[align=center][align=right]
حقيقةً لست ممن يجيد صياغة الكلمات المؤثرة أو ممن يحترف سرد الأحداث المثيرة بل وحتى غير المثيرة... أو ممن يعيد رسم تفاصيل الأمور وفقاً لهواه أو لهوى إنسان آخر... ولعل ذلك يرجع إلى قلة مرابطتي على ثغور الحرف.. وقلة التصاقي بعالم الكتابة والإبداع...
وما ذكرته لكم يحتاج بلا شك.. إلى قضاء كثير من الوقت بين ريشة ومحبرة.. وتفكر وتأمل ... حتى يبعث الله قلمي مقاماً محمودا ..
ومنعاً للاستطراد أو العبث بالكلمات تحت مسمى " توطئة الحديث " ... أجعل مساحةً أخرى لقلمي قبل الدخول في صلب الموضوع...
فأقــــــــــــــــول...
قلما يعجز بناني الهزيل عن الاعتراف بحجم السلبيات التي لها في مساحة أيامي كاحد أفراد المجتمع ثكنات ليست بالصغيرة ولا حتى بالقلية..
وإحدى هذين الوصفين .. كافٍ في إيراده للدلالة على مقصودي عن رديفه الآخر ... لكني اعتبرها ضرورة كلامية...
ولا يسألني أحد منكم لماذا...؟... ففي هذا البنان يختبئ سر الكتمان...
شريط من ذكريات أيامي الغابرة يمر أمامي بشكل عفوي ومفاجئ حين أكتب كلمات هذه الأطروحة البسيطة... أود حقيقة أن لا أستسلم لخطام الذكريات وهو يجرني إلى ما يمنعني عن التفكير في ما أنا فيه لحظة الكتابة... إلا أني أجد ذلك عزيزاً ...
لا يهم فليس شريط الذكريات سوى إيراد ليس له علاقة بأصل الموضوع... فلا تقف معه طويلاً ... وتعال لتقرأ تغاريد الكلمات في موضوعي " ساعة من أجل اليابان ..!!"
بدايـــــــــــــــــــة.. ..
كان من دواعي سروري أن ولدت في بيئة حراك عملية أو سمها إن شئت ((وظيفية))... جعلتني أرى مساحةً كبيرةً من أوجه التعاملات التي تتخلل الحياة العامة، وقد غيرت هذه البيئة الكثير من صفاتي..
كنت في بداية مشواري في هذه البيئة "غر صغير" بالنسبة إلى من سبقني.. وقد عشت بداياتي بين رغبتي في تحقيق ذاتي.. وظنوني المطلقة بأني وإن كنت رسمت لنفسي طريقاُ للنجاح.. فقد يأتي من يحول دون ذلك أو يأتي من يركلني من الخلف لأقفز قفزة أجد نفسي معها اختصرت مشواري الذي رسمته...
كان من أميز ما رأيت في حياتي العملية القصيرة ذالك الرجل الهرم الذي لا تخاله عند مشاهدتك له من المرة الأولى انه قرب من أن يلغ من العمر عتيا .. ولعل السبب في ذلك يرجع إلى اهتمامه بنفسه واهتمامه كذلك بهندامه... حيث كان هذا الرجل.. هو المحرك الرئيس لقطاع عريض من القطاعات الهامة التي تخدم العديد من أبناء المملكة في هذا الوقت من الزمن.. ولا تظنوني أبالغ فهذه هي الحقيقة...
حرصت كل الحرص ـــ حين سمعت عن الرجل ما سمعت ـــ أن أكثر من الالتصاق به لأرى واقرأ خلاصة هذا الرجل وفلسفته في الحياة، وكان لي أن اجتمعت معه في دائرة مستديرة أولى اجتماعاتي... فرأيته رجلاً بسيطً وعفوياً وهذه سمة رئيسة في شخصيته الرائعة إلا أنه مع ذالك دقيق جداً وجاد في أموره...
فما كان منه في هذا الاجتماع إلا أن سافر بي ــ بحديثه الشيق الرائع الذي لا تمله مهما مضى بك الوقت ـــ إلى دولة الابتكارات الحديثة (( اليابان)).. ليطلعني على الأسباب الرئيسة التي جعلت من هذه الدولة قائدةً للنجاحات بين باقي دول العالم..
ولعلكم بحكم ثقافاتكم قد اطلعتم على شيء كبير من هذه الأسباب..
وأنا منشد للاستماع.. رسخت في ذهني جملة واحدة جعلتني أعرف الفرق بين شعوبنا النائمة وبين شعب اليابان اليقظ وهذه الجملة هي عنوان مقالي هذا...!!
حيث كان مما قال لي من حدثتكم عنه في الأسطر القليلة الماضية... بأن لنجاح دولة كاليابان قوانين معلومة قادتها إلى الفوز بالزعامة القطبية العالمية في مجال النهضة التكنولوجية بالذات... ولعل من أهم هذه القوانين حب العمل و الاهتمام بساعاته في زيادة الإنتاج,, وبذل المجهودات الفعالة للوصول إلى الغاية المرجوة التي رسمها لعمله..
وقد بلغ حب الياباني لعمله إلى أن سخر ساعةً زائدة عن أوقات العمل الرسمية .. اسماها ((ساعة من أجل اليابان)) يقضيها في مقر عمله... (( قلت يقضيها في مقر عمله )) وإلا فهذا من غير الساعات التي يقضيها في مكتبه الافتراضي الذي قد يكون ملازماً له في منزله أو حتى في جيب بنطاله...!!
يعلم الياباني بأن الساعة التي سيبذلها ليست هي الرهان الحقيقي لنجاح دولته أو فشلها .. إلا أن هذه الساعة كعنصر من عناصر تقديس العمل وحب الإنتاجية لها ثمارها اليانعة في تحقيق النماء والازدهار لليابان وشعبه ...
فحين نضرب ساعة واحدة قد لا يراها الكثير منا في عمر الزمن شيئا... (( أقول )).. حين نضربها في عدد أيام السنة ثم في عدد الشعب الياباني العامل نجد الناتج كماُ هائلاً من الساعات الزمنية الكفيلة بأن تختصر المسافة للوصول إلى الهدف والغاية...
وكل هذا يأتي في الوقت الذي لا يزال فيه العديد من أبناء المجتمعات العربية يتفنن في إهدار الساعات الطوال من وقته وضياعها في ما لا طائل دونه ولا فائدة منه... وأقرب دليل على كلامي هذا الذي لا يحتاج أصلاً إلى بيان صحته... ما نراه حين يتفيأ الكثيرين من أبناء هذه المجتمعات بضلال الإجازات ... التي بات قضائها في اللهو واللعب أمراً محسوماً لا نزاع فيه...
ليست اليابان هي الدولة الوحيدة التي تسعى للتقدم والرقي وصناعة الحضارة .. بل هناك دول أخرى كدول الخليج تسعى لذلك .. لكن الفرق الذي بيننا وبينهم هو أن اليبانيين زرعوا في أنفسهم ((ساعة)) من أجل بناء اليابان ...!! فماذا فعلنا نحن...؟
هنا ينحاز ُ نصّي للنهاية ... إلى أن التقي بكم في أطروحة أخرى بإذن الله...
قسورة السراتي[/align][/align]
مواقع النشر (المفضلة)