مستثمر الـ100 ألف دولار.. فرص متباينة بين العقار والأسهم والصكوك:
هل تملك مبلغا ماليا لا يتجاوز 100 ألف دولار ولا تستطيع تشغيله؟ أو هل حاولت الاستثمار في مشروعات صغيرة وفشلت؟.. أم أنك وجدت أرباح الودائع البنكية غير مجدية أمام غول التضخم الذي ينهش في القوة الشرائية لأموالك؟.
ربما تكون مهتما بواحد أو أكثر من الأسئلة السابقة. فإذا كنتَ كذلك فأنت واحد من عشرات الآلاف في منطقة الخليج وما حولها الذين لا يجيدون إدارة أموالهم ومدخراتهم، كما لا يجيدون استثمارها بما يدر أرباحا مجدية عليهم.
ويجهد الكثير من الموظفين وغير المستثمرين أنفسهم في البحث عن فرصة استثمارية تتناسب مع الحجم المتواضع لرؤوس أموالهم، وهو ما يفسر ارتفاع عدد المستثمرين في البورصة الأردنية مثلا من 50 ألفا قبل سنوات قليلة إلى 750 ألفا حاليا.
الدرعاوي: فرص متباينة
سلامة الدرعاوي
ويرى الدرعاوي أن مالك الـ100 ألف دولار تتباين أمامه الفرص على اختلاف المكان والزمان، فبينما يمكنه الاستثمار في العقار إذا كان في الأردن؛ فإنه لا يمكنه دخول هذا القطاع في دول الخليج كافة التي تستعر فيها أسعار الوحدات العقارية.
ويضيف الدرعاوي متحدثا لـ"الأسواق.نت": "هناك فرص واسعة ومجالات عديدة تولدت مع تحرير الأسواق وانفتاحها، وحرية انتقال رؤوس الأموال ورجال الأعمال، لكن اختيار القناة الاستثمارية الأنسب يبقى المهمة الأصعب".
ويقول الدرعاوي: "إن أسواق المال استقطبت الشريحة الأوسع من أصحاب رؤوس الأموال الصغيرة والمحدودة، حيث انكبت شريحة واسعة منهم على الاستثمار في البورصات بعد الطفرة التي شهدتها منذ عام 2005، كما أن البعض الآخر من هؤلاء المستثمرين الصغار توجهوا إلى العقارات في بعض المناطق النائية، وخاصة في الأردن الذي شهد مؤخرا تداولات واسعة على قطع أراض بعيدة عن العاصمة".
وبحسب الدرعاوي فمن غير الممكن لأصحاب رؤوس الأموال المحدودة الاستثمار في بعض القطاعات الاقتصادية كالذهب والسلع، حيث يقول: إن "الاستثمار في مثل هذه القطاعات يحتاج لمعرفة ودراية كافية، وغالبا لا تتوفر إلا للمختصين"، لكن الدرعاوي يؤكد أن "أكثر القطاعات الاستثمارية أمانا في الأردن هو العقار الذي لم يشهد انخفاضا في أسعاره في أية مرحلة سابقة، بما في ذلك أوقات الركود".
الطه: الصكوك أفضل
وضاح الطه
ورغم أن أعين العديد من صغار المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال المحدودة ترنو إلى أسواق المال، والمضاربات ذات الربح السريع؛ إلا أن الوسيط المالي والخبير في أسواق المال الخليجية وضاح الطه يتفق مع الدرعاوي في أن "المضاربات وأسواق المال والبورصات بحاجة إلى دراية ومعرفة جيدة".
ولا ينصح الطه صغار المستثمرين أو أصحاب المدخرات المالية المحدودة من مالكي الـ100 ألف دولار أو أقل بالاستثمار في أسواق الأسهم، "خاصة وأن نسبة المخاطرة في أسواق المال النامية، كالبورصات العربية، عادة ما تكون المخاطرة فيها أعلى".
ويؤمن الطه بالنظرية الاقتصادية الشهيرة التي تقول: إن "ارتفاع العائد يقترن حتما بارتفاع المخاطرة"، ولذلك فإنه لا ينصح أصحاب المدخرات الصغيرة الذين أنفقوا سنوات عمرهم في تجميع ثرواتهم على المخاطرة فيها.
لكنَّ الطه يقول في حديث خاص لـ"الأسواق.نت": إن "مالك الـ100 ألف دولار يمكنه استثمار 25 ألفا منها في الأسهم، على أن يستثمر بقية الأموال في قطاعات أخرى انطلاقا من مبدأ لا تضع البيض كله في سلة واحدة".
وينصح الخبير المالي الطه بشدة صغار المستثمرين وأصحاب المدخرات المالية المتواضعة بالاستثمار في "الصكوك الوطنية"، التي تصدر في إمارة دبي، والتي يمكن لغير المواطنين أو المقيمين الاستثمار فيها.
و"الصكوك الوطنية" تصدر عن شركة خاصة تأسست في دبي بموجب قوانين الإمارة في عام 2006، وتملك حكومة دبي الحصة الأكبر من رأسمالها، حيث تقوم الشركة باستثمار الأموال التي تجمعها من أصحابها وتوزع في نهاية كل سنة مالية الأرباح على حاملي الصكوك، مع إمكانية استرداد قيمتها في أي وقت.
وتكاد تؤول نسبة المخاطرة إلى الصفر في هذا النوع من الاستثمار، بحسب الطه الذي يضيف: "هذا الاستثمار لا يحتاج لكثير من المعرفة، وعوائده المالية هي الأفضل قياسا بنسبة المخاطرة المعدومة فيه، فالمستثمر يجني أرباحا سنوية مقبولة، ويدخل في سحوبات شهرية قد تمكنه من تحقيق أرباح إضافية".
وكانت شركة الصكوك الوطنية الإماراتية قد وزعت أكثر من 6% أرباحا على حاملي صكوكها مع نهاية العام الماضي، وهي أرباح متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، بمعنى أنها قابلة للزيادة والنقصان سنويا مع ثبات رأس المال.
العقار ليس للصغار
الدكتور علي بوخمسين
وفيما يتعلق بقطاع العقارات، يؤكد الخبير العقاري السعودي الدكتور علي بو خمسين أن الاستثمار الفردي في هذا المجال أصبح "شبه مستحيل" مع الارتفاع الكبير الحاصل في الأسعار، لكنه يرى أن هذه المعضلة يمكن تجاوزها من خلال الاستثمار الجماعي.
وبحسب الخبير بوخمسين فإن "الـ100 ألف دولار لا تشتري في السعودية حتى قطعة أرض متواضعة، حيث إن أرخص قطعة أرض في أية مدينة سعودية تزيد عن نصف مليون ريال لكل 500 متر مربع، بمعنى أن المتر المربع الواحد يتجاوز ألف ريال بكافة الأحوال". (الدولار = 3.75 ريالات).
ويستعرض بو خمسين قائمة طويلة من العوائق التي تعرقل الاستثمارات الصغيرة في القطاع العقاري السعودي، حيث يقول: "إن محافظ الاستثمار الفردية العقارية تفتقد الأنظمة والقوانين التي تنظم عملها، أما الصناديق الاستثمارية التي تطرحها البنوك فأرباحها غالبا ما تكون ضئيلة جدا، بينما يستحوذ البنك وحده على القدر الأكبر من الأرباح".
ويؤكد بو خمسين -في حديث خاص لـ"الأسواق.نت"- أن صناديق الاستثمار التي تطرحها البنوك عادة ما تقدم أرباحا تتراوح بين 11 و18% عن فترة الاستثمار بأكملها، وهو مبلغ ضئيل جدا أمام الأرباح الحقيقية التي تحققها البنوك.
ويضيف بو خمسين أن "بعض صغار المستثمرين يلجؤون إلى إبرام عقود مضاربة في مكاتب محاماة، محاولين بها ضمان حقوقهم من أجل الدخول في محافظ استثمارية عقارية يديرها بعض رجال الأعمال"؛ إلا أن بو خمسين يؤكد أن مثل هذه العقود ضعيفة ولا تضمن حقوق المستثمرين الصغار بصورة جيدة.
ويرى الخبير العقاري السعودي أن الخيارات الاستثمارية النظامية والمنظمة بالقانون محدودة جدا أمام أصحاب رؤوس الأموال الصغيرة، لكنه يرى أن "ثمة خيارات أكثر خارج إطار القطاع العقاري".
وفي الوقت ذاته، يُحذر بو خمسين صغار المستثمرين من التورط في استثمارات وهمية أو مشروعات خاسرة؛ كتجارة العملات عبر الإنترنت التي استهوت مؤخرا أعدادا كبيرة من الشباب وأصحاب رؤوس الأموال المحدودة، وهي تجارة يرى فيها بو خمسين "فخا لاقتناص أموالهم".
مواقع النشر (المفضلة)