فضل وشرف طلب وطالب العلم
إن أفضل عمل يتقرب به الإنسان إلى الله ليست الصلاة ولا الصوم ولا الزكاة ولا الحج ولكن أفضل عمل يتقرب به الإنسان إلى الله هو طلب العلم الديني والفقه في دين الله فدرس العلم عندما نحسب أجره نجده فوق كل تصور وأبعد من كل خيال فقد ورد فى الأثر في أجر مجلس العلم قولهم {مجلس علم وإن قل خير من عبادة سبعين سنة ليلها قيام ونهارها صيام} من غير علم فلو أن واحدة مكثت سبعين سنة تقوم الليل وتصوم النهار(على غير علم) وجاءت أخرى لم تعمل مثلها ولكنها حضرت مجلس علم صححت به عبادتها فإن لها عند الله أجر وثواب أكثر من التي عبدت الله السبعين سنة على جهل وحتى لا تستكثر واحدة أية مشاق لحضور درس العلم قال المعلم الأول صلى الله عليه وسلم وهو يحث كل مسلم ومسلمة على حضور مجالس العلم قال {إِذَا مَرَرْتُمْ بِرِيَاضِ الْجَنَّةِ فَارْتَعُوا " قِيلَ :يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا رِيَاضُ الْجَنَّةِ قَالَ :"مَجَالِسُ الْعِلْمِ }[1] وقال أيضا {مَا مِنْ خَارِجٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ يَطْلُبُ الْعِلْمَ إِلا وَضَعَتْ لَهُ الْمَلائِكَةُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا بِمَا يَصْنَعُ }[2] لماذا كان لمجلس العلم كل هذا الفضل والمنزلة العليا؟كانت مجالس العلم أفضل من كل هذه العبادات لأن الرسول قال{طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُل مُسْلِمٍ وَإِنَّ طَالِبَ الْعِلْمَ يَسْتَغْفِرُ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ حَتَّى الْحِيتَانُ فِي الْبَحْرِ }[3] لأن من تصلى وتصوم نافلة عبادتها سُنة أما طلب العلم فهو فريضة كما قال وهو لم يقل مسلمة لماذا؟لأن كلمة مسلم معها المسلمة فتطلق على الاثنين معاً لأن الإسلام لم يفرق بينهما في شرع الله إن كان في العبادات كالصلاة والصوم والزكاة والحج أو فى المعاملات الشرعية أو بكل شيء في دين الله على الرجل والمرأة إلا بعض الأمور التي تخص الرجال وبعض الأمور التي تخص النساء لكن المجمل الكل فيه سواء ولذلك قال {على كل مسلم} فما هو العلم الفرض على كل مسلمة أن تتعلمه فرض عين عليها؟ أى كل واحدة لابد أن تعلمه لا ينفع فيه أن تقولى أنا لا أقرأ أو لا أخرج من البيت هذا فرض فما العلم الذي هو فرض على كل مسلم ومسلمة أن يتعلموه : أن تتعلمى أركان الإسلام الخمسة التي قال فيها رسول الله { بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ الله وَأَنَّ مُحَمَّدا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَإِقَامِ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءِ الزَّكاةِ وَحَجِّ الْبَيْتِ وَصَوْمِ رَمَضَانَ}[4] وهذا الحديث الشريف هو مبدأ ومنطلق حديثنا عن العلم المفروض على كل مسلمة... فيجب على المسلمة منا أن تتعلم :أولاً:ثلاثة العقيدة والصلاة والصيام ثم الأمور الخاصة بالنساء رابعاً وهذه الأربعة لازمة حتما لجميعهن ثم تأتى معارف مختلفة لا غنى للمرأة عنها للتعامل مع شئون الحياة التى تسلتزمها المراحل العمرية والإجتماعية المتعاقبة للمرأة فى حينها وهذه تختلف كثيرا من أمرأة لأخرى ومن مرحلة إلى مرحلة تالية ولنفصل الأمر حتى نفهم معا ما المفروض علينا ؟
الأمر الأول : العقيدة
العقيدة بدءا بالشهادتين وأسرار هذا الإقرار العظيم لله بالوحدانية ولرسوله بالرسالة وتناولنا أحد أخطر شئون عصرنا الملىء بالضغوط والأحداث المتسارعة وهو موضوع الرضا بالقضاء والقدر وما نقع فيه من أخطاء.كما تحتاج المرأة فى باب العقيدة الصحيحة أن تفهم أسس قبول الأعمال ومعانى الإخلاص لله وكيفية تحرِّى الرزق الحلال، ثم تتعلم كيفية التحصن بالحصون الشرعية حتى لا تقع فريسة الوهم أو الدجل وهى
تخوض معترك الحياة بين محب ناصح و حاقد حاسد، وبين أهواء تتقاذفها وغايات قد تعجز عن الوصول إليها.
الأمر الثانى والثالث فى العبادات
هنا تحتاج المرأة لتتعلم الصلاة، وطبعاً معها الطهارة والوضوء لأن مفتاح الصلاة فيجب أن تعرف كيفية التطهر والوضوء ثم عليها أن تتعلم أحكام الصلاة ونحن مطالبات بالأحكام التي بها نستطيع أن نؤدي الصلاة لله ولسنا مطالبات أن نتعلم كل شيء في الصلاة بحيث أن نفتي فالإفتاء له أناس معروفون لكن كل مسلمة ملزمة بأن تعرف الأمور التي بها تستطيع أن تصلي و كذلك الصيام أما الزكاة ؟ والحج فليس كل مسلم مطالب بأن يعرف أحكامهما فإذا وجد مع المرأة مالٌ أو تجارة أو ممتلكات ؟ تسأل عن كيفية زكاتها و كذلك الحج فعندما تتوفر معها الاستطاعة وتنوي الحج يصبح فرضاً عليها أن تتعلمه.
الأمر الرابع : فى شئون النساء
وهو حاجة المرأة المسلمة أن تتعلم الشئون الخاصة بالنساء من حفظ العورات والزى الشرعى وأحكام الطهارة الخاصة بهن وغيرها ففى هذا الأمر تحتاج البنت من البداية أن تفهم كيف تحافظ على نفسها ثم تكبر وتحتاج أن تعلم الزى الشرعى للمرأة المسلمة؟ وما الزينة التي سمح لها الشرع أن تضعها؟ متى كيف؟ وأين ؟ ثم تأتى المرأة للمرحلة الطبيعية فى حياة كل فتاة وهى الزواج فتحتاج الفتاة أو المرأة لأحكام الزواج وما يستلزمه من المعرفة بالحقوق الزوجية والأسرية لأن معرفة الحقوق والواجبات هى الباب الأول لتجنب المشاكل أو حلها وتحتاج كذلك أن تتعلم كيف ترعى حملها عند حدوثه ثم ما تحتاجه من المعارف لتربى أبنائها تتعلم وتستعد قبل أن يأتوا فتكون جاهزة لأن تصبح أما صالحة ولا يكونوا أبنائها حقول تجارب لها ولمعارفها لا يجب أن تنتظر الواحدة حتى الواحدة حتى يكبر الأولاد لتتعلم رعايتهم متأخراً بل تتعلم لكل مرحلة ما يلزمها قبل الدخول فيها وهكذا كن يفعلن الأوائل ببناتهن وبالطبع هناك حقوق أخرى كثيرة تحتاج الفتاة أوالمرأة أن تتعلمها فى وقتها المناسب ومن أولها بالطبع حقوق الوالدين والأقارب معانى صلة الرحم وحق الجاروالفقير والمريض ثم بعدها أحكام البيع والشراء في الدين لأن هناك أشياء كثيرة نقع فيها ولا نعرف إذا كانت حلالاً أم حراماً؟هذه الأمور لا بد أن نعرفهاوهناك أيضا شأنان هامان تحتاجهما المرأة والبنت المسلمة على طول حياتها وهما سلامة الصدر من الغل والحسد وأن تقى نفسها من آفة اللسان
نصيحتان غاليتان
النصيحة الأولى
: وهى لكل إمرأة أو فتاة لاتقرأ ونحن طبعا نسأل أخواتنا القارئات لموضوعنا هذا أن ينقلن لهن هذه النصيحة الغالية فيقلن لهن أن عدم معرفتهن بالقراءة - فى هذا الزمان - لا يعطيهن العذر أو الحق أن يكن جاهلات بالعلوم المفروضة عليهن الجهل بالقراءة ليس عذرا لا عذر لهن أمام الله لماذا ؟ لأن من لا تقرأ فعندها إذاعة القرآن الكريم تعمل ليل نهار في الدروس الدينية التي تفقه المسلمين والمسلمات وعندها الكثير من قنوات الفضائيات الدينية لكن ليس هناك عندها عذر ولاتستطيع أية إنسانة أن تقول يا رب أنا لم أكن أعلم هذا الحكم أنا كنت جاهلة أو كنت لاأقرأ الجهل ليس عذر عند ربنا لماذا؟، لأن ربنا قال لنا [فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ] فالذي لا يعرف لا بد أن يسأل
النصحية الثانية
: أننى لا أنسى أن أوصى أخواتى القارئات بالواجب عليهن من الشكر لله لأنه منَّ عليهن بنعمة القراءة والفهم وقد حرمت منها أخريات فأقول لهن: أن شكر النعمة يكون من جنسها ولذا يجب عليهن أن ينقلن لمن لا يستطعن القراءة، سواءاً كنَّ أمهاتهن أو أخواتهن أو جاراتهن أو صاحباتهن : أن ينقلن لهن ما يستطعن مما حصلنه من القراءة بقدر الإمكان فيكن بذلك قد قدمن شيئا من الشكر لله أن منَّ عليهن بنعمة القراءة والفهم التى حرمت منها الأخريات وهن الفائزات على الحقيقة لأن الله سييقابل شكرهن القليل بالمزيد من نعمة الفهم والفتح والتوفيق للعمل بما يقرأنه وينقلنه لأخواتهن الغير قارئات والآن أخواتى وبناتى دعونا نرى درساَ عمليا وتطبيقيا على مانقول كيف كانت المسلمات الأوائل يطلبن العلم؟ كيف حرصن عليه وبذلن الكثير لتحصيله على الرغم من المشقة البالغة حينذاك ولم يكن ثمة كتب مطبوعة أو إذاعات أو فضائيات أو حتى مصاحف بالبيوت كان سيدنا رسول الله يجعل مجلس علم خاص للنساء وذات يوم جلست النساء مع بعضهن وكلفن واحدة منهن تتكلم بالنيابة عنهن فجاءت النبى وهو بين أصحابه وقالت له {بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي إِنِّي وَافِدَةُ النِّسَاءِ إِلَيْكَ وَاعْلَمْ - نَفْسِي لَكَ الْفِدَاءُ - أَمَا إِنَّهُ مَا مِنِ امْرَأَةٍ كَائِنَةٍ فِي شَرْقٍ وَلا غَرْبٍ سَمِعَتْ بِمَخْرَجِي بِمَخْرَجِي هَذَا أَوْ لَمْ تَسْمَعْ إِلا وَهِيَ عَلَى مِثْلِ رَأْيِي، إِنَّ رَأْيِي، إِنَّ اللَّهَ بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَآمَنَّا بِكَ وَبِإِلهِكَ الَّذِي أَرْسَلَكَ، وَإِنَّا مَعْشَرَ النِّسَاءِ مَحْصُورَاتٌ مَقْصُورَاتٌ، قَوَاعِدُ بُيُوتِكُمْ، وَمَقْضَى شَهَوَاتِكُمْ، وَحَامِلاتُ أَوْلادِكُمْ، وَإِنَّكُمْ مَعَاشِرَ الرِّجَالِ فُضِّلْتُمْ عَلَيْنَا بِالْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَاتِ، وَعِيَادَةِ الْمَرْضَى، وَشُهُودِ الْجَنَائِزِ، وَالْحَجِّ بَعْدَ الْحَجِّ، وَأَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ مِنْكُمْ إِذَا أُخْرِجَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا وَمُرَابِطًا حَفِظْنَا لَكُمْ أَمْوَالَكُمْ، وَغَزَلْنَا لَكُمْ أَثْوَابًا، وَرَبَّيْنَا لَكُمْ أَوْلادَكُمْ، فَمَا نُشَارِكُكُمْ فِي الأَجْرِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ: فَالْتَفَتَ النَّبِيُّ إِلَى أَصْحَابِهِ بِوَجْهِهِ كُلِّهِ، ثُمَّ قَالَ: " هَلْ سَمِعْتُمْ مَقَالَةَ امْرَأَةٍ قَطُّ أَحْسَنَ مِنْ مَسْأَلَتِهَا فِي أَمْرِ دِينِهَا مِنْ هَذِهِ ؟ " فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا ظَنَنَّا أَنَّ امْرَأَةً تَهْتَدِي إِلَى مِثْلِ هَذَا فَالْتَفَتَ إِلَيْهَا ثُمَّ قَالَ لَهَا: انْصَرِفِي أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ وَأَعْلِمِي مَنْ خَلْفَكِ مِنَ النِّسَاءِ أَنَّ حُسْنَ تَبَعُّلِ إِحْدَاكُنَّ لِزَوْجِهَا وَطَلَبَهَا مَرْضَاتِهِ وَاتِّبَاعَهَا مُوَافَقَتَهُ تَعْدِلُ ذَلِكَ كُلَّهُ، قَالَ: فَأَدْبَرَتِ الْمَرْأَةُ وَهِيَ تُهَلِّلُ وَتُكَبِّرُ اسْتِبْشَارًا }[5] وفى رواية {أَبْلِغِي مَنْ لَقِيْتِ مِنَ النِّسَاءِ أَنَّ طَاعَةِ الزَّوْجِ وَاعْتِرَافاً بِحَقِّهِ يَعْدِلُ ذَلِكَ وقَلِيْلٌ مِنْكُنَّ مِنْ يَفْعَلُهُ}[6] فكلهن يريدن أن يتعلمن ويسمعن من رسول الله فكانت الواحدة تذهب وتسأل وتحضر المجالس ثم تعود لتخبر النساء من خلفها بما سمعته وتعلمته من رسول الله وبما أوصاها به للنساء وكان يمدح نساء الأنصار ويقول فيهن عليه الصلاة والسلام {نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الأَنْصَارِ لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُهُنَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَسْأَلْنَ عَنِ الدِّينِ وَيَتَفَقَّهْنَ فِيهِ}[7] وهذا ما نوصيكم به دائما وأبداً يا أخواتى أن تحرصن بكل جدًّ وإهتمام علي تعلم ما يلزمكن علمه وفى وقته المناسب ولا يأخذكن الخجل أو الحياء فتمتنعن عن السؤال عند الحاجة إليه واحرصن على حضور مجالس العلم ولتسمع الحاضرة منكم الغائبة فربَّ مبلغ أوعى من سامع وإنى أبشركن فأقول أنه عندما تعمل من بلغتيها بما أخبرتيها به عندها تأخذين مثل أجر عملها كما أخبر بذلك الحبيب فإذا هى الأخرى بلغت غيرها أو نساء أخريات وعملت فكل من عملت أخذت مثل أجرها فيا هناكى ويالسعادتك بكلمة خير واحدة تبلغيها أخذتى مثل أجورهن جميعا [1] عن أنس بن ماللك عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمُعْجَمُ الْكَبِيرُ لِلطَّبَرَانِيِّ[2] ابن خزيمة عن صفوان بن عسال المرادى[3] ابن عبد الْبر في الْعلم عن أَنَسٍ رضيَ اللَّهُ عنهُ.(جامع الأحاديث)[4] عن ابْنُ مُحمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ، رواه الشيخان[5]شعب الإيمان للبيهقى عن أسماء بنت يزيد.[6]رواه البزار،مجمع الزوائد عن ابنِ عبّاسٍ.[7] جامع بيان العلم عن عائشة
مواقع النشر (المفضلة)