[blink][align=center]:: ( موضوع تفاعلي ) ::[/align][/blink]
[align=center]الوفاء الأجوف .. حقيقة الواقع المر الذي تعيشه أسرنا ..
بسم الله الرحمن الرحيم
اخترت هذا العنوان لموضوعي وبين طياته معاناة تلك الأسر التي لم يجُد عليها ربُها وعائِلهُا بالوفاء
كما يجود به على من يحب من أصدقاءه أو زملاءه فأسميته الوفاء الأجوف .. فأتمنى أن أكون
قد وفقت في ذلك ..
فهنا ميدان نصرة الوفاء الذي تفتقده بيوتنا ومساكننا وحياتنا الأسرية
في أعمق و آصل بقعة , في مركز الإنسان ومنبع تكوين شخصيته ..
ذلك الوفاء الذي لم يغب عن الصديق و الزميل والأخ ومن له فضل أو جميل
واختفى من الحياة الزوجية والأسرية..
المتهم هو الرجل (الأب والزوج ) واسمحوا لي أيها الرجال بهذه الحقيقة التي نتغافل عنها
دائما ونحصر جل اهتمامنا في أمور شكلية فقط .. والطامة أن هناك من المثقفين من يقعون
في نفس المصيبة والطامة ..
نعم نحن الفاعلون لتلك الجريمة ولذلك التقصير بحق أحب الناس إلينا ومن نرى فيهم
ثمرات غرسنا عندما نكبر .. وتتلاشى أدوارنا ..
لا شك بأن المسؤولية مشتركة بين الرجل والمرأة على حد سواء ولكني أترك مناقشة عطاء
المرأة لعطاء المرأة فهي قادرة على ذلك ولكن هنا سأتناول جانب الرجل ودوره الغير مكتمل
في حياته الأسرية والزوجية ..
لا يخفى علينا أيها الأحباب الأهمية الكبيرة والعظيمة في تكوين الأسرة ومدى ضرورة تقديم العناء في تنشئتها
وتقويمها وتأسيسها بالشكل الصحيح الذي يترك آثاره على كل أفرادها .. ومدى الثمرات التي سنراها في
الأجيال القادمة .. عند تحقيقنا لذلك ..
ولحصول ذلك لابد من العطاء اللامحدود والبذل اللامنقطع لهذا الهدف السامي .. ويقع في
رأيي الجزء الأكبر من هذا العطاء على عاتق الرجل ..
ففي هذا الموضوع لا نناقش الدور الروتيني (إن صح التعبير )
والمتمثل في توفير المأكل والمشرب والملبس والذي يشترك فيه أغلب الرجال .. بل إن جل حديثنا سيكون عن
الدور الآخر المنسي والمتجاهل من قبلنا نحن الرجال وهو ما أدى إلى مصائب كبيرة حلت بأسرنا وعائلاتنا..
فحسبنا أن نستدرك سنة المصطفي في أهل بيته وكيف كانت
معاملته لهم وخدمته لهم دون تأخر أو تقصير بالرغم من ثقل هم الدعوة الملقى على عاتقه لندرك قطعا وبدون
شك أن دور الرجل في الحياة الأسرية دور أساسي وبالغ في الأهمية ..
(إذن) ما ندعو إليه هنا ليس دعوة قيميه أو أخلاقية أو إنسانية ( أو سموها ما شئتم) بقدر
ما هي دعوة إسلامية واقتداء بسيد البشرية في المقام الأول ..
نعود للوفاء الأجوف الذي بدأنا به الحديث والذي لا أشك أنه ذو معنى خاص في
عوالمنا الشخصية والخاصة بنا كرجال .. فتجدنا نحن الرجال نكابد ونصابر على الأخطاء والآلام والمشاكل على
مستوى العلاقات مع الأصدقاء والزملاء والاخوة كصورة رائعة وجميلة للوفاء ولا نرى ذلك التكبد والصبر مع
الأسرة والزوجة ..
أين وفاءنا المتمثل في عطاءنا وإخلاصنا لحياتنا الزوجية والأسرية
وأين تقديرنا للآخرين وإيجابياتهم الكثيرة التي نتجاهلها لنبحث بالمجهر عن السقطات والزلات لنشعل حينها فتيل
المشاكل التي لا تنتهي ..
لماذا نسعى دوما أن لا ُتسقط حقوقنا الواجبة على الآخرين بينما ننسف وندمر
أبجديات حقوق الآخرين علينا .. مالعيب إن تنازلنا عن حقوقنا حفاظا على بناء الأسرة وهيكلها ؟؟ .. هل نشك
في قوتنا لنؤكدها دوما ؟؟ بسبب وبدون سبب بالإكراه وبالحسنى , أين نحن عن مقولة تبقى الحكمة منهج
الأقوياء؟؟ .. أين الحكمة ؟؟ أيها الحكماء والعقلاء !!!
أين الوفاء الأسري والعائلي بمعناه السامي البناء ..
أين .. العلاقة الطيبة مع الزوجة في الكلام الطيب والتشجيع المستمر لها على
جهودها والثناء عليها ومشاركتها في أعمالها المنزلية ؟؟ ..
أين .. تحفيز الأولاد وتشجيعهم ومشاركتهم مذاكرتهم وحواراتهم وهمومهم وإظهار
قيمتهم وأنهم أشخاص ذوو قيمة لا يمكن تجاهلهم أو تناسيهم لنترك لهم الفرصة في إطلاق طاقاتهم الإبداعية ؟؟
أين .. الوقت الذي خصصناه لأسرنا ؟؟
أين..؟؟ وأين..؟؟ وأين..؟؟ .. لا تنتهي الأسئلة , فهم يحتاجون من
الرجل ( الأب والزوج ) الكثير والكثير .. من
العطاء والبذل ,,,
والوفاء ...
أيها الأحباب لو أن أحدنا تم إبلاغه بأن أولاده وزوجته في خطر
عظيم سيداهمهم بعد لحظات وقد يقضي عليهم جميعا.. حريق .. أو عصابة ستهاجمهم .. فما هي المشاعر
التي ستراوده حينها ؟؟ أترك لكم الإجابة ..
إذا كنا لا نحتمل ذلك لمدى غلاهم الكبير في قلوبنا فلماذا نهملهم ونقدم أنفسنا عليهم ؟؟
ومن أبسط الأمور التي تتعارض مع المثال السابق وتتكرر كثيرا .. هو التضحية بالعلاقة بين
الزوجين لأسباب تافهه , فيكابر الرجل أو المرأة في العودة إلى بيت الأسرة وإعادة المياه إلى مجاريها ضنا منه
الرجل (أو منها المرأة ) بأنه سيفقد كرامته وأنفته وكبريائه بتنازلاته التي سيقدمها .. سبحان الله ..
هل هذا موضع يستحق أن تجعل من حظ النفس التافه أن يكون حكما على
أهم وأغلى حياة والتي عليها منبت الأولاد الأبرياء .. والله إنه الظلم و انعدام الوفاء بعينه ..
والظريف في الأمر أن الرجل (الزوج والأب ) ينتظر أن يرى ثمرة حياته وقد حان دورها في
الوفاء ورد الجميل بينما هو قد بخل على تلك النبتة بالماء التي عليه حياتها وتركها للغيث المتقطع فلا تكاد
ترتوي إلا وقد بلغت حافة الحياة ..
لقد اقتصرت أدوارنا نحن الرجال في الوقت الراهن على توفير المعيشة والضروريات المادية
فقط لا غير ودور أغلبيتنا عند دخوله المنزل لا يتعدى ثلاثة أمور : الأكل والنوم وشغله الخاص ..
حتى أن العاطفة والحب مفقود من قبل الأب تجاه أولاده لأسباب تتعلق معظمها
بمفاهيم خاطئة كقول أحدهم أريد أن أعلم ابني الخشونة أو الرجولة فلا داعي لإغداق كلمات الحب عليه
ليصبح مدللا .. وكأن ذلك الطفل أو الولد حتى وإن كبر بلا قلب يحتاج إلى جرعات من العاطفة تشعره بالأمان ..
فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : ( مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَرْحَمَ بِالْعِيَالِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ . قَالَ: كَانَ إِبْرَاهِيمُ مُسْتَرْضعًا لَهُ فِي عَوَالِي الْمَدِينَةِ، فَكَانَ ينطلِقُ ونحن معه فيدخلُ البيتَ وإنه ليُدّخَنُ،
وَكَانَ ظِئْرُهُ قَيْنًا فَيَأْخُذُهُ فَيُقَبِّله، ثُمَّ يَرْجِعُ )، قال النووي في شرح مسلم رحمهما الله : ( ففيهِ بيانُ كَرِيم خُلقِه
صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَحْمَته لِلْعِيَالِ وَالضُّعَفَاء. وفِيهِ فضيلةُ رحمةِ العِيالِ والأطفالِ وَتَقْبِيلهم ).
يقول بن القيم رحمه الله ((وكم ممن أشقى ولدَه وفِلذةَ كَبِدِه في الدنيا والآخرة بإهماله،
وتَرْكِ تأديبه، وإعانته له على شهواته، ويزعم أنه يُكرمه وقد أهانه، وأنه يرحمه وقد ظَلَمه وحَرَمَه، ففاته انتفاعُه
بِوَلَدِه، وفَوّت عليه حظه في الدنيا والآخرة، وإذا اعتبرتَ الفساد في الأولاد رأيتَ عامَّته من قِبَلِ الآباء ))
إن أولادنا في حاجةٍ لتوظيف همساتنا، ونظراتنا، ولمساتنا، وكلماتنا، وقبلَاتنا، وابتساماتنا،
وعِنَاقِنا، مع تهيئةِ أجواء الأسرة بالحب، والملاطفة، والأُلفة الجماعية، والعلاقة الحميمة بين الأَبَوَيْن من جهة،
وبينهما مع الأولاد من جهةٍ أخرى، مع تشجيعهم على التعبير عن مشاعرهم، واستقلاليةِ شخصيتهم؛ لنرسُمَ
مسيرتهم الواثقة، ولنحفظ عاطفتهم المتدفقة ..
وليس من المنطق إعتبار أن العلاقة الزوجية والوفاء الزوجي خارج الموضوع بل حتى تكتمل
المنظومة بصدق لابد من إتمامها على وجهها الصحيح .. فالأبناء عندما يشاهدون مدى العلاقة الصادقة بين
الأبوين وما فيها من محبة واحترام وتقدير ووئام يعلمون يقينا أنهم يستظلون بظل شجرة من العلاقة المتينة مما
يجعلهم يشعرون بالأمان ويدفعهم للتفاعل والانطلاق مع التربية السليمة السوية ..
وعلى العكس تماما عند غياب تلك العلاقة الوثيقة بين الزوجين لأي سبب كان أو انعدامها تماما بحكم الانفصال
عن بعضهما فله أسوأ الآثار على الأولاد والوفاء لهم .. فالنبي أوصى من يرعى اليتيم بحسن معاملته وتعويضه
تلك العاطفة التي حرم منها بفقد أحد أبويه أو كلاهما فاليتيم وحاله لا يختلف كثيرا عن من انفصل أبواه وتركوه
يهيم على وجه لتكون شخصيته كشكولا لحياة مجهولة غير واضحة المعالم ..
ولذا، فأفراد الأسرة المشبعة عاطفيًا؛ أكثر أمانًا وبعدًا عن الانحراف الأخلاقي من أولئك الذين
حُرِموا الحب، واستباحهم الفراغ العاطفي؛ حيث انعدام الأمن، وعدم الثقة بالنفس، وأمراض أكثر خطورةً كالقلق،
والانطواء، والتوتر، والاكتئاب، والأخطر من ذلك أن يبحث عن هذا الرِّي خارجَ الأسرة، وهنا الطامّة الكبرى ..
أيها الرجال من الواجب رعاية الأمانة التي استأمنكم الله إياها في قول معلم البشرية
((والرجل راع في أهل بيته ومسئول عن رعيته )) ومن القيام بالواجب الوفاء به على أكمل وجه وليس القيام به
شكلا فقط أو بصورته الجوفاء والناقصة .. والتي تفتقد لأبسط صور العدل ..
أختم بما جاء في المعجم الكبير للطبراني : عَنْ يَعْلَى بن مُرَّةَ، قَالَ : ( كُنّا مع رسُولِ اللّهِ صلّى
اللّهُ عليهِ وسلّم، فدُعِينا إِلى طعامٍ، فإِذا الحُسينُ رضِي اللّهُ تعالى عنهُ يلعبُ فِي الطّرِيقِ، فأسرع النّبِيُّ صلّى
اللّهُ عليهِ وسلّم أمام القومِ، ثُمّ بسط يديهِ، فجعل حُسينٌ يمُرُّ مرّةً هاهُنا ومرّةً هاهُنا، فيُضاحِكُهُ حتّى أخذهُ،
فجعل إِحدى يديهِ فِي ذقنِهِ، والأُخرى بين رأسِهِ وأُذُنيهِ، ثُمّ اعتنقهُ فقبّلهُ، ثُمّ قال رسُولُ اللّهِ صلّى اللّهُ عليهِ
وسلّم : " حُسينٌ مِنِّي وأنا مِنهُ، أحبّ اللّهُ من أحبّهُ، الحسنُ والحُسينُ سِبطانِ مِن الأسباطِ " ).
الموضوع يطول وعطاءنا لا ينتهي هنا أو هناك .. بل هو سلسلة متواصلة نصهر فيها تجارب
الحياة.. فمن هم مستأمنون في أعناقنا يستحقون ذلك .. وبضاعة أخيكم مزجاة .. فإلى مزيد من العطاء أتنظره
في مشاركاتكم ..
فأوفوا لنا الكيل وتصدقوا علينا .. :)
أخوكم منافح[/align]
مواقع النشر (المفضلة)