فئة المال أم نعمة العافيه
أي الحالين أهم وأفضل للإنسان، صحة وعافية، من دون أرصدة مالية كثيرة، أم أموال بالملايين مع غياب الصحة عن الجسد؟.. سؤال قد يطرحه أي إنسان على نفسه أو على من حوله، وبالتأكيد فإن الإجابة ستأتي باختلاف في الآراء، وربما يطغى جانب على آخر في إجابته، وفي كل الأحوال فإن النهاية ستكون للمنطق والعقل وتجارب الحياة بين إنسان يملك ما شاء الله الخالق له أن يملك من اموال واسهم وعقار، لكنه يعاني من سوء حالته الصحية التي لم يجد لها العلاج ولا الدواء الذي يعيد إليه ما فقده من عافيته، وبين آخر يملك قوت يومه مع عائلته إلى جانب حالة صحية طيبة يستطيع من خلالها أن يذهب ويعود متى شاء وإلى أي مكان يريد، الفارق كبير بين الجانبين، لكن عشاق المال ينظرون الى ان الصحة بالجسد أمر يقل أهمية عن المال لديهم، ويبررون ذلك بأن غياب «الخردة» عن الإنسان تجعله يعيش على هامش الحياة تتقاذفه الهموم، وضيقة الخلق، رغم ان هذا الانسان لا يشكو من فقدان لقمة العيش ولا من نقص لأولويات الحياة ومتطلباتها الضرورية، لكنهم يريدون المزيد والمزيد من الاموال ولا يفكرون بأن هذه الاموال لا قيمة لها حين يصاب صاحبها بأي عارض صحي يقف أمامه كبار الأطباء عاجزين عن العثور على علاج مناسب يعيد له ما فقده من صحته وعافيته.
لا احد يستطيع أن ينكر أهمية المال في حياة الانسان ولولاه لما استطاع تعمير الأرض وتوفير متطلباته المعيشية المختلفة واستمرار الحياة المناسبة له، فالمال زينة الحياة الدنيا، قال تعالى: «المال والبنون زينة الحياة الدنيا» وامام هذه الاهمية للمال لا ينبغي للانسان ان يعيش حالة من البطر والفسوق والجحود في نعمة المال، من خلال التبذير والاسراف في وجوه تغضب رب العباد وتؤدي بالانسان الى الاثم ونكران هذه النعمة، بسلوك غير اخلاقي وربما حتى غير انساني، وبصورة قد تؤدي به إلى اتلاف هذا المال وضياعه، لأن صاحبه انغمس في فتنة حب المال قال تعالى: «إنما أموالكم وأولادكم فتنة»، وعلى حساب صحة الجسد وعدم التفكير بنتائج ممارسات هذا الانسان الخاطئة.
الذين يساوون بين توفر الصحة والمال في آن واحد هم وحدهم الذين يدركون قيمة الجانبين، فيعطون الجسد ما يستحق من راحة تعيد له نشاطه وحيويته ويعطون للمال ما يستحق من عمل واستفادة دون اسراف ولا تبذير ولا بخل على النفس او على الابناء، هؤلاء هم الذين تراهم سعداء في حياتهم لأنهم شعروا بأن «الوسطية» في كل شيء هي السبيل الامثل للحياة الكريمة والخالية من العلة ومن كل ما قد يؤدي بها الى نقطة اللاعودة كالامراض وغيرها.
أعرف صديقا يملك والده أرصدة بالملايين لكن حالته الصحية على غير ما يريد وما يتمنى، ونسأل الله له العافية والصحة بالبدن، لكن هذا الاب لا يعطي لاولاده اي شيء رغم حاجتهم في بعض الاحيان الى المال، والاب يدرك ذلك جيدا لكنه يريد الملايين في حسابه ولا يفكر بنعمة الصحة لان الاموال انسته كل معنى جميل للحياة والعياذ بالله، هذه النوعية هي التي قال عنها رب العباد: «وتحبون المال حباً جماً وتأكلون التراث أكلاً لما»، انه المال الذي اخضع جباه عشاقه وانساهم حقوق ابدانهم وحقوق اولادهم عليهم، آه من انسان يملك الملايين وشعاره.. البخل ثم البخل.. وكأن الحياة خالدة وباقية له.
===
تحياتي :p
مواقع النشر (المفضلة)