طلال الحمود
حين تصرف مليارات الريالات على بناء الملاعب الكبرى والمدن الرياضية العملاقة يكون الهدف الأهم اعطاء المجتمع وجهه الحضاري بين الأمم على اعتبار أن الرياضة باتت معياراً لتقدم المجتمعات وتحضرها, ما جعل دول العالم الأكثر تقدماً تولي اهتماماً بالرياضيين وبتنظيم المنافسات القارية والاولمبية لتأكيد التطور الحضاري الذي باتت عليه.
وعلى الخطى نفسها أصبحنا نسير بحثاً عن مكان لائق بين الدول المتحضرة من خلال العمل على انجاز نهضة رياضية نفاخر بها ونبرهن من خلالها أننا شعب استطاع خلال سنوات وجيزة أن ينزع عنه تركة القرون السابقة بفقرها وجهلها ومرضها, وأن يحتل مكانة الى صف المجتمعات الراقية التي تفاخر بمكتسباتها وانجازاتها, وبمجهودات رجال حفروا في الصخر وسخروا الصعب أصبحت الملاعب والمدن الرياضية تنتشر في بلادنا وبات شبابها ينافسون على المقدمة دائماً بل أنهم تفوقوا طويلاً على أقرانهم من دول سبقتنا في مجال البناء بسنوات طويلة.
وبالأمس تابعنا عقب مباراة الهلال والنصر في نهائي كأس الأمير فيصل, ما جعلنا نضرب كفاً بكف أسفاً على ما بلغناه من تراجع مخيف يهدد بهدم ماحققته الرياضة السعودية في سنوات طويلة بل وتشويه الصورة الذهنية عن مجتمعنا في الخارج, لم يكن مشهد حراس أمن ستاد الملك فهد وهم يطاردون مراسلاً تليفزيونياً ويعتدون عليه بالضرب والركل يليق بسمعة الرياضة السعودية ولا بمجتمعنا الملتزم, فنحن كنا نشاهد تلك التصرفات في ملاعب اميركا الجنوبية وأدغال افريقيا ولم نكن نستغرب لأنهم يعيشون في مجتمعات لا تقيم وزناً للانسان وحقوقه بحكم خلفيتها الثقافية, ولكن أن نجد هذه التصرفات الحمقاء تنتقل الى ملاعبنا ومن خلال مناسبة كبرى شاهدها القاصي والداني من المحيط الى الخليج فهذا المخجل حقاً.
كنت أتمنى من المسؤول عن ستاد الملك فهد أن يعطي أوامره الدائمة لمنع أعضاء الشرف سواء من النصر أو الهلال أو الاتحاد أو غيرهم من الدخول الى أرض الميدان لأنهم لا يؤدون عملاً ولا مصلحة من نزولهم الى أرضية الملعب, ولكن لأن المسؤول (ضعيف) ويستعين بمجموعة من الحراس (البلطجية) عديمي التعليم اختار أن يطارد مراسلي القنوات الفضائية ويوسعهم ضرباً على اعتبار أن سحل المراسل أسهل لديه ولدى حراسه من الاقتراب او توجيه كلمة واحدة لعضو شرف, علماً أن التعليمات صريحة بعدم السماح لأعضاء الشرف بالنزول الى أرض الملعب وكثيراً ما شددت الرئاسة العامة لرعاية الشباب على الأمر واعتبرته الزامياً.
حقيقة لو كنت مسؤولاً عن الملعب لحفظت ماء وجهي بالاستقالة وترك المنصب لمن يستطيع أن يحافظ على مكتسبات النهضة الرياضية, خصوصاً أن الاساءة بهذه الطريقة لسمعة السعودية وحقوق الانسان فيها أمر مرفوض حتى لو استدعى الأمر ايقاف المنافسات الرياضية التي تفتقد الى السيطرة الأمنية والاستغناء عن خدمات "المحنطين" الذين مازالو يتعاطون مع الاعلام والاعلاميين بعقلية الستينات "المتكلسة"!!
مواقع النشر (المفضلة)