[align=center]هذه واقعة حقيقية 100 % حصلت مع الشيخ / إبراهيم المرواني
وهي أقرب للخيال في وقتنا هذا ،،،،
يقول الشيخ :
كنا في جده في بيت الوالدة حفظها الله في صباح الجمعة ... وعند الضحى سألت خالي
ويش رأيك نطلع مكة نصلي الجمعة هناك و نرجع على طول
قال فكره طيبة ... نشرب الشاهي ونطلع
قلت الآن .. قبل ما يكسلنا الشيطان .. ولك علي اشتري لك شاهي عدني ما حصل من الخط ... لجل نلحق ندخل الحرم قبل الزحمة .. اليوم جمعة كل أهل مكه يصلوا هناك
وحنا في الطريق السريع ... لفت نظري قبل مكة بحوالي خمسة وأربعين كيلومتر أو تزيد قليلا في الناحية الأخرى من الطريق .. بيت أبيض من بيوت الله ... مسجد .. ولفت نظري لعدة أشياء
لونه أبيض رائع ... و مئذنته جميلة و عالية نسبيا
مبني على أسفل سفح جبل أو على تلة تقريبا .. مما يجعل الوصول إليه يبدو صعبا قليلا .... خاصة على كبار السن .. وإن كان واضح أن من بنى المسجد بناه على هذه الصورة لجل يبان للناس من بعيد ... إن في هذا المكان مسجد
المسجد كان مهدم .. أو بمعنى أصح .. كان عبارة عن ثلثي مسجد فقط و الجزء الخلفي مهدوم تماما .. و لا يوجد أبواب أو حتى شبابيك .. وليس اكثر من مسجد مهجور مرتفع عن الأرض
ما أدري ليه بقى منظر هذا المسجد في قلبي ... وصورته ما فارقت خيالي أبدا .. يمكن لشموخه و وقوفه ضد السنين ... الله أعلم
***
وصلنا مكة ولله الحمد ... ووقفنا السيارة خارجها نظراً لشدة الزحام وصلينا وسمعنا الخطبة
بعد الصلاة .. ركبنا سيارتنا وأخذنا طريق العودة
للمرة الثانية ... مدري ليش ... ظهرت صورة نفس المسجد في بالي
المسجد الأبيض المهجور
جلست أكلم نفسي ... بعد شويه يظهر لنا المسجد
جلست التفت لليمين وأنا أبحث عنه
أذكر أن بجانبه مبنى المعهد السعودي الياباني بحوالي خمسمائة متر وكل من يمر بالخط السريع يستطيع أن يراه
مررت بجانب المسجد وطالعت فيه .. ولكن لفت انتباهي شيء
سيارة .. فورد زرقاء اللون تقف بجانبه
ثواني مرت وأنا أفكر .. ويش موقف هالسياره هنا ؟ .. ويش عنده راعيها ؟ .. ثم اتخذت قراري سريعا
هديت السرعه ولفيت لليمين على الخط الترابي ناحية المسجد ... ليقضي الله أمرا كان مفعولا ... وسط ذهول خالي وهو يسألني
خير ويش فيه ؟؟؟
خير صار شي ؟؟؟
اتجهت لليمين من عند المعهد السعودي الياباني في خط ترابي لحوالي خمسمئة متر .. ثم يمين مرة أخرى ... ثم داخل أسوار مزرعة قديمة ... حتى توجهت للمسجد مباشرة
سألني خالي خير .. ويش فيك رد علي
قلت أبداً .. باشوف راعي هالسيارة ويش عنده
قال ... مالنا ومال الناس
قلت خلينا نشوف .. وبالمرة نصلي العصر.. أعتقد أذن خلاص
شافني مصمم ومتجه بقوة للمسجد راح سكت
***
وقفنا السيارة في الأسفل ... وطلعنا حتى وصلنا للمسجد ... وإذا بصوت عالي ... يرتل القرآن باكيا .. ويقرأ من سورة الرحمن ... وكان يقرأ هذه الاية بالذات
( كل من عليها فان * ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام )
فكرت أن ننتظر في الخارج نستمع لهذه القراءة .. لكن الفضول قد بلغ بي مبلغه لأرى ماذا يحدث داخل هذا المسجد ... المهدوم ثلثه ... والذي حتى الطير لا تمر فيه
دخلنا المسجد .. وإذا بشاب وضع سجادة صلاة على الأرض ... في يده مصحف صغير يقرأ فيه ... ولم يكن هناك أحدا غيره
وأؤكد
لم يكن هناك أحداً غيره
قلت السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نظر إلينا وكأننا أفزعناه ... مستغربا من حضورنا .. ثم قال :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
سألته صليت العصر؟
قال .. لا
قلت طيب أذنت ؟
قال لا... كم الساعة ؟
قلت وجبت خلاص
أذنت .. ولما جيت أقيم الصلاة ... وجدت الشاب ينظر ناحية القبلة ويبتسم
غريبة ابتسامته !!!
يبتسم لمين ؟
إيش السبب !!!
وقفت أصلي ... إلا وأسمع الشاب يقول جملة طيرت عقلي تماما
قال بالحرف الواحد
أبشر ... جماعه مرة وحدة
نظر لي خالي متعجبا ... فتجاهلت ذلك ... ثم كبرت للصلاة وأنا عقلي مشغول بهذه الجملة
( أبشر جماعة مرة وحدة )
يكلم مين ؟؟؟ .. ما معانا أحد !!! ... أنا متأكد إن المسجد كان فاضي ... يمكن أحد دخل من غير ما أشوفه ... هل هو مجنون ... لا أعتقد ابداً ... طيب يكلم مين !!!
صلى خلفى ... وأنا تفكيري منشغل به تماما
بعد الصلاة ... أدرت وجهي لهم .. وحين أشار لي خالي للانصراف.. قلت له .. روح إنت استناني في السيارة وألحين ألحقك
نظر لي ... كأنه خايف علي من هذا الشاب الغريب
الذي يتوقف عند مسجد مهجور
الذي يقرأ القرآن في مسجد مهجور
الذي لا نعلم يكلم من ... حين يقول
( أبشر جماعة مرة وحده )
أشرت إليه أني جالس قليلا
نظرت للشاب وكان مازال مستغرقا في التسبيح ... ثم سألته
كيف حال الشيخ ؟
فقال بخير ولله الحمد
سألته ما تعرفت عليك
فلان بن فلان
قلت فرصة سعيدة يا أخي ... بس الله يسامحك .. أشغلتني عن الصلاة
سألني ليش ؟
قلت ... وأنا أقيم الصلاة سمعتك تقول
أبشر جماعة مرة وحده
ضحك ... وقال ويش فيها؟
قلت ... ما فيها شي بس .. إنت كنت تكلم مين !!!
ابتسم ... ونظر للأرض وسكت لحظات ... وكأنه يفكر .. هل يخبرني أم لا ؟
هل سيقول كلمات أعجب من الخيال
أقرب للمستحيل
تجعلني اشك أنه مجنون
كلمات تهز القلوب
تدمع الأعين
ام يكتفي بالسكوت!!!
لو قلت لك .. رايح تقول علي مجنون
تأملته ملياً ... وبعدين ... ضممت ركبتي لصدري ... حتى تكون الجلسة أكثر حميمية .. أكثر قرباً .. أكثر صدقاً .. وكأننا أصحاب من زمان
قلت .. ما أعتقد انك مجنون ... شكلك هادئ جداً ... وصليت معانا ولا سمعت لك حرف
نظر لي ... ثم قال كلمة نزلت علي كالقنبلة .. جعلتني أفكر فعلا .. هل هذا الشخص مجنون !!!
كنت أكلم المسجد
قلت .. نعم !!!
كنت أكلم المسجد
سألته حتى أحسم هذا النقاش مبكرا ... وهل رد عليك المسجد ؟
تبسم ... ثم قال .. ما قلت لك ... حتقول علي مجنون .. وهل الحجارة ترد .. هذه مجرد حجارة
تبسمت ... وقلت كلامك مضبوط .. طالما إنها ما ترد ... طيب ليه تكلمها !!!
هل تنكر .... إن منها ما يهبط من خشية الله
سبحان الله ... كيف أنكر وهذا مذكور في القرآن
طيب ... و قوله تعالى ( وإن من شئ إلا يسبح بحمده )
قلت ماني فاهمك
باعلمك
نظر للأرض فترة وكأنه مازال يفكر
هل يخبرني ؟؟
هل أستحق أن أعلم ؟؟
ثم قال دون أن يرفع عينيه
أنا إنسان أحب المساجد .. كلما شفت مسجد قديم ولا مهدم أو مهجور .. أفكر فيه .
أفكر في أيام كان الناس يصلوا فيه
وأقول .. تلقى المسجد ألحين مشتاق للصلاة فيه .. تلقاه يحن لذكر الله
أحس ... أحس إنه ولهان على التسبيح والتهليل .. يتمنى لو آية تهز جدرانه .. وأفكر ... وأفكر .. يمكن يمر وقت الآذان وتلقى المئذنة مشتاقة ... و تتمنى تنادي ... حي على الصلاة ... وأحس إن المسجد .... يشعر إنه غريب بين المساجد ... يتمنى ركعة .. سجدة .. أحس بحزن في القبلة ... تتمنى لا إله إلا الله .. ولو عابر سبيل يقول الله اكبر ... وبعدين يقرأ
( الحمدلله رب العالمين )
أقول في نفسي والله لأطفئ شوقك .. والله لأعيد فيك بعض أيامك .. أقوم أنزل ... وأصلي ركعتين لله ... واقرأ فيه جزء من القرآن
لا تقول غريب فعلي .. لكني والله ... أحب المساجد
أدمعت عيني ... نظرت في الأرض مثله لجل ما يلاحظها .. من كلامه .. من إحساسه .. من أسلوبه .. من فعله العجيب .. من رجل تعلق قلبه بالمساجد
مالقيت كلام ينقال .. واكتفيت بكلمة الله يجزاك كل خير
بدأ خالي يدق لي بوري يستعجلني .. قمت ... وسلمت عليه .... قلت له ... لا تنساني من صالح دعاك
وأنا خارج من المسجد قال وعينه مازالت في الأرض
تدري .. ويش أدعي دايماً وأنا خارج
طالعت فيه وأنا افكر .. ودي الزمن يطول وأنا أطلاع فيه .. من كان هذا فعله .. كيف يكون دعاه ... وما كنت أتوقع أبداً هذا الدعاء
اللهم
اللهم
اللهم
إن كنت تعلم أني آنست هذا المسجد بذكرك العظيم ... وقرآنك الكريم ... لوجهك يا رحيم .. فآنس وحشة أبي في قبره وأنت ارحم الراحمين
حينها تتابع الدمع من عيني .. ولم استحي أن أخفي ذلك .. أي فتى هذا وأي بر بالوالدين هذا
ليتني مثله .. بل ليت لي ولد مثله
كيف رباه ابوه .. أي تربية .. وعلى أي شيء نربي نحن أبناءنا
هزني هذا الدعاء ... اكتشفت أني مقصرا للغاية مع والدي رحمه الله .. كم من المقصرين بيننا مع والديهم سواء كانوا أحياء أو أموات
أرى بعض الشباب حين تأتي صلاة الجنازة أو حين دفن الأب ... أراهم يبكون بحرقة ... يرفعون أكفهم بالدعاء بصوت باكي ... يقطع نياط القلوب ... و أتفكر .. هل هم بررة بوالدهم أو والدتهم إلى هذه الدرجة .. أم أن هذا البكاء محاولة لتعويض ما فاتهم من برهم بوالديهم !!! .. أم أنهم الآن فقط .. شعروا بالمعنى الحقيقي ... لكلمة أب .. أو كلمة أم
من شريط دمعة من هنا ودمعة من هناك لــ ابراهيم المرواني[/align]
مواقع النشر (المفضلة)