السلام عليكم
ذكر فى بعض الكتب أن عيسى عليه الصلاة والسلام
قال لامه أن الدنيا فناء ودار زوال والاخرة دار بقاء فتعالى ياأماه فانطلقا الى جبل لبنان فكانا فيه يصومان فى
النهار ويقومان الليل يأكلان من ورق الاشجار ويشربان من ماء الامطارفمكثا على ذلك زمانا طويلا ثم ان عيسى عليه
السلام هبط ذات يوم من الجبل الى الوادى ليلتقط الحشيش لافطارهما فلما هبط جاء ملك الموت
فقال : السلام عليك يا مريم الصائمة القائمة
قالت: من أنت فان جلدى قد اقشعر من صوتك وطار عقلى من هيبتك؟
فقال : أنا الذى لا أرحم الصغير لصغره ولا أكرم الكبير لكبره وأنا قابض الأرواح0
قالت: يا ملك أزائرا جئت أم قابضا؟
قال استعدى للموت
قالت: أفلا تأذن لى حتى يرجع حبيبى وقرة عينى وثمرة فؤادى وريحاتة قلبى؟
قال لها : لم أؤمر بذلك وانما أنا عبد مأمور والله لا أستطيع أن أقبض روح بعوضة فقد أمرنى أن لا أزيل قدما عن قدم
حتى أقبض روحك فى موضعك هذا
قالت له: يا ملك الموت استسلمت لأمر الله تعالى فأمض أمر الله
فدنا منها وقبض روحها وأبطأ عيسى عليه السلام فى ذلك الوقت حتى دخل وقت العشاء الأخيرة فلما صعد الجبل ومعه
الحشيش والبقل نظر اليها وهى نائمة فى محرابها فظن أنها أدت الفرائض فوضع الحشيش وااستقبل المحراب ولم يزل
قائما الى الليل ثم نظر الى أمه فنادى بصوت حزين من قلب خاشع:
السلام عليك ياأماه قد هجم الليل وأفطر الصائمون ووقف العابدون وما بالك لا تقومين الى عبادة الرحمن؟
فرجع فقال ان لبعض النوم حلاوة ثم استقبل المحراب ولم يأكل شيئا حتى مضى الثلث الثانى يزيد بذلك بر أمه بالافطار
معها فلم يزل قائما فنادى بصوت حزين وقلب مغموم:
السلام عليك يا أماه فرجع واستقبل المحراب حتى طلع الفجر ثم وضع خده على خدها وفمه على فمها وهو يناديها
باكيا بكاء شديدا السلام عليك ياأماه قد مضى الليل وأقبل النهار هذا وقت فريضة الرحمن
فبكت ملائكة السموات وبكت الجن من حوله وارتعد الجبل من تحته
فأوحى الله تعالى الى الملائكة ما يبكيكم؟
قالوا :
الهنا أنت أعلم فأوحى الله تعالى أنى أعلم وأنا أرحم الراحمين فاذا مناد ينادى يا عيسى ارفع رأسك فقد ماتت أمك
فأعظم الله أجرك فرفع صلى الله عليه وسلم رأسه باكيا يقول:
من لوحشتى ومن لوحدتى ومن انس به فى غربتى ومن يعيننى فى عبادتى؟
فأوحى الله تعالى الى الجبال أن كلم روحى بالموعظة فقال الجبل:
ياروح الله ما هذا الجزع أو تريد مع الله أنيسا ؟ ثم هبط من ذلك الجبل الى قرية من قرى بنى اسرائيل فنادى
السلام عليكم يا بنى اسرائيل فقالوا من أنت يا عبد الله فقد أضاء حسن وجهك دورنا ؟ فقال:
أنا روح الله 0
ان أمى قد ماتت غربية فأعينونى على غسلها وكذا دفنها قالوا يا روح الله :
ان هذا الجبل كثير الأفاعى والحيات لم يسلكه اباؤنا وأجدادنا منذ ثلاثمائة عام فرجع عيسى عليه السلام الى الجبل
فذا هو وجد شابين جميلين فسلم عليهما فردا عليه ثم قال لهما : ان أمى قد ماتت غربية فى هذا الجبل فأعينانى على
تجهيزها فقال أحداهما له : هذا ميكائيل وأنا جبرئيل وهذا الحنوط والأكفان من عند ربك فان الحور العين قد هبطن الان
من الجنة لغسلها وتكفينها وشق جبريل عليه السلام قبرها من رأس الجبل ودفنوها فيه بعد أن صلوا عليها وشيعوا
جنازتهم
قال عيسى عليه السلام : اللهم انك ترى مكانى وتسمع كلامى ولايخفى عليك شئ من أمرى فان أمى ماتت ولم أشهدها
عند وفاتها فأذن لها تكلمنى فأوحى الله تعالى اليه انى قد أذنت لها فجاء عيسى عليه السلام
ووقف على قبرها فناداها بصوتحزين: السلام عليك ياأماه فأجابنه من القبر: يا حبيبى يا قرة عينى
قال لها :يت أماه كيفوجدت مقيلك ومصيرك وكيف رأيت القدوم على ربك؟
قالت : مقلتى ومصيرى خيرمصير قدمت على ربى فوجدته راضيا غير غضبان قال يا أماه :
كيف وجدت ألم الموت؟ قالت: والذى بعثك بالحق نبيا ما ذهبت مرارة الموت من حلقى وهيبتة ملك الموت بين عينى
فعليك السلام يا حبيبى الى يوم القيامة0
درة الناصحين فى الوعظ والارشاد
مواقع النشر (المفضلة)