[frame="4 10"]
[CENTER]علامة حب الله لأي عبد من عباد الله بينها رسول صلى الله عليه وسلم في حديثه الذي يقول فيه {إذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْراً فَقَّهَهُ فِي الدِّينِ} ولم يكتف بذلك لأن العلم لابد له من العمل فأكمل صلى الله عليه وسلم وقال {إذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْراً فَقَّهَهُ فِي الدِّينِ وَأَلْهَمَهُ رُشْدَهُ}{1}
يعني وفقه في العمل الذي تعلمه
وحادثة الهجرة السعيدة تزيد إيمان المؤمن إيماناً ، وتفاصيل الحادثة الحمد لله كلنا يعلمها لكن اكتفي اليوم منها بما أبشر به نفسى وإخواني بعناية الله وكفالة الله وتأييد الله لكل عبد تمسك بهدى الله ، يكفينا جميعاً قول الله {إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ} التوبة40
ولم يقل في الآية فقد ينصره الله وإلا كان النصر معلقاً وحادثاً لكن جاء بما يفيد أن النصر من الله مقدر له صلى الله عليه وسلم قبل خلق الخلق لأن القرآن كلام الله القديم فقد نصره الله قبل خلق الخلق ونصر الله واضح في آيات القرآن
فإن الله كما أخبر القرآن عندما خلق الحَبيب صلى الله عليه وسلم روحاًَ نورانية قبل خلق جسمه وخلق أرواح الأنبياء والمرسلين جميعهم وأخذ عليهم العهد والميثاق أجمعين أن يؤمنوا به وينصروه ويؤازروه ويبلغوا أممهم بصفاته ونعوته ويطلبوا ممن طال به الزمن إلى عصر رسالته أن يؤمنوا به صلى الله عليه وسلم ويتبعوه {وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ} وهذا قبل الرسالة {لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ} آل عمران81
والرسالة لا تكون إلا بعد ظهور الجسم في الحياة الدنيا لأنها تكليف من الله لإبلاغ دعوة الله إلى الخلق. ماذا أخذ على النبيين من الميثاق؟ {لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ} آل عمران81
يؤمنوا به وينصروه فأخذ الله العهد على الأنبياء أجمعين أن ينصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كيف ينصروه صلى الله عليه وسلم ولم يكونوا في زمانه وتنتهي آجالهم قبل مجئ أوانه؟
ينصروه بإظهار صفاته ونعوته وعلاماته لأممهم وأتباعهم ويأمرونهم أن يتبعوه إذا حضروه وقد كان ذلك والأمر يطول إذا تتبعنا السيرة العطرة لكن يكفي ما جاء على لسان نبي الله موسى وما جاء على لسان نبي الله عيسى {وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} الصف6
ولم يبشروا به وبنعوته فقط بل حتى أوصاف أصحابه كانت مذكورة في التوراة والإنجيل {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ}الفتح29
مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل مذكورين بصفاتهم حتى أن التاريخ يروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما توجه للصلح مع البطارقة واستلام مفاتيح بيت المقدس ذهب وخادمه ولم يكن لهم إلا مركب واحد فكانوا يتناوبون ركوبه عمر يركب والخادم يمشي ثم يركب الخادم ويمشي عمر خلفه
فلما اقتربوا من القوم كانت نوبة الخادم في الركوب فقال يا أمير المؤمنين إني تنازلت لك عن نوبتي هذه لأن القوم على استعداد للقاءك وكيف يلقون أمير المؤمنين ماشياً والخادم يركب فأصر عمر على ذلك فلما دخلوا عليهم سألوا أين عمر؟ فقالوا: الذي يمشي فقالوا: هكذا نجد عندنا صفته في الإنجيل إنه يدخل بيت المقدس ماشياً وخادمه راكب بجواره
فأوصاف أصحابه كذلك ذكرها الله في التوراة وذكرها الله في الإنجيل وذكرها الله في الزابور وذكرها الله في كل الكتب السابقة وأنتم تذكرون جميعاً أنه صلى الله عليه وسلم قال: {أَنا دَعْوَةُ أَبي إِبْراهيمَ}{2}
{رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ} البقرة129
هذه دعوة سيدنا إبراهيم وكان صلى الله عليه وسلم
فنصر الله لحَبيبه ومُصطفاه كان من قبل القبل فقد أيده وأمر الرسل الكرام بإبلاغ صفاته ونعوته لأممهم وهيأ الكون كله وأمره أن يكون رهن إشارته
لكن العبرة التي نحتاج إليها في هذه الظروف الحالكة في حياتنا اليوم أن نعلم علم اليقين ولا نشك في ذلك طرفة عين ولا أقل أن أي رجل منا أقبل بصدق على الله وتمسك في سلوكه وهديه وحياته بشرع الله فلم ينافق ولم يمارِ ولم يبتغِ بعمله إلا وجه الله فإن الله يجعل له قسطاً من نصر الله لحَبيبه ومُصطفاه صلى الله عليه وسلم فيؤيده وينصره في أي موقع وفي أي زمان وفي أي مكان لأن هذه سنة الله التي لا تتبدل ولاتتغير على مر الزمان ولا بتبديل المكان
{1} رواه البزار عن ابن مسعود، البيهقي في شعب الإيمان عن أنس
{2} رواه ابن سعد عن الضحاك مرسلاً في كتاب جامع الأحاديث والمراسيل
مواقع النشر (المفضلة)