راشد محمد الفوزان
يصعب لمن يتابع الاقتصاد أن يقيم الوضع، فهناك عين المسؤول وعين التاجر وعين المواطن وعين الأكاديمي دكتور الجامعة وغيرهم، إذ كل يدلي برأيه ووجهة نظره في الأزمة الاقتصادية التي نعيشها، هل نحن بالأساس نعيش أزمة؟ تقديري نعم نعيش أزمة غالبية المواطنين يعانون وسيعانون مستقبلا، من خلال تآكل الدخل الفردي لمن له دخل وراتب، وموجة غلاء لا نهاية لها في الأفق القريب ، وأيضا حجم بطالة يتزايد بكثرة نساء وشباب، وهذه معضلة كبرى، حين أتحدث عن اقتصاد سأضع بعض الأمثلة للأزمة الاقتصادية التي نعيشها وسنعيشها مستقبلا، بمعنى أن المستقبل أسوأ من الحالي والأزمات تتصاعد أكبر وأكثر بمنظور اقتصادي بحت جدا، أول الأزمات الاقتصادية لدينا تآكل الريال مقابل الدولار، أيضا عدم وجود القدرة على توفير الغذاء لدينا، عدم القدرة على توفير فرص عمل مستمرة للنساء والرجال، سيطرة العمالة الأجنبية على كل المهن الحرة والبسيطة، عدم تأهيل الشباب والشابات السعوديات على مهارات عمل دقيقة ومهمة، عدم بناء صناعة أخرى غير البتروكيماويات التي ترتبط بالنفط، عدم القدرة على توليد وتوفير مصادر دخل جديدة وإضافية عدا النفط، تأخر كثير من البنية الأساسية من طرق ومطارات، كثير من المستثمرين يتجهون للخارج بسبب تأشيرات عمالة أو غيره، رغم أن التاجر الحقيقي غير المتاجر بالتأشيرات هو أكبر من متضرر من التشديد على العمالة الأجنبية وحاجته لها .
قوة الاقتصاد لا تعني توفر دخل عالٍ وبالتالي الصرف، وان كان هذا الصرف بغير طريقة اقتصادية توفر عائداً يعتبر خسارة وفقد فرص كثيرة، من الأهمية أن نضع في تقديرنا أن كل ريال يصرف كاستثمار يجب أن يحقق الريال ريالا ونصفا أو ريالين، وأن صرف الريال على توفير خدمة للمواطن يجب أن يوفرها لا أن تهدر من جديد ونبحث عن ريال آخر، يجب أن نتطلع للمستقبل وأن نبني رؤية بعيدة المدة بتعظيم رؤوس الأموال، وبناء كوادر وطنية متعلمة ويستثمر بها حقيقة، وأن يعمل على توفير مصادر الغذاء سواء بالاستثمار المحلي أو الخارجي، وأن يتم إدارة الأموال والأرصدة للدولة التي تقارب الآن "تريليون" ريال كأرصدة وليس كل الأرصدة، نحتاج إدارة اقتصادية تعنى بأن تحقق وفورات مالية سنوية كل سنة أعلى من التي قبلها وهذا هو المحك الحقيقي لا أن توضع بسندات وودائع أصبحت لا تعني رقما مهما الآن بعد أن وصلت لما وصلت له، ان استثمار أموالنا يعني أن نبني مستقبلا ونتوقع الأسوأ لا الأحسن في ظل صراعات وتحديات كبيرة لا يعرف أين ستقف، فهذه الفرصة لا تتكرر كثيرا بأن تحقق الوفر المالي الحقيقي، الإدارة الاقتصادية تعني أن أحسب حساب الأزمات والقدرة على التعامل معها والتصرف حيالها، لا أن نكون مبرمجين بسياسة واحدة وجامدة لا تتغير، لأننا بذلك نخنق أنفسنا حقيقة اقتصاديا بنفس الوقت الذي نملك فيه المال والثروة .
* نقلا عن جريدة "الرياض" السعودية.
مواقع النشر (المفضلة)