يتوقف استمرار الطفل في أفعاله أو انتهائه عنها تبعاً لما يراه من رد فعل من قبل والديه أو من قبل من حوله،
الذين يشاهدون ما يفعله في هذه اللحظة بالذات لها مردود ربما يكون سلباً أو إيجابا على الطفل،
ولكن وبكل أسف، فإن الكثير من الآباء والأمهات والمربين وحتى أقارب الطفل يغفلون عن هذه الحقيقة، ويكتفون بالضحك،
والتعبير بالسرور عن كل ما يصدر عن الأطفال على اعتبار أنهم كبروا، وبدأوا يتكلمون ويتحاورون معهم،
ونحن لا ننكر على الآباء والأمهات فرحتهم بأبنائهم، داعين الله تعالى أن يقر أعينهم بهم،
ولكن مانريده هو الوصول بهؤلاء الأبناء إلى الصلاح والفلاح،
وأن يكونا لبنة صالحة ونبتة طيبة في المجتمع المسلم، ولا يكون ذلك إلا بتأديبهم وحسن توجيهم،
لذلك روى ابن ماجةفي سننه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: أكرموا أبناءكم، وأحسنوا أدبهم،
وفي رواية الطبراني : الزموا أبناءكم·
من أجل ذلك ننصح الآباء والأمهات:
أن ينتبهوا لما يصدر من أبنائهم، ولا يضحكوا أو يحمدوا كل ما يفعلونه،
بل عليهم أن يميزوا لهم بين الرشد والغي، وينبهونهم بوسيلة أو بأخرى إلى الفعل الخطأ،
واللفظ المشين، حتى يمتنعوا عنه، ويجتنبوه، ولا يكرروه مرة ثانية،
والوسائل كثيرة لتعريف الطفل بخطئه، فتارة تكون بالنظرة الغاضبة،
وأخرى تكون بالكلمة ذات الهجة الغاضبة، ولا تتعدى هذه أو تلك لحظات قليلة،
عندها يعلم الطفل خطأه، ويكف عنه، وينبغي مراعاة أمر مهم،
هو أن يكون النهي والزجر تالياً للخطأ الذي تم ارتكابه من قبل الطفل مباشرة،
ولا يفصل بينهما شيء، حتى يعلم الطفل عن أي شيء زجر ونهر فلا يعود إليه مرة ثانية·
والأم هي التي تلازم أطفالها في صغرهم وهي التي تشاهد أكثر تصرفاتهم، وتسمع أول كلماتهم،
لذلك يجب عليها أن تنتبه إلى هذه المهمة التربوية فلا تشجع الخطأ،
أو تتصرف تصرفاً يفهمه الطفل على أنه رضا وقبول لما صدر منه،
وهذا يدفعه إلى تكرار الخطأ والتمادي فيه، وربما يستمر في فعله هذا حتى يكبر،
وعندها يكون الأمر جريمة، ولنضرب مثالاً لما نقول:
بعض الأطفال يقلدون المدخنين في ارتكاب عادتهم المحَّرمة،
فيضعون السيجارة في أفواههم أو حتى الورقة الملفوفة مثل السيجارة بين شفاههم،
ومن ثم يجب ألا يقابل الطفل الذي يفعل ذلك بضحكات، وإعجاب من قبل والديه!!
ترى كيف يكون رد الفعل تجاه الابن؟ لا شك أنه سيكرر ذلك مرات ومرات،
وإن كان قد فعله اليوم لمجرد التقليد الأعمى،
إلا أنه سيفعل ذلك مستقبلاً كمدمن لا يستطيع أن يتخلى عن هذه العادة السيئة والمحرمة،
ومثل ذلك إذا كذب الطفل، أو سرق حاجة غيره، أو تلفظ بألفاظ قبيحة،
أو ضرب طفلا من أقرانه، عندها لابد أن يعنف الطفل حتى لا يعود لمثل هذا التصرف·
وفي مقابل ذلك ينبغي تشجيع الفعل المحمود من الطفل ومدحه،
ومكافأته عليه حتى يستمر في فعله والاستزادة منه،
فلو ردد الطفل مثلا الأذان عند سماعه من مؤذن المسجد أو من التلفاز يجب على من سمعه من الوالدين تقبيله وتشجيعه،
وبذل ما يحبه هذا الطفل في تقديم هدية له على هذا الفعل المحمود،
وبذلك يرتبط بذهن الطفل هذا الفعل، وهذا السلوك، فيردد الأذان كلما سمعه، وهكذا·
ومن حسن تأديب الطفل تدريبه على ترديد كلمات القرآن الكريم وبخاصة السور القصيرة،
وهذا يعود الطفل النطق الصحيح للكلام فيستقيم لسانه، وييسر عليه حفظ كتاب الله تعالى في مرحلة تالية،
وشتان بين الفتح عليه بكلمات القرآن الكريم، وبين السكوت على تلفظه بالكلام القبيح·
فاحذري أيتها الأم الفاضلة أن تضحكي لطفلك إذا علمت أنه سرق حاجة غيره ،
أو تلصص على أحد، أو شتم أو سب أحداً، أو أساء إلى الكبير، أو حاول تقليد فعل منكر،
لأنك إن فعلت ذلك، فكأنك تجعلينه مدمنا لكل فعل قبيح، وعاقبه ذلك غير محمودة لا محالة·
بقلم الكاتب: كمال عبدالمنعم محمد خليل
مواقع النشر (المفضلة)