندقي لمدة 40 عاما بدلا من 20 عاما.
وأكد لـ "الأسواق.نت" ضرورة إعادة النظر في نسبة السعودة المفروضة على القطاع الفندقي، إذ إن نسبة الـ32% أمر صعب التحقيق، لأن 90 % من عمالة الفندق خدمية مثل عامل نظافة وسفرجي، وهي وظائف لا يقبلها السعودي.
وأضاف أن الوظائف القيادية مثل رئيس مطعم، ورئيس مطبخ، ومشرف، تحتاج إلى خبرة لا تتوفر لدى السعوديين.
وحث الصانع على أهمية دراسة تخفيض رسوم الكهرباء للفنادق أسوة بالقطاعات الصناعية المختلفة كالمصانع وغيرها.
عودة للأعلى
نقص التشريعات والتنظيمات
وقال مدير عام شركة الرياض للتعمير عضو مجلس التنمية السياحية بالرياض الدكتور خالد الدغيثر لـ "الأسواق نت"، إن قطاع السياحة يحتاج إلى تشريعات وتنظيمات تحفز الاستثمارات السياحية، وأنه لا يمكن أن تأتي الاستثمارات السياحية ما لم تكن الأماكن المقصودة قد خضعت للتخطيط والتنظيم الهندسي، ونفذت فيها البنى التحتية الأساسية الملائمة.
واعتبر أن "الاستثمارات السياحية لا تستطيع وحدها ردم الفجوة التي يصنعها غياب التخطيط والتنظيم" مشيرا إلى أن أمام الهيئة العليا للسياحة مهام صعبة، كونها ترسي لصناعة سياحية ذات مزايا نوعية، وقال إن هناك حقولا في السياحة عدة لم تستثمر بعد كالسياحة العلاجية، ومثلها التعليمية.
من جهته، توقع مدير عام شركة الحكير للمشاريع الترفيهية والسياحية ماجد عبد المحسن الحكير أن يصبح مستقبل الاستثمار السياحي في المملكة من أكثر مجالات الاستثمار نجاحا في العقود القادمة.
واعتبر في حديثه لـ"الأسواق نت" أن سوق السياحة في المملكة خصبة وقادرة على استيعاب المزيد من المشاريع السياحية الواعدة.
وحول معوقات السياحة، قال إن أبرز ما يواجه قطاع السياحة السعودية، هو توجه الكثير من المواطنين للسياحة خارج المملكة، مع العلم أن مقومات السياحة في الداخل تضاهي السياحة الخارجية من حيث المعالم والأجواء السياحية وفي إطار ما تسمح به لنا العادات والتقاليد.
عودة للأعلى
بيروقراطية وغموض الإجراءات
أما الرئيس التنفيذي لشركة "صفوة" للنظم العقارية الحديثة محمد بن ناصر السعيد فأرجع تأخر قطاع السياحة في السعودية على البيروقراطية، وعدم وضوح الإجراءات مما يسبب ضعف الاستثمارات في القطاع السياحي.
وأكد لموقعنا أنه لا يزال أمام القطاع الخاص الكثير ليعمله في إطار دوره المطلوب لتنمية القطاع السياحي، مبديا أسفه لأن واقع الاستثمار السياحي في المملكة مرتبط بالمواسم.
ورأى أن السعودية تحتاج بشدة إلى الفنادق ذات المستوى العالي؛ حيث أن الجميع يبحث عن المرافق الراقية، داعيا إلى الاستفادة من وجود الصحراء كجاذب سياحي.
عودة للأعلى
1.3 تريليون ريال استثمارات سياحية
ويقول رئيس مجلس الغرف التجارية الصناعية السعودية عبد الرحمن بن راشد الراشد إن الاهتمام بصناعة السياحة في السنوات الأخيرة، أدى إلى بروز رجال الأعمال المستثمرين في هذا المجال، كما ساعد الإقبال الكبير في نمو مشاريعهم الاستثمارية المتنوعة، وارتفعت الاستثمارات السياحية في السعودية لتصل إلى نحو 1.3 تريليون ريال، وبلغت مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي نحو 6 % (الدولار يساوي 3.75 ريال).
وأضاف الراشد أن الإقبال الكبير الذي شهدته البيئة الاستثمارية في السعودية رفع عدد الغرف الفندقية فيها إلى نحو 100 ألف غرفة، كما بلغ عدد الوحدات المفروشة 53 ألف وحدة، إضافة إلى ازدياد عدد وكالات السفر والسياحة ومنظمي الرحلات إلى ألف وكالة سفر وسياحة ومنظم رحلات.
ولفت الراشد إلى ارتفاع الأنفاق على السياحة الداخلية في المملكة، إذ بلغ نحو 57.8 مليار ريال منها 35.5 مليار ريال على السياحة المحلية و22.2 مليار ريال على السياحة الوافدة.
عودة للأعلى
قلة الكوادر السعودية المدربة
ويرى نائب الأمين العام المساعد للاستثمار في الهيئة العليا للسياحة الدكتور حمد السماعيل أن الفرص الاستثمارية في قطاع السياحة متعددة، ولكن توجد معوقات الاستثمار السياحي تتمثل في قلة عدد الكوادر البشرية السعودية المؤهلة، ونقص عدد مرافق التدريب للطاقات البشرية السعودية للعمل في المجال السياحي، إضافة إلى الطلب الموسمي على الخدمات السياحية، وكذلك عدم وضوح سياسات تسعير الخدمات المقدمة.
وأشار إلى غياب المرونة لبعض الإجراءات الحكومية في المؤسسات ذات العلاقة بالنشاط الاقتصادي، معتبرا أن البنية الأساسية كالنقل والاتصالات ونظام الصرف الصحي ما زالت بحاجة إلى مزيد من التطوير خصوصا في المدن التي ينظر إليها كمناطق جذب سياحي واعدة.
عودة للأعلى
خطط لتنمية السياحة
وبدأت الهيئة العليا السياحة التي يقودها الأمير سلطان بن سلمان، في العمل على تنشيط السياحة في السعودية، من خلال إعادة هيكلة الهيئة، واستكمال نظام التأشيرة السياحية الإلكترونية، وبدء الترخيص لكل من منظمي الرحلات السياحية والمرشدين السياحيين والمتاحف الخاصة، ولمنشآت الإيواء بنظام المشاركة بالوقت.
وأكد أن الهيئة تخطط لجعل المملكة وجهة سياحية بارزة، ووضعت برامج تتضمن عشرات المبادرات الرامية إلى تنمية صناعة السياحة بكل أبعادها.
ورأى أن السياحة لن تنجح في السعودية إلا بوجود وجهات سياحية تتمتع ببنية تحتية قوية وأسعار مناسبة في قطاعات الإيواء والنقل وغيرها من الخدمات المساندة لصناعة السياحة بالمملكة، منتقدا عدم الاهتمام بالطرق البرية واعتبره أحد أسباب ضعف السياحة.
ويعول الأمير سلطان على قرار مجلس الوزراء بالموافقة على التنظيم الجديد للهيئة العامة للسياحة والآثار، حيث أصبح الاسم يهتم بالسياحة والآثار أيضا، وقال أن القرار يهدف إلى تمكين هذين القطاعين من الإسهام بفعالية في مسيرة التنمية.
وأعتبر أن هذا التنظيم والهيكلة الجديدة لقطاع السياحة خطوة مهمة نحو تحقيق نقلة نوعية مهمة للنهوض بقطاعي السياحة والآثار في المملكة وتطويرهما، بما يتوافق مع متطلبات التنمية الوطنية لتحقيق الأهداف التي من أجلها أنشئت الهيئة.
ويتيح التنظيم الجديد للهيئة جمع شتات القطاعات الرئيسية في السياحة الوطنية بالتعاون مع شركائها تحت مظلة الهيئة، وينظم علاقات هذه القطاعات مع الوزارات الأخرى.
عودة للأعلى
21% فقط من العاملين بالفنادق سعوديين
وتقدر إحصائيات مؤسسة النقد العربي السعودي حجم الإنفاق على السياحة في السعودية سواء الوافدة أو الأجنبية بنحو 73.7 مليار ريال في عام 2010، ومن المتوقع أن ينمو في عام 2020 ليسل إلى 101.3 مليار ريال.
وبلغ عدد العاملين في قطاع السياحة عام 2007 أكثر من 342 ألف موظف، يعملون في قطاعات فرعية لصناعة السياحة كالفنادق والمنتجعات وغيرها، منهم 47 ألف في مجال الفندقة 21 في المئة منهم سعوديون، بينما قدر التقرير العاملين في الشقق المفروشة بـ26 ألفا منهم 19 في المئة سعوديون
وبحسب إحصائيات منظمة السياحة العالمية، ينفق الخليجيون سنويا على تنقلاتهم الخارجية ما لا يقل عن 12 مليار دولار، تشكل نصف إجمالي الإنفاق العربي على السياحة الخارجية.
ويقدر إنفاق السائح الخليجي على الرحلة الواحدة بحوالي 1814 دولارا، بمعدل إنفاق 135 دولارا في الليلة الواحدة، متجاوزا بذلك إنفاق نظيره الأوروبي البالغ 836 دولارا للرحلة، بمعدل إنفاق 88 دولارا في الليلة.
وتعتبر السعودية أكبر أسواق السياحة الخارجية، حيث ينفق السعوديون نحو 7 مليارات دولار سنويا على السياحة، في حين ينفق الإماراتيون نحو 5 مليارات دولار، بمتوسط 1700 دولار للرحلة الواحدة.
هذا هو السبب في التنافس الذي نشب في السنوات الخمس الماضية بين الوجهات السياحية "الأوروبية" و"الآسيوية"، وعلى استحياء "العربية"، بالتحديد للتهافت على السائح الخليجي، الذي ينظرون إليه على أنه الأكثر إنفاقاً والأكثر إقامة خلال رحلته.
وبحلول شهر يوليو/ تموز من كل عام، يغادر مطارات السعودية أكثر من 250 ألف شخص، حيث تعتبر السعودية أكبر بلد خليجي يشهد هجرة بشرية في فصل الصيف, ويشكل عدد المغادرين من السعودية في الصيف 4.1 في المئة من إجمالي عدد سكان المملكة.
مواقع النشر (المفضلة)