مع ارتفاع عدد أفراد الأسرة السعودية ازداد الاحتياج للعقار، ومع قلة الدخل بدأ المواطن يتعلم سلوك سوق العقار ويشارك فيه ليصنع دخلاً إضافياً يُعينه على مستلزمات الحياة ومحاولة الحصول على بيت يخصه ويُضم أفراد أسرته. وأصبح الحل لزيادة دخل الفرد هو عبر الدخول في فرص استثمارية، وأصبح العقار أكثرها جذباً، والآن مع ارتفاع الطلب على العقار والأسعار أصبح سوق العقار مكاناً حتى لصغار المستثمرين عبر تأجير وحدات صغيرة، أو الصناديق العقارية، والمشاركة في أي اكتتاب عقاري.
أخذت السعودية الطريقة الأمريكية لمعالجة احتياجات المجتمع ، وذلك لدفع وتنمية قطاع يخلق دخلاً اقتصادياً يساعد المواطن على تلبية احتياجاته ورفع الاستهلاك لبقية القطاعات الأخرى... ولكن أتساءل عن دور التنظيم لهذه السوق الذي لم تطرح - حتى الآن - الجهات المسؤولة طريقة واضحة لتسعيره (التثمين) وعلى أي أساس يتم تقييم سعره، وما هو دور مكاتب المحاماة لدراسة أي عقد قانوني سواء في السوق العقاري، أو في الرهن العقاري، وهو الإضافة التي سوف تضاعف نشاط السوق العقاري.
لأن لكل قطاع ونشاط اقتصادي أدوات لضرورة إنجاحه مثل السيولة للمتاجرة وسوق التداول وقوانين لهذا السوق، ولكل من هذه الأدوات جهات مسؤولة من الدولة للمتابعة مثل مؤسسة النقد للبنوك (التمويل)، ووزارة العدل لمكاتب المحاماة ووزارة التجارة لمكاتب العقار.
المشكلة أنه عبر الماضي، وأزمة انهيار سوق الأسهم اتضح أن الجهات الاقتصادية المسؤولة للدولة ليست بسرعة المؤسسات الاقتصادية الموجودة في السوق وكيف كانت البنوك أسرع من مؤسسة النقد وكيف عبأت السوق بسيولة عالية عبر قروض سهلة الشروط، وحتى رغم تعديل هذه الشروط للقرض.. أقول إن البنوك تعرف كيف تقدم قروضها بمهارة، والقروض هي صانعة الديون.
أخشى على المواطن من هذا السوق الذي يرتفع بشكل سريع وبدون برنامج للتثمين ولتذبذبه المفرط.. مثلاً انخفض المؤشر العقاري في الرياض خلال أسبوع واحد 45%، وارتفع في الشرقية 288%... هذه علامات نمو غير صحية.. وبدون تشاؤم هذه علامات سوق سينمو ولكنه مهدد بانهيار يَفلسُ مستثمريه (المقترضين).
ولن يتحمل المواطن ضربة أخرى بعد انهيار سوق الأسهم في زمن زاد فيه التضخم عن 8% وزادت أعداد الأسرة والمسؤولة.
مواقع النشر (المفضلة)