[colمن البرازيل إلى الوطن العربي[/color]
ياسمينة صالح
25/7/1429هـ
قرأت على أحد المواقع الفرانكفونية النشطة في فرنسا رسالة مفتوحة وجهتها فتاة تونسية إلى العالم المتحضر، متسائلة فيها عن معنى الحقوق المدنية والديمقراطية، وحرية الإنسان الشخصية إن لم يكن لها حق في ارتداء الحجاب في دولتها؟ وحكت الفتاة كيف أنها تعرضت للضرب أمام باب الجامعة من قبل حارس الأمن الذي أهانها بألفاظ سوقية لأنها "ترتدي اللباس الطائفي"، واللباس الطائفي في المفهوم الرسمي التونسي (دستورياً وقانونياً) هو الحجاب!
ما يبدو غريباً ليس أن تعتبر دولة عربية مثل تونس الحجاب زياً طائفياً، بل الغريب يكمن في الإصرار على إصدار اللوائح القانونية التي تجعل من منع الحجاب منعاً باتاً غير قابل للنقاش أو للمراجعة، في الوقت الذي نشرت فيه صحيفة "لوسوار" البلجيكية أن الإسلام سيكون الديانة الأقوى في بلجيكا بعد عشرين سنة، وأن نسبة البلجيكيات المقبلات على الحجاب في تزايد منذ حملة الرسومات المسيئة لأشرف خلق الله سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -، وأن العديد من الشباب المسلم في بلجيكا أصبح أكثر حرصاً على الصلاة مما كان عليه في السابق، ليس هذا فقط بل أن 500 فتاة ارتدت الحجاب في البرازيل منذ بداية السنة الحالية، وهي نسبة معتبرة بالنظر إلى الموقع الجغرافي للبرازيل، وسيطرة "الفكر الشيوعي" على أمريكا اللاتينية، ناهيك عن قلب أغلب الشيوعيين "الجاكيت" ليصبحوا يساريين بامتياز.
لكن المدهش أيضاً أن البرازيل اليسارية كانت قد أصدرت في حكم "لولا دا سيلفا" قراراً يسمح للمرأة المسلمة بارتداء الحجاب سواء في العمل أو في الشارع العام، أو فيما يتعلق بصورتها على البطاقات الرسمية، أو جواز السفر لمن تشاء، وكان هذا القرار مماثلاً لذلك الذي اتخذه "شافيز" في فنزويلا باحترام الشعائر الإسلامية، واحترام حق المرأة المسلمة في ارتداء الحجاب على الأراضي الفنزويلية.
يحدث هذا في دول معروفة بتاريخها الشيوعي القديم، ويساريتها الراهنة، في الوقت الذي تقول فيه أهم المواد القانونية التونسية: أن الحجاب "عبارة عن زي طائفي غير مرغوب به في تونس"، وفي الوقت الذي يتكالب فيه أيضاً الهمجيين في العديد من الدول العربية ضد الحجاب إلى حد التفكير في قانون يمنع "الحجاب" بالنسبة لصور جواز السفر، وبطاقات الهوية في دولة مغاربية أخرى، ناهيك عن الإجراءات القمعية الكثيرة التي يتعرض إليها المسلمين عموماً بكل الأشكال للنيل من كرامتهم في زمن العري والعار الذي يسمونه "التطور الحضاري" الذي بدل أن يفتح المدارس والجامعات راح يفتح المواخير، وبدل شكر الوالدين على رعايتهما؛ رموهما في بيوت المسنين، وبدل الاهتمام بالفكر والتعليم، والأخلاق والتربية السليمة من المهد إلى اللحد؛ يتم الاهتمام بالـ"شطح" عبر تبذير الملايين من الدولارات على المهرجانات العربية الرسمية التي ترمى فيها المآكل في المزابل أمام أعين الشعوب الجائعة، وتستدعى فيه "الراقصات الماجنات" بملايين الدينارات على حساب الأسر التي تقتات من رغيف حاف لا تجده إلا بطلوع الروح، ألا لعنة الله على الظالمين.
مواقع النشر (المفضلة)