[align=center]في زمن الفتن، أقبل على ربك، وسله الثبات على الحق، وتذكر قوله تعالى (ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا) وقوله (ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا(
ولتعلم بأن التئام جراحات اللسان شديد، وكم هامة حَذَفَتْها عثرةٌ بفم، فالزم الصمت إلا في شيء يقربك إلى الله زلفى، "ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا، أو ليصمت".
- والزم الشورى في أعمالك فإنها قرينة السداد، ومكملة الاجتهاد.
وعليك بالعلم فالعق قحافه وارشُف لُعابه، و لاتعدل به دراً و لاذهباً.
- ولتعلم بأن العلم أكثر من أن يُحصى، فخذ من كل شيء أحسنه، قاله الشعبي.
- وأن المناقب مواهب، وأن العلم ليس بكثرة الرواية، ولكن حيث شاء الله جعله، قاله الإمام مالك، فاسأل الله من فضله، واستوهبه من جوده، فإنه ذو الفضل العظيم.
- وأزرِ بنفسك في جنب الله، وتذكر قول ربك (وما بكم من نعمة فمن الله) واشخص ببصرك إلى إمام أهل السنة- أحمد بن حنبل- وقد قيل عنه: ما أكثر الداعين لك، فتغرغرت عيناه، وقال: أخاف أن يكون هذا استدراجاً. ثم انقل بصرك إلى شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو العلَم الهمام، مالئ الدنيا وشاغل الناس، بعلمه وآرائه، نقل عنه تلميذه ابن القيم: أنه كثيرا ما يقول: ماأنا بشيء وما مني بشيء.
- وأحب مكارم الأخلاق جَهْدك، فإنها زينة المرء، وإنما يدل على معدن الكريم خُلقه لا خَلقه:
وما الحسن في وجه الفتى شرفاً له إذا لم يكن في فعله والخلائق
وجانب سفاسف الأخلاق، تعش سالماً، والقول فيك جميل.
وإن تفوه أحدٌ عليك بسوء فاقذف في سمعه:
)حلمي أصم، وما أذني بصماء(
ولا تشغل نفسك وتثقلها بكلمة نابية خرجت من غُمْز، بل وطن نفسك، ولتعلم بأنك:
إذا أسأت إلى المسيئ فكيف تعرف بالتفضل
ورحم الله سالم بن عبد الله بن عمر زحمت راحلته راحلة رجل، فقال الرجل لسالم: أراك شيخ سوء، فرد سالم: ما أبعدت.
- أخي المبارك: كن مع الناس هشوشا بشوشا، هينا ليناً إلا أن تنتهك محارم الله فتغضب لله، فِعْلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحسن إلى الناس تكسبْ قلوبهم، ولاتمنن عليهم بالإحسان، بل كن كما قيل:
خلٌ إذا ما جئت يوما لتسـأله أعطاك ما ملكت كفاه واعتذرا
يخفي صنائعه، والله يظـهرها إن الجمـيل ولو أخفـيته ظهرا
- ولا تطالبهم برد المعروف، فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا
و: من يفعل الخير لا يعدم جوازيه لا يذهب العرف بين الله والناس
فـ: ازرع جميلا ولو في غير موضعه فليس يضيع جميلا أينما زرعا
- وتجنب الوقيعة فيهم، فتتخذ غرضاً، وقلما اعتورت السهام غرضا حتى يهيَ ما اشتد من قوته.
ودارهم فيما يمكن فيه المداراة، على ما قال الشافعي:
إني أحيي عدوي عند رؤيته لأدفع الشر عني بالتحيات
وأُظهِرُ البشر للإنسان أبغضه كأنه قد حشا قلبي محبات
- وإياك أيها الأخ المبارك أن تغتر بمتاع دنيا قد نيل، فـ(متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى):
ما كل ماءٍ يروِّي صدر وارده شرباً، ولا كل نبت الأرض سعدان
ما كل من جر العباءة سيداً يرجى، وما كل المظاهر تبهر
وبعد قليل ينكشف البهْرج، وينْكَبُّ الزَّغَل.
- وفي جانب الصداقة، تخير صديقك، فإن الخلق دساس، والصاحب ساحب، والطبع استراق، وإن رأيت من صديقك الذي ارتضيته زللاً أو كللاً، فاصفح عنه، وقل: سلام، فأي الناس ليس له عيوب، وأي الرجال المهذب، ومن لك يوماً بأخيك كله:
ومن لا يغمض عينه عن صديقه وعن بعض ما فيه يمت وهو عاتب
ومن لك بالمهذب الندب الذي لا يجد العيب إليه مختطى
ولتعلم بأنه:
ليس الغبي بسيد في قومه لكن سيد قومه المتغابي
وما أجمل المسلم يكمل أخاه دون أن يكلمه ويقومه دون أن يقاومه.
وكن حَسَن العهد؛ فإن حُسن العهد من الإيمان، ولتعلم: بـ
أن الكرام إذا ما أيسروا ذكروا من كان يألفهم في المنزل الخشن
وقد كان الإمام أحمد – رحمه الله- يقول:
وليس خليلي بالملول، ولا الذي إذا غبت عنه باعني بخليل
والزم التواضع، تكن كالنجم لاح لناظر على صفحات الماء وهو رفيع
وجانب مِنَّة الناس جهدك، تعش عزيز الذات، موطأ الأكناف على ما قيل:
تحملت خوف المنِّ كل رزيئةٍ وحمل رزايا الدهر أحلى من المنِّ
ولتعلم بأن الدنيا جبلت على كدر، ومن عاش فيها، فلابد أن يرى ما يصفو وما يتكدر، فدر بالليالي كما تدور، وإذا لم يكن ما تريد، فأرد ما يكون، واضرع إلى ربك:
فلرب نازلة يضيق بها الفتى ذرعاً، وعند الله منها المخرج
ولتعلم بأنه لا يرد عليك الفائتَ الحزَنُ، فلا تستطل زمن الشدة:
فما من شدة إلا سيأتي لها من بعد شدتها رخاء
)فإن مع العسر يسراً، إن مع العسر يسراً) والرزايا إذا توالت تولت، ولا باس من البوح بالشدة إلى غير شامت، فالمرء ينفعه القرين الصالح:
ولابد من شكوى إلى ذي مروءة يواسيك أو يسليك أو يتوجع
وافزع إلى الصلاة أبداً، فإنها بهجة الفؤاد، وجنة العباد.
ولا يفتر لسانك عن ذكر الله، تعش مطمئن القلب، قريبا من الرب.
وعليك بالقرآن؛ فإنه الحق المبين، والكتاب المستبين، وهو الطبيب الآسي، والكريم المواسي.[/align]
مواقع النشر (المفضلة)