وإنّ أفضل الخلق، وأزكى البشر، وخاتم الرسل عليه الصلاة والسلام ما عاش له من الولد إلا البنات، وذلك من أعظم الفخر للبنات، وفيه تسلية لمن لم يرزق من الولد إلا بهن.
ولما كان البنات هن الأضعف، وأكثر الناس يستبشرون بالأبناء أكثر من استبشارهم بالبنات؛ فإن الشريعة الغراء رتبت من الأجور العظيمة على رعاية البنات، ورحمتهن والإحسان إليهن أكثر مما جاء في حق الأبناء، واختصت البنات بنصوص كثيرة في ذلك.
فمن رُزق بالبنات وأحسن تربيتهن، والقيام عليهن، نجا من النار بسببهن - بعد رحمة الله تعالى - وحُشر مع النبي صلى الله عليه وسلم، وأدخلته بناته الجنة، وفي ذلك أحاديث كثيرة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من ابتلي من هذه البنات بشيء كن له ستراً من النار".
وفي حديث آخر: "من كان له ثلاث بنات وصبر عليهن، وكساهن من جدته كن له حجابا من النار".وفي حديث ثالث: "ما من مسلم تدركه ابنتان فيحسن صحبتهما إلا أدخلتاه الجنة".وفي رابع: "من كان له ثلاث بنات يؤويهن ويكفيهن ويرحمهن فقد وجبت له الجنة البتة، فقال رجل من بعض القوم: وثنتين يا رسول الله؟! قال: وثنتين".
وفي خامس: "من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو وضم أصابعه".
وكلها أحاديث ثابتة وبعضها في الصحيحين.وكثير من الناس يحصر الإعالة والإحسان للبنات في الجوانب الحسية من المأكل والمشرب والملبس ونحوه، ويغفل عن جوانب العطف والحنان، والحاجات القلبية والنفسية، من الجلوس معهن، والتبسم لهن، والحديث إليهن، والإنصات لحديثهن، وتلمس حاجاتهن، ومعالجة مشاكلهن، حتى تسربت إلى بعض الناس عادات أهل الجاهلية فلا يأكل مع نسائه وبناته، ويرى أن ذلك مناف لرجولته، قادح في شخصيته، ولا يحظى بمجالسته وموآكلته ومباسطته إلا الذكور من ولده دون الإناث.
وهذا من التفرقة بين الأولاد، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: "اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم". [رواه البخاري]. والعدل في هذا واجب مثل العدل في النفقة - إن لم يكن أهم وأولى منها - وذلك لمسيس حاجات البنات لمثل هذا النوع من الإحسان والرعاية.
مواقع النشر (المفضلة)