بنوك السعودية تتنافس على الإقراض بفوائد منخفضة لتصريف السيولة
احتدمت المنافسةُ بين البنوك في السعودية على جذب العملاء للحصول على قروض شخصية، ودفع هذا التنافس إلى قيام عددٍ من البنوك السعودية بتعطيل شراء المديونيات لعددٍ كبير من العملاء، وحرمان المقترضين من الاستفادة من هوامش الفائدة المنخفضة التي وصل بعضها إلى أقل من 35 %، واضطرارهم إلى الاستمرار في سداد القروض التي حصلوا عليها في الأعوام السابقة بفوائد تتراوح نسبتها بين 7.5% و11%.
ونشطت البنوك الصغيرة منذ مطلع العام الجاري في إغراء العملاء عبر حملات ترويجية مكثفة، بالحصول على قروض شخصية إسلامية بهوامش ربح منخفضة، إضافةً إلى محاولة إلى إقناعهم بسداد مديونياتهم، وإمكانية إعادة التمويل من البنك الجديد، مع الاستفادة بالفارق في حجم القسط الذي سينخفض تبعا لذلك.
وتشتد المنافسة على استقطاب موظفي الجهات الكبرى والمضمونة المخاطرة بالنسبة للبنوك، مثل موظفي قطاع التعليم والخطوط السعودية، وشركة الاتصالات السعودية.
تحايل على مؤسسة النقد
وتؤكد مصادر مصرفية أن عددا من البنوك المحلية شرعت في إجراءات جديدة على صعيد القروض الشخصية تهدف إلى التخلص من قرار مؤسسة النقد القاضي بتخفيض حجم وفترة السداد، من خلال منح العملاء تمويلات جديدة مؤجلة السداد.
ووفق المصادر فإن القروض التي تمنحها البنوك حاليا تعادل المبالغ المسددة من القرض الحالي للعميل، على أن يتم تأجيل السداد لحين الانتهاء من القرض الحالي.
ويقول المصرفيون إن البنوك تحاول بهذه الطريقة ضمان عدم تحول عملائها لبنوك أخرى بعد انتهاء فترة قروضهم، مع عدم مخالفتها "النصية" فحوى تعليمات مؤسسة النقد المنظمة لعملية القروض الشخصية.
حملة ترويجية للبنوك
وقال مدير عام الخدمات المصرفية الشخصية في بنك الجزيرة صقر نادر شاه: إن البنك أطلق حملة للتمويل الشخصي لعام 2008، يقدم بموجبها أحد أفضل حلول التمويل الشخصي الميسرة والمتوافقة بنسبة 100% مع أحكام الشريعة الإسلامية بأقل نسبة تكلفة وأعلى مبالغ تمويلية في المملكة.
وأضاف في تصريح لـ"الأسواق نت"، أن الحملة تأتي في إطار عمليات البنك التوسعية على كافة الأصعدة، وهدفها الاستجابة السريعة للمتطلبات المصرفية المتجددة للعملاء.
وأشار إلى أن حملة التمويل الشخصي تمكِّن العميل من الحصول على التمويل الذي يرغب به سواء كان لشراء سيارة أو تأثيث منزل أو التخطيط للإجازات أو شراء منزل أو لأي غرض يرغب به العميل، وذلك بأقل تكلفة وأكبر تمويل يصل إلى 1.25 مليون ريال، وبسرعة فائقة في عملية الموافقة المبدئية التي لا تتجاوز 5 دقائق فقط (الدولار يساوي 3.75 ريالات).
وأشار نادر شاه إلى أن بنك الجزيرة طور هذا البرنامج بطريقةٍ تُسهل على العملاء الحصول على الخدمة بشكل سريع؛ حيث بإمكان العميل التوجه إلى أقرب فرع لبنك الجزيرة للتقدم بطلبه أو عن طريق الهاتف المجاني للتنسيق لزيارة ممثل الخدمة للعميل بموقعه.
تخفيف شروط الإقراض
وقال الخبير المصرفي والمستشار بأحد البنوك السعودية الدكتور بندر العبد الكريم: إن البنوك السعودية تتجه إلى تخفيف الشروط على الأفراد للحصول على القروض الشخصية، حيث خفَّضت الفائدة من 5 إلى 3.5 % تقريبا، كما أنها لم تعد تشترط أن لا تقل خبرة المقترض عن سنتين، بل خفَّضت تلك المدة إلى 8 شهور.
وأضاف في حديثه لموقعنا أن الأشياء التي لا يمكن التحكم فيها هي مدة القرض حسب شروط مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما)، مشيرا إلى أن البنك لا يشترط ألا يقل الراتب عن 3 آلاف ريال شهريا حتى يتم خصم 30 % منه وفقا لشروط "ساما"، على أن يتم تحويل راتب المقترض إلى البنك.
وعن كيفية ضمان البنوك لحقوقها قال العبدالكريم إن البنوك تقوم بالاستعلام عن المقترض من خلال الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية (سمة) للتأكد من عدم وجود مخالفات ضده أو مشاكل ائتمانية مع بنوك أخرى.
وأشار إلى أن التمويل متاح للسعوديين والأجانب معا، ولكن يشترط للأجانب موافقة الكفيل، موضحا أن نسبة الفائدة للمقيمين لا تزيد كثيرا عن فائدة القروض الممنوحة للسعوديين.
عراقيل لشراء ديون العملاء
وفيما خففت بعض البنوك شروط الإقراض، عرقلت بنوك أخرى عمليات شراء المديونيات للعملاء لعدم فقدان عملائها، وهو ما أوضحه مدير التمويل الشخصي في أحد البنوك السعودية لموقع "الأسواق نت"، وقال: إن أنظمة مؤسسة النقد العربي السعودي لا تمنع البنوك من شراء المديونيات وإعادة التمويل للعميل، شريطة ألا يتجاوز حجم الاقتطاع 33% من الراتب بعد أن كانت تصل إلى 50%.
وأشار المصدر- الذي فضل عدم ذكر اسمه- إلى أن "أكثر من 300 من عملاء البنك الذي يعمل به واجهوا رفض سداد مديونياتهم من بنك آخر بقيمة إجمالية تصل إلى نحو 15 مليون ريال، وذلك خلال ثلاثة أشهر".
وعن كيفية تعطيل البنوك لسداد المديونيات، قال "إن ذلك يتمثل في رفض قبول الحوالات الصادرة من البنوك التي تنصُّ على سداد مديونية العميل لدى البنك المُقرض، أو من خلال عدم إعفاء العملاء من ربحية المدة المتبقية وأخذها بالكامل بنفس هامش الربح عند الحصول على التمويل، فضلاً عن عدم قبول الشيك المصرفي لسداد المديونية".
وأشار إلى أن بعض البنوك الدائنة تعمد إلى تأخير حصول العميل على طلب إخلاء طرف لمدة تصل إلى شهرين في بعض الحالات، الأمر الذي يصيب العميل بالإحباط والملل، وبالتالي يتوقف عن طلب سداد المديونية.
وأكد المصدر أن العملاء يواجهون أيضا مشاكل مع البنوك المقرضة، حيث لا تمنحه شهادة مديونية ولا كشف حساب، وتطالبه بسداد كامل مبلغ القرض.
سهولة وسرعة الإقراض
ويقول المواطن سالم الشمراني- الموظف في إحدى الجهات الحكومية-: إنه لم يجد صعوبة في الحصول على قرض بقيمة 40 ألف ريال من أحد البنوك، حيث ذهب للبنك وقدم الطلب مع خطاب تحويل الراتب إلى البنك، وفي اليوم الثاني تم تحويل القرض إلى حسابه.
وأضاف أنه لمس تسهيلاً كبيرا من جانب المسؤولين في البنك على عكس السابق؛ فلا انتظار لفترات طويلة للحصول على الموافقة على منح القرض.
واتفق معه سليم الشايب، وقال: إنه حصل على قرض بقيمة 90 ألف ريال، وهو قرض يعادل راتبه 15 مرة، مع فائدة منخفضة تبلغ 35%، وهي فائدة كبيرة.
وأضاف الشايب- وهو موظف بإحدى الشركات الخاصة الكبيرة في المملكة- إنه لم يصدق أحد زملائه في العمل بأنه حصل على قرض بعد يوم واحد من تقديم الطلب إلا بعد التقدم للحصول على القرض.
ارتفاع القروض الشخصية
ويقدر مصرفيون ارتفاع حجم القروض الشخصية إلى 250 مليار ريال بنهاية عام 2007، فيما تشير التقارير الرسمية لـ"ساما" إلى أن القروض الاستهلاكية تمثل أكثر من 90% من إجمالي القروض الشخصية.
وشهدت سوق القروض الشخصية طفرة عشوائية خلال فورة سوق الأسهم خلال عامي 2004 و 2005، انتعشت على أثرها القروض الشخصية التي كانت تمتد فترة سدادها إلى 5 أعوام، وارتفعت إلى 7 ثم إلى 12 عاما، وبحجم يراوح بين 15 و 17 ضعف الراتب الشهري بدلاً من 27 ضعفا كما كان في السابق.
وفي مطلع عام 2006 تدخلت "ساما" وأعادت تنظيم سوق القروض الشخصية؛ بالتشديد على البنوك بضرورة الالتزام بنسبة استقطاع لا تتجاوز 33% من الراتب، وفترة سداد لا تتجاوز 5 أعوام.
وتقدر الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية "سمة"، حجم الديون المتعثرة بنحو 3% من إجمالي القروض الشخصية الممنوحة من البنوك السعودية.
ويرى خبراء مصرفيون أن نسبة الديون المعدومة إلى إجمالي القروض المصرفية تعد قليلة ولا تذكر، موضحين أن البنوك وضعت مخصصات خسائر ائتمان قوية بالنسبة للقروض المشكوك في تحصيلها.
واعتبروا أن الديون المتعثرة لمعظم البنوك تعتبر في إطار الحدود الآمنة، وعند معدلات أقل من البنوك الأخرى سواء في منطقة الخليج أو البنوك العالمية.
وقد ارتفع المعروض النقدي في السعودية بنسبة 26.2% في فبراير/ شباط الماضي، على الرغم من الإجراءات التي اتخذت لمعالجة التضخم الذي بلغ أعلى مستوى له في ربع قرن في أكبر اقتصاد عربي.
وأظهرت إحصاءات "ساما" أن المعروض "ن-3" وهو أكبر مقياس للنقود المتداولة في الاقتصاد السعودي ارتفع إلى 827.35 مليار ريال في نهاية فبراير مقارنةً بـ655.8 مليار ريال قبل ذلك بعام، وكان معدل نمو المعروض من النقود في يناير/ كانون الثاني 23.9%.
مواقع النشر (المفضلة)