النظام الإسلامي في صالات الأفراح
علينا أن نراعى فيها أمور
الأمر الأول: الوسطية أن تكون الصالة مناسبة لما معي من مال لا يوجد داعي نحجز في فندق خمس نجوم وأكل سيتكلف مبلغاً كبيراً وغيره بل إن بعض هذه الأفراح تتكلف مبالغ خيالية وفي المراكب والمأكولات وغيره هذا إسراف ويؤدي إلى إتلاف
الأمر الثاني: لا يكون فيها سفه ولا تبذير في المأكولات حتى ولو كان معي المال إذا أردت أن آتى بطعام إذاً لا بد أن يكون بطريقه إسلامية {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا} أما ما يحدث في الحفلات الكبرى حيث تجدون أطنان المأكولات ترمى فهذا سرف وتبذير يقول فيه العلي القدير {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ} وأكرر مرة ثانية حتى لو كان الأب مقتدر على دفع هذه المصاريف لابنه أو ابنته أو كان الزوج نفسه سيدفعها بنفسه ومن جيبه وقادر على مثل هذه التكاليف الباهظة فإن هذا الإسراف والتبذير خروج عن الحدود الشرعية والسنة النبوية كما أمرنا البشير النذير والخروج عن الشرع لا يأتي بخير البتة
ثالثاً: أن يكون النساء في مكان والرجال في مكان
رابعاً :وأن يكون هذا الأمر في غير مواقيت الصلاة فإذا جاء موعد الآذان فعلى الجميع أن ينصتوا لسماع الآذان فليؤذن المؤذن للآذان وليسكت الحضور جميعاً حتى لا يرتفع صوت فوق صوت المؤذن الذي ينادى لله والذي يقول حي على الصلاة يعني أقبل على الصلاة حي على الفلاح يعني أقبل على الفوز والفلاح وهم من أول من يريدون فوزا وفلاحا ونجاحا وتوفيقا في هذا الوقت
خامسا : تكون العروس كما قلت محجبة ولا يظهر منها شيء حرمه الله.
سادساً: لا يدار شيء في الصالة يغضب الله فلا يجوز أن يدار فيها الخمر ولا البانجو ولا أي من المسكرات أو المفترات التي حرمها الله وإنما الأمور المباحات من مأكولات أو مشروبات لأننا نريد أن نحيط هذين العروسين باليمن والبركة، فقد قال النبي {مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يَجْلِسْ عَلَى مَائِدَةٍ يُدَارُ عَلَيْهَا الْخَمْرُ}[1] ولا يكون فيها رقصات تؤدى إلى تسمم عيون الناظرين والناظرات وارتكابهم للمحرمات إذا أردنا أن نشارك العريس ونرقص أو أي أحد من الأهل يريد أن يرقص إذا الرجل مع الرجال والمرأة مع النساء لا مانع ولا يجوز أن ترقص النساء مع النساء أمام الرجال ليتفرجوا عليهم وهم يتمايلون ويرقصون إذا كانت النساء سترقصن يكون في مكان مخصص لهن ولا يطلع عليهن الرجال لا من عند العريس ولا العروسة ولا يصح أن أجهز راقصة وتأخذ قليل أو كثير لماذا؟ لأنها تكشف جسمها ولو حتى سترقص للنساء لأنه لا يجوز بحال إظهار العورات وما تعود عليه كثير من الناس وهذه مصيبة ظهرت في هذا الزمان أنهم يحكموا على العريس والعروسة عند دخول الصالة أنهم يرقصون مع بعضهما أمام الناس ويمكن يجعلوهم يرقصون إلى نهاية الفرح من الذي قال هذا ولماذا؟ حتى أن بعض الشباب والفتيات يذهبون ليأخذوا دورة تدريبية في الرقص لكي يعجبوا الناس في الفرح ولماذا ذلك ؟لماذا لا يجلس العريس محترما وكذلك عروسه؟ ومن يريد أن يشارك يكون باحترام ووقار ولا يكون هناك شيء يغضب الله ولا يصح أيضا أن تدار موسيقى خليعة أو غناء ماجن أو مثير للشباب والأمر في السنة أنه لما علم الحبيب المصطفى أن النفوس لها رغبة أن تفرح بهذا الأمر وأن يكون لها نصيب في ذلك وقد ورد في الأثر أن روحوا النفوس ساعة بعد ساعة فإن النفس إذا كلت عميت ولذا فقد قال في شأن العرس {واضْرِبُوا عَليْهِ بِالدُّفُوفِ} ولما كان الضرب بالدفوف لا يجوز أن يكون في بيت الله فكان هذا تصريحاً من حبيب الله ومصطفاه أن نجعله في مكان غير المسجد يفرح فيه الأهل والزوجان وجميع الحضور بهذا الزواج ويضربون عليه بالدفوف وهي الموسيقى التي لا تخالف شرع الله وليس فيها شيء يغضب الله بل إنه صلى الله عليه وسلم وجه إلى هذا أعظم زوجاته فقد ورد أنه دخل المنزل فتفقد السيدة عائشة فلم يجدها وبعد برهة دخلت فسألها: أين كنت؟ قالت: كنت أشهد عرساً للأنصار فقال: إن الأنصار يعجبهم اللهو أفلا جعلتم لهم من ذلك شيئاً؟، قالت: وكيف يا رسول الله؟واسمعوا واعوا للحبيب الأعظم يضع كلمات الأغنية التي يغنونها في الأفراح
فقال لعائشة : هلا قلتم لهم :
أَتَيْنَـاكُمْ أَتَيْنَـــاكُمْ................ف َحَيُّـــونَا نُحَيِّيكُمْ
ولَوْلا الْحِنْطَةُ السَّمْرَاءُ..... لَمْا سَمِنًتْ عَذَارِيكُمْ
الحبيب هو الذي يضع هذه الكلمات ويأمر خير الزوجات أن تأمر من يغنيها للأنصار لأنهم يعجبهم هذا الأمر في أفراحهم وفى مرة أخرى { لما خطب أحد الصحابة وكان يدعى نُبَيْطُ بْنُ جَابِرِ خطب الْفُرَيْعَةُ بنت أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ، فَزَوَّجَهَا إِيَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي زُفَّتْ فِيهَا، قَالَ لَهُمْ [2] :
واسمع هنا فقد غير وعدَّل كلمات الأغنية وأضاف إليها فقال لهم قُولُوا :
أَتَيْنَـاكُمْ أَتَيْنَـــاكُمْ.. .فَحَيُّـــونَا نُحَيِّيكُمْ
ولَوْلا الْحِنْطَةُ السَّمْرَا ءُ..... لَمْ نَحْلُلْ بِوَادِيـكُمْ
وَلَولا الذَّهَبُ الأَحْمَـرُ .....مَا حَلَّتْ جَنَابِيـكُمْ
ونزيد الأمر إيضاحا شرعيا ، وننبه زيادة على أن الغناء لا يكون فيه لا ألفاظ تخدش الحياء ولا ألفاظ تهيج الغريزة ولا ما يثير الفتنة بين الشباب والشابات غناء ديني أو غناء إنساني أو غناء عاطفي لكنه ملتزم بشرع النبي فإن النبي عندما هاجر من مكة إلى المدينة كان أول من استقبله نساء الأنصار وأنشدوا كما تحفظون جميعاً:
طلع البدر عليـنا ... من ثنيـــات الوداع
وجب الشكر علينا ... ما دعـــا لله داع
أيها المبعوث فيـنا ... جئت بالأمـر المطاع
جئت شرفت المدينة ... مرحـبا يا خير داع
لم ينكر عليهم ذلك بل سره وأفرحه كما قد ورد أن رسول الله مر ببعض المدينة فإذا هو بجوار يضربن بدفهن ويتغنين ويقلن :
نحن جوار من بني النجار ... يا حبذا محمـــد من جار
فاقترب منهن وقال لهن {الله يعلم إني لأحبكن}[3] فأيد هذا الأمر ولم ينكره ولم يعترض عليه فكان ذلك إذناً من حضرته بمثل هذا اللون من الغناء الذي فيه مدح وثناء وألفاظه تغذي العقل أو تخاطب العاطفة والوجدان والقلب ولا تخدش الحياء ولا تسمع الأذن كلاماً لا يستطيع أن يستسيغه الذوق السليم أو الأذن المستقيم فإن هذا ينهي عنه الله وينهى عنه سيدنا رسول الله فإذا كان الأمر كذلك فإن هذا أباحه شرع الله وهذا هو بيانه من كتاب الله ومن سنة رسول الله أما توثيق العقد فيستحب أن يكون في بيت الله وقد يكون معه درس علم أو يكون تلاوة كتاب الله أو يكون أي أمر يبيحه الله أما ما زاد عن ذلك من الفرح والتعبير عن السرور فقد جعله في مكان آخر مثل هذه الأندية والصالات هذا يا إخواني هو الهدى الإسلامي في مثل هذه الأمور فالإسلام لا يحجر علينا واسع فضل الله ولا يحرم علينا الطيبات التي أباحها الله وإنما يقننها و يشرعها لتكون وفق قانون الله وعلى المذكرة التفسيرية التي بينها رسول الله
ســابعاً: وبعد ذلك نبارك للعروسين وأفضل ما يقال هو ما ورد عن رسول الله أن نقول { باركَ اللَّهُ لكَ وباركَ عليكُما وجمعَ بينَكُما في خيرٍ}[4] ومن ضمن المباركة للعروسين تأتى عادة النقوط ننقط العريس والعروسة وأقل حاجة مائتين جنيه أو أقل أو أكثر لماذا؟ اعملوا بالفلوس مشروع لو غير محتاجين لمشروع اعملوه للفقراء والمساكين يبقى لكم عند الله فإن كان لابد من النقوط فلتكن بنية الهدية والوسطية و لا ننتظر ردها وإنما لله
[1] (سنن الترمذي) عن جَابِرٍ.
[2] الطبقات الكبرى لأبن سعد
[3] أخرجه ابن ماجه والطبراني في المعجم الصغير بنحوه عن أنس بن مالك
[4] رواه أحمد، والترمذي، وأبو داود، وابن ماجه عن أبي هريرة.
منقول من كتاب [المؤمنات القانتات]
مواقع النشر (المفضلة)