[frame="1 80"]كيف تعرف ان صلاتك نافعة وتردك عن الحرام
________________________________________
طريقة مبسطة لمراجعة الصلاة لتكون مفيدة ومؤثرة
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد قدوة العاملين وقائد الغر الميامين وعلى اله وصحابته أجمعين
أما بعد أقدم لك أخي في الله هذا الموضوع(1) والذي يحتوي على بعض الأمور التي تعين المسلم على الاستفادة من صلاته، أسال الله أن ينفعني وإياك وكل من أعان على الاستفادة منه، وان يزيد به إيماننا وحسناتنا، كما اسأله أن يثقل به يوم القيامة موازيننا اللهم آمين.
أخي الحبيب- قد يظن البعض أننا لا نحتاج إلى مزيد كلام حول موضوع الصلاة ولكن عند التطرق له في هذه الأسطر سوف يكتشف القارئ أننا مازلنا بحاجة إلى الكثير والكثير من الكلام حوله. ولابد أن نتساءل هنا: ما هو الدليل والمعيار الدقيق الذي يعرف المسلم به مدى استفادته من صلاته؟ وعند طرح هذا السؤال يتبادر إلى أذهان الكثير-عادة- كثير من الأجوبة، أما الإجابة الصحيحة هي:أن-تنهاه صلاته عن-الفحشاء والمنكر. نعم أخي في الله هذا هو الدليل والمعيار الدقيق الذي يعرف به كل مسلم مدى استفادته من صلاته لأن أهم أعمال الصلاة في الدنيا نهي صاحبها عن الفحشاء والمنكر، والدليل على ذلك قوله تعالى: (وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر)ولعل أهم أسباب كتابتي حول هذا الموضوع إحساسي بعدم استفادة كثير من الناس من صلاتهم استفادة كاملة ومما يدل على ذلك أنني ألقيت يوم من الأيام كلمة حول فوائد الصلاة وذكرت أن من فوائدها أنها تنهى صاحبها عن الفواحش، وذكرت الدليل السابق وبعد أن خرجت من المسجد وجدت أحد الشباب بانتظاري وقال : لقد سمعت الكلمة حول الصلاة وسمعت الدليل من كتاب الله على إثبات نهيها عن الفحشاء والمنكر إلا أنني –يقول الشاب- إلا أنني مع أني أصلي، لو خلوت بفاحشة أو محرم أقع، يقول انه مع أنه يصلي إلا انه لو تهيأ له محرم قد يقع. فقلت له راجــع نفسك مع صلاتك حتى تجد كراهية ما هو اقل من الوقوع في الحرام وهو مجرد التفكير فيه.
وأنا أقول لك أيها الأخ في الله قل هذا لكل من تلاحظ أن حاله كذلك ليراجع نفسه مع صلاته حتى يجد أثر أداء الصلاة على الوجه المطلوب وأثر خشوعه فيها،وذلك بترك المحرمات والاشمئزاز من مجرد التفكير فيها.
أما أن يكون ذهن المسلم منطو على حب شيء من المحرمات المشاهدة أو المعمولة أو المتكلم بها أو المسموعة فإذا خلا بشيء منها وتيسرت له وقع فيها فالأمر خطير ومحزن والله. بل إن هناك من قد يقع في شي من المحرمات بحضرة الناس، لاشك لا يأتي بفاحشة-كزنا- يقع فيها أمام الناس ولكن قد يقع في شيء من الكبائر الأخرى وهو بحضرة الآخرين، ومن أمثلة ذلك: الغيبة، فهي من المحرمات الكبيرة وقد عدها أهل العلم من الكبائر فهناك من-ولضعف اثر الصلاة في حياته-يقع فيها على مسمع ومرأى من الناس فتجده يقول فلان فيه كذا وكذا لكي يضحك الناس بذلك. أما-صاحب الصلاة الكاملة-فانه إذا سمع أناسا يغتابون شخصا قال في نفسه:والله أني اعرف عنه أكثر مما يعرفون وبإمكاني أشارك في إضحاكهم بزيادة غيبته لكني اترك مشاركتهم في غيبته خوفا من الله. نعم أخي في الله هذه هي علامات الصلاة الكاملة، ولعلي اذكر هنا بعض الأمثلة للصلاة التي لا تنفع أصحابها نفعا كاملا فمن أمثلتها:
أولا: أن تجد الواحد -كما يقال- إذا دخل في الصلاة (حطها على التماتيك) والمقصود أن بعض الناس إذا دخل في الصلاة سلم الأمر إلى الأعضاء، فهي التي تركع، وهي التي ترفع، وهي التي تسجد، واللسان يتحرك، وهو في واد والصلاة في واد. من هذه صلاته كيف تنهاه عن فحشاء أو عن منكر من المنكرات كشرب الخمور ومشاهدة الصور المحرمة في الفضائيات وسماع الأغاني وغيرها؟.
ثانيا أو الثاني من أمثلتها: أن تجد الواحد ما يشعر نه في الصلاة إلا في الركعة الثانية أو الثالثة، وهناك من تنتهي الصلاة كما ذكرت وهو لم يشعر انه في صلاة، حتى أن أحد الناس سُئل يوم من الأيام : ماذا قــرأت في صــلاتك؟ وكانت القراءة في تلك الصلاة سرية أي الظهر أو العصر فقال: والله ما ادري. قرأت الفاتحة وسورة بعدها في الركعة الأولى والفاتحة وسورة بعدها في الركعة الثانية لكن ايش قرأت لا ادري. يقول: انه قرأ الفاتحة وسورة بعدها في كل ركعة من الركعتين الأوليتين من صلاته لكن لا يعلم ما هما. فهذه علامة ومثال للصلاة الغير نافعة نفعا كاملا، أما صاحب الصلاة الكاملة وسيأتي توضيحها إن شاء الله، فانه يعلم ما يقول في صلاته، وبماذا يدعو، بل أن هناك من يشارط نفسه قبل الدخول في الصلاة فيقول أقرأ في الركعة الأولى سورة كذا (الفلق) مثلا، وفي الركعة الثانية سورة كذا (الناس) مثلا ،وفعلا يقرأ كل سورة في الركعة التي شارط نفسه قبل الدخول في الصلاة على قراءتها فيها، فيكون في صلاته في صلاة وجهاد وهذه هي الصلاة النافعة فعلا .بل حتى فيما يتعلق بالدعاء فإن هناك من يشارط نفسه على أدعية معينة في صلاته، فيقول أدعو في سجدتيّ الركعة الأولى بكذا وفي سجدتيّ الركعة الثانية بكذا وهكذا،وفعلا يدعو في كل سجدة أو سجدات بما شارط نفسه عليه قبل الدخول في الصلاة، نعم أيها الأخ في الله هذه هي علامات الاستفادة من الصلاة ، ولعل قائل يقول نعم إنني اعرف من حاله كذلك أو أن حاله هو كذلك أي لايجد الفائدة من صلاته حيث انه مع انه يصلي لو تهيأت له الفرصة للوقوع في شيء من الفواحش أو خلى بمحرم انه قد يقع ويقول: نريد الصفة والكيفية التي إذا أدى الصلاة بها كانت سببا في انتهائه عن الحرام في خلوته وجلوته. فأقول وبالله التوفيق: الصلاة النافعة هي الصلاة (ذات الخشوع والخضوع) التي يكون القلب فيها خاشع والأركان خاضعة لله، فبعد أن يحرم .. المسلم بعد الإحرام بالصلاة بتكبيرة الإحرام يجعل وقته كله لله، نعم هذا هو الشرط الأساسي للاستفادة من الصلاة استفادة كاملة انه يجعل هذا الوقت خمس دقائق أو ثمان دقائق أو عشر دقائق يجعلها لله كاملة، ويقتطعها من وقته ليعمل فيها أعمال الصلاة فقط، فالذي يعطي من وقته في صلاته للتـجـارة لم يجعل وقته لله، والذي يعطي من وقته في صلاته للعمل لم يجعل وقته لله، والذي يجعل وقته في صلاته للتفكير فيما سيعمله بعد صلاته وأين سيذهب وأين سيتمشى لم يجعل وقته لله، والذي يجعل وقته في صلاته لتحليل كلام فلان وماذا يقصد فلان من كلامه، لم يجعل وقته لله، إذا لكي يكون ذلك الوقت لله كاملا لابد أن يكون لأعمال الصلاة فقط . فبعد تكبيرة الإحرام يقرا أحد أدعية الاستفتاح التي جاءت السنة بها ومن ذلك (سبحانك الهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك)و(الهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد)فبعد أن يقرأ بأحد هذين الاستفتاحين أوبهما جميعا أو مرة بهذا ومرة بهذا أو غيرهما مما ورد، بعد ذلك يقرأ هذه السورة العظيمة سورة الفاتحة ويعلم ويستشعر انه أثناء قراءتها في حوار نعم في حوار مع الله مع السميع العليم سبحانه، وذلك أن العبد إذا قال (الحمد لله رب العالمين) قال الله: حمدني عبدي وإذا قال العبد (الرحمن الرحيم) قال الله: أثني علي عبدي وإذا قال (مالك يوم الدين) قال الله: مجدني عبدي وإذا قال العبد (إياك نعبد وإياك نستعين) قال الله الكريم سبحانه: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل. فماذا يقول العبد بعد ذلك؟وماذا يسال الله بعد ان اعطاه الله الفرصة؟ يقول: (إهدنا الصراط المستقيم)يعني: يارب اجعلني مستقيم ، يارب اجعلني مطوع ، يارب اجعلني صالح. فهل نستشعر ويستشعر كل واحد منا عند قرأته لهذه السورة هذه الدعوة العظيمة وهذا المطلب الذي أوجب الله على عباده سؤاله، وجعلهم يطلبونه في كل صلاة بل في كل ركعة؟اذا لابد أن نستشعر هذا حتى نوفق إلى طريق الاستقامة على الدين الذي لاعوج فيه، ثم بعد أن يدعـو الله أن يوفقه إلى سلوك هذا الطريق يستمر في توضيح معالم ذلك الطريق كما أوضحها الله في باقي السورة وهي: (صراط الذين أنعمت عليهم)أي الأنبياء ومن على طريقتهم. (غير المغضوب عليهم) أي غير طريق المغضوب عليهم وهم اليهود. (ولا الضالين) أي ولاطريق الضالين وهم النصارى. ثم يقول بعد أن ينتهي من قراءة الفاتحة(اللهم استجب) لكن لايقولها بهذه العبارة وإنما بكلمة تدل على هذا المعنى وهي(آمين) فمعنى هذه الكلمة:اللهم استجب(ويمكن الرجوع لكتب اللغة للوقوف على معناها) . وأي دعوة يسأل الله أن يستجيبها؟ هي تلك الدعوة التي دعا بها في وسط السورة أي أن يكون مستقيم(مطوع). وبعد ذلك يقرأ ما تيسر من القرآن ولو آية واحدة ولكن بشرط الخشوع.ولئن يقرأ المسلم آية بتمعن خيرا له من أن يقرأ سورة بغير تمعن وخشوع، ثم يركع ويعظم الله ثم يرفع ويحمد الله ثم يسجد وأول ما يمس انفه الأرض ماذا يقول؟ يقول:أنزهك يارب من هذا النزول)لكن لايقولها بهذه العبارة أيضا وإنما يقولها بكلمة تدل على هذا المعنى وهي(سبحان) فمعناها (أنزه) . فما هو المقصود من ذلك وما الحكمة من قولنا هذا الشيء في هذا الموضع؟ يعني إذا أنا نزلت لك يارب هذا النزول وسفُلت لك هذا السفل فأنا أنزهك يارب يا أعلى أنزهك من ذلك. ثم بعد أن يسبح الله مرة أو مرتين أو ثلاث المجزئ قولها مرة وأدنى الكمال ثلاث بعد ذلك يدعو الله... نعم يدعو الله إما باجتناب معصية أو العون على طاعة أو مغفرة ذنب. فالسجود فرصة أعطانا الله إياها وكثير من الناس عنها غافلون غافلون غافلون ويصدق عليهم قول الشاعر:
كالعير في البيداء يقتلها الضما والماء فـــــوق ظـــــهورها محــمول
نعم هذه الفرصة العظيمة عنده ليسأل الله خيري الدنيا و الآخرة لكنه ما يستفيد منها. فالصلاة والسجود خاصة فرصة للدعاء. فهل استفدنا من هذه الفرصة؟ كثير من الناس ما استـفاد منها حتى انه يريد أن يتزود من طاعـة من الطاعات أو يتخلص من محرم من المحرمات لكن لا يستفيد منها، فتجد هناك من يقول: أنا والله حاولت أتخلص من الحرام الفلاني من شرب كذا أو مشاهدة كذا أو سماع كذا لكن ما استطعت. وإذا سألناه هل التجأ إلى الله في السجود و أنطرح بين يدي خالقه في هذا الموضع عدة مرات يسأله أن يعينه على التخلص من ذلك الحرام؟ قال: لا والله، فكثير من الناس قد غفل عن انتهاز هذه الفرصة في الصلاة و غفل عن إحسان صلاته وأدائها بهذه الكيفية فحرم من عملها وهو: نهيه عن الفحشاء والمنكر وإعانته على التخلص من المحرمات، كما حرم من تحصيل الأنس والسرور بها، وفيها، والذي كان يجده نبينا صلى الله عليه وسلم ويجدونه صحابته رضوان الله عليهم بها، فكان صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يقول لبلال: أرحنا بها يابلال. وإذا حزبه(أهمه) أمر فزع إلى الصلاة، وما ذلك إلا لأن فيها وبها راحة وعون على قضاء الحوائج. والناس أمام هذا الأمر اعني الاستفادة من الدعاء في الصلاة على قسمين: قسم غافل عن ذلك والقسم الآخركأنهم يخافون أن يدعوا الله فيستجيب لهم ويتركون أعمال محرمة كانوا يعملونها أو يريدون عملها ولاحول ولاقوة إلا بالله. وهذا القسم-اعني الأخير- جرمه أعظم وخطره أجسم لأنه ورد في اثر: أن الله لا يدخل أحدا النار حتى يعلم في قرارة نفسه انه يستحقها نسأل الله العافية، فحري بالمسلم أن ينظر إلى حاله والى أعماله فان كانت صالحة يحمد الله على ذلك وان كانت غير ذلك يسارع بالتوبة إلى الله ويصلح حاله و أعماله ويبقى على ذلك حتى يأتيه اليقين .
أخي الحبيب 00قد تحس بتقصيرك أنت في هذا الجانب، وتعجبك هذه الكيفية، وتعزم على أن تكون صلاتك منذ أول صلاة تصليها بعد قراءة هذا الموضوع بها، لكي تجد الأثر الذي يحصل عليه من صلاها بهذه الطريقة، سوى من ناحية إعانته على التخلص من المحرمات وعلى عمل الطاعات أو تحقيق الراحة والسعادة بها,ثم لا تجد تلك الفوائد من أول صلاة تصليها وقد لا تجدها من ثاني صلاة أو حتى بعد المداومة عليها بهذه الطريقة يومين أو أسبوع، فلا تتفاجأ بذلك واعلم أن الله قد يجعلك تجد الأثر بعد أول صلاة تصليها بهذه الكيفية وقد يؤخره بعد عدة صلوات اختبارا وامتحانا لك ليرى مدى صدقك وعزيمتك.
ولكنك إذا صليت بهذه الطريقة فانك لابد أن تحصل على تلك الفوائد ولو بعد حين. كيف لا وقد قال سبحانهوالذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا)؟.
ومن علامات انك وفقت إلى الصلاة الصحيحة النافعة أن تحب الطاعات، وتكره المحرمات، وتجد في الصلاة سعادة كبيرة حتى انك إذا شرعت في الصلاة لا تريد أن تخرج منها.
اللهم يا حي يا قيوم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، اللهم اقذف للطاعات في قلوبنا حبا و أعنا على العمل بها، واقذف للمحرمات في قلوبنا كرها و أعنا على اجتنابها. وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
إشارات
-أكثر من يحتاج إلى هذا الموضوع هو من يقع في الحرام رغم أداءه للصلاة.
-تحتاج إلى قراءة الموضوع عدة مرات بتأن لكي تصنف نفسك،وتكتشف مدى تقصيرك .
-يمكن قراءة هذا الموضوع على آخرين(الأسرة- جماعة المسجد-الزملاء-في مناسبة من المناسبات)أو ترسله لصديق أو تنسخه إلى موقع آخر ولك اجر كل من استفاد منه.
همسة: كلما أحسست برغبة في الوقوع في شيء من الحرام راجع هذا الموضوع وصل بهذه الطريقة وستجد الوسيلة للقضاء على هذا الشعور بحول الله.
(1) أصل هذا الموضوع كلمة كنت القيها في المساجد وبعد الانتهاء من إلقائها في أحد الأيام طلب مني أحد الأخوة أن اكتبها وانشرها فجاءت فكرة كتابتها اسأل الله أن ينفع بها كل من قرأها وأعان على نشرها والاستفادة منها كما اسأله سبحانه أن يجعل الدقائق التي تقضى في قراءتها ونشرها في ميزان حسناتكم...
أخوكم/م السبيعي
(بكالوريوس شريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية)[/frame]
مواقع النشر (المفضلة)