الطلاق نهاية أم بداية:
الطلاق قد يكون نهاية سعيدة لحياة شقية ومرهقة؟ وقد يكون بداية مؤلمة مؤقتة لحياة متجددة تمتلئ بالإنجازات والعطاء على كافة المستويات ، فكيف تتكيفين مع وضعك الجديد كمطلقة ؟؟
لابد من الوصول إلى درجة من التوافق النفسي تساعدك على الانطلاق في حياتك الجديدة ، وقد أوضحت الدراسات الميدانية أن الذين يعبرون هذه التجربة يمرون بثلاثة مراحل للوصول إلى التوافق النفسي:
مرحلة الصدمة: حيث يعاني المطلقون من الاضطراب الوجداني والقلق بدرجة عالية
مرحلة التوتر: يغلب عليها القلق والاكتئاب ، وتتضح آثارها في الإحساس بالاضطهاد والظلم والوحدة والاغتراب والانطواء والتشاؤم وضعف الثقة بالنفس ، وعدم الرضا عن الحياة.
مرحلة إعادة التوافق: وفيها ينخفض مستوى الاضطراب الوجداني، ويبدأ المطلقون إعادة النظر في مواقفهم في الحياة بصفة عامة ، والزواج بصفة خاصة.
ولعلك ترغبين في تجاوز المرحلتين الأولى والثانية لتبلغي الثالثة بأمان ، ولذا فلنحاول أن نقر معاً بعض المبادئ:
- أنت مطلقة وهذا لا يمثِّل أي حرج شرعي، فالطلاق مباحٌ في الإسلام، والرأي الأرجح بين الفقهاء أنه مباحٌ للضرورة..
- غيري نظرتك لذاتك: فلست ضحية تستحق الشفقة..ولست مجروحة مكلومة تتطلب على الدوام المساعدة..ولست متهمة مذنبة عليها درء الشبهات عن نفسها ، بل إنك مخلوق عاقل كرمه الله عز وجل ومن حقك أن تحددي مصيرك وتملكي زمام أمرك ، وإذا كانت هناك تجربة فاشلة في حياتك ؛ فهذا لا يعني اقتران الفشل بشخصك أو توقف الحياة وانتهاؤها على أعتاب تجربتك ، بل الأجدى أن تمنحي نفسك الفرصة لطرح آثار الفشل والبدء من جديد..
- تعاملي مع المشاعر المحيطة بتوازن..فلا تقابلي التعاطف بالحزن والضعف والإغراق في الشعور بالدونية..بل اعتبريه رسالات من الدعم المعنوي يقدمها إليك المقربون ، ولا تقابلي محاولات التدخل المعتدلة بالكراهية أو العدائية ، بل حاولي دوماً أن تثبتي للجميع أن لديك القوة الذاتية للثبات بعد التجربة.
- تحاشى الدخول في تفاصيل تجربتك السابقة ، حتى ولو كان الأمر لتحسين صورتك ؛ حتى لا تتحول تفاصيل حياتك إلى طرائف تروى في المجالس ، ومضغة تلوكها الألسنة للتسلية وقضاء أوقات الفراغ ، كما أن الإغراق في تفاصيل الماضي لا يعني إلا العجز عن الحراك للمستقبل..
- قيمي موقفك ووضعك الجديد والمساحات المسموح لك بالحركة فيها في حدود الشرع والتقاليد الاجتماعية ، وتذكري أننا نخضع لاعتبارات مجتمعية قد نتفق مع بعضها وقد نختلف ، ولكننا في النهاية نخضع لها..فمن الأولى أن تضعي أنتِ القيود لنفسك قبل أن يطاردك بها الآخرون بدعوى أنك مطلقة ومطمع للآخرين..
- احذري الوقوع في أسر العزلة والإحساس بالحرمان العاطفي ، الذي قد يقودك إلى البحث عن علاقة عاطفية لملأ فراغ نفسك ، أو تعويض ما فاتك ولو كان هذا على حساب كرامتك وعفتك كامرأة..
- حاولي أن تنظري للطلاق على أنه بداية وليس نهاية .. ففشل الحياة الزوجية بين طرفين لا يعني أن يقع كل منهما فريسة الشعور بالفشل والإحباط ؛ لأن الفشل حدث في التوافق بينهما والانسجام وإقامة حياة مستقرة مشتركة ، وليس فشلاً مقترناً بشخص كل منهما ، موصوماً بحياته..
فلعل حياةً جديدة وأدواراً هامة تنتظرك : ابحثي عن المجال الأنسب لك ولظروفك سواء كان الدراسة..العمل..الالتحاق بمؤسسات المجتمع المدني ، من خلال الأعمال التطوعية الخيرية والمشاركة بالأنشطة الاجتماعية والثقافية والدعوية عبر المؤسسات أو عبر الإنترنت ..حددي مسؤولياتك القادمة وأدوارك الجديدة ولا تهابي خوضها لأن الاحتكاك بالواقع والقيام بأدوار متعددة هو خير وسيلة لتضميد جراحاتك السابقة..
- استخلصي إيجابيات التجربة لتكون عوناً لكِ على تخطيط حياتك الجديدة بصورة صحيحة ..فأنت تخوضين حياتك الآن بخبرات أفضل ونظرة أعمق من ذي قبل..
فالماضي يكون قوة دافعة إذا اعتبرناه درسًا تعلمناه ، ويصبح عائقًا إذا اعتبرناه ذكرى نعيش عليها ونجتر أحداثها .
مواقع النشر (المفضلة)