[CENTER]
إن تربية الأبناء هي نتاج احتكاكهم الدائم بالكبار في شتى المواقف والأوقات فنحن لا نجمع الأبناء مرة كل أسبوع ونقول لهم هذا موعدكم معنا لنربيكم!!!!
ولكن من خلال الأوقات الطويلة التي يقضيها الأبناء مع الأهل ورؤيتهم لهم كيف يتصرفون في كل موقف ثم أخذهم عنهم كقدوات ورموز أمام أعينهم يتعلمون منهم ويقلدونهم في كل مايقولون ويفعلون والأصل ان الكبار لا يألون جهداً في تربية الصغار وإبداء القدوة الحسنة لهم ولكن لاينتبهون إلى ان هناك أوقات يكون الصغار أكثر استعدادا واستجابة لتلقي التوجيه من الوالدين او المربين تقلل من الجهد المبذول في التربية
وهذه الأوقات هي
في النزهة
والطريق والمركب
وقت الطعام
وقت مرض الطفل
الطفل في المرض تجتمع لديه صفتان حميدتان فطريةالطفولةو رقة القلب
أيها المؤمنون:الأولاد أمانة عند آبائهم وفي صحائفهم يكتب ما يفعلون،
وهم عند الله مسئولون عن تربيتهم وتوجيههم. وصلاح الأبناء والبنات أمنية الآباء والأمهات، يا لها من نعمة عظيمة، ويا لها من منة جليلة كريمة، يوم يمسي الأب ويصبح، وقد أقر الله عينه بالذرية الصالحة، ذرية تخاف الله ، ذرية تقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتتحلى بجميل الخصال وكريم الفعال.
الذرية الصالحة بهجة الحياة وسرورها، وأنسها وفرحتها وزينتها،
حين يرزقك الله الولد الصالح الذي تحبه ويحبك، توده ويودك، تأمره فيطيعك ويبرك فكيف يا ترى نحصل على الذرية الصالحة المؤمنة البارة. إذا أردت الولد الصالح فإن أول ما تحتاجه وتفتقر إليه دعوة صالحة تهديه إلى الله، يحتاج أول ما يحتاج إلى صالح الدعوات إلى الله فاطر الأرض والسماوات ، مصلح الأبناء والبنات، قال تعالى عن نبيه وخليله إبراهيم عليه الصلاة والسلام:
﴿ رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء﴾[ إبراهيم:40].
وقال سبحانه عن نبيه زكريا:
﴿...رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء ﴾[ آل عمران:38].
عليك أن تقول كما قال الأخيار، وصفوة عباد الله الأبرار:
﴿... رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً﴾[الفرقان:74].
علم المؤمنون الأخيار أنه لا صلاح للأبناء والبنات إلا بالله، وأنه لا يهدي قلوبهم أحد سواه، فجأروا إلى ربهم بالدعوات، ما أحوج بناتك وأبنائك إلى دعواتك الصالحة، سلوا الله لأبنائكم وبناتكم الصلاح، سلوا لهم الخير والسداد والفلاح.
صلاح الأبناء والبنات يكون أول ما يكون منك، من حركاتك وسكناتك، يكون من أقوالك وأفعالك، يوم ينشأ الابن وتنشأ البنت في أحضان أب يخاف الله ، وفي أحضان أم تخشى من الله، تكون الذرية صالحة بإذن الله.
صلاح الأبناء والبنات يقوم أول ما يقوم على قدوة صالحة من الآباء والأمهات ، إن رآك ابنك تخاف من الله خافه، وإن رآك ابنك تخشى الله عظَّمهُ وهابه، إن رآك ابنك مع المصلين كان من المصلين، إن رآك ابنك من الأخيار الصالحين تجالس المؤمنين الصادقين كان من الأخيار الصالحين ومع الأتقياء المؤمنين.
القدوة الصالحة نبراس للذريات ، ودليل يهدي قلوب الأبناء والبنات. صلاح الأبناء والبنات يحتاج منك إلى كلمات نافعات وتوجيهات ومواعظ مؤثرات.
ومن أساليب التربية الراقية ما ذكره الله لنا في كتابه من توجيهات لقمان لابنه: ﴿ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾[لقمان:13]
لقد أخذ بمجاميع ذلك القلب البريء إلى الله وعلمه توحيد الله والعبودية له، فخذوا أيها المؤمنون بمجامع قلوب أبنائكم إلى الله ، خذوهم بنصيحة مؤثرة وموعظة بليغة تأخذهم إلى محبة الله ومرضاة الله. كم من نصيحة صادقة من أب ناصح، وأم مشفقة ناصحة نفعت الأبناء والبنات ما عاشوا أبداً.
صلاح الأبناء والبنات يتوقف على أمرهم بالصلوات،
الصلاة عماد الدين ومرضاة لله رب العالمين، فمروهم بها تصلح أحوالهم، وتصلح شؤونهم ﴿... وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾[العنكبوت:45].
علم الخليل عليه الصلاة والسلام، عظيم شأن الصلاة فرفع كفه إلى الله داعياً سائلاً ضارعاً
﴿ رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي ...﴾[ إبراهيم:40] أي رب اجعل ذريتي تقيم الصلاة.
مروا أولادكم إذا بلغ الابن سبع سنين وبلغت البنت سبع سنين، فالله سائلك يوم القيامة هل أمرت أبناءك بالصلاة،
وليتعلقن الابن بأبيه بين يدي الله في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون ، يقول: يا رب ما أمرني بالصلاة يا رب تركني نائماً، يا رب ما أمرني بطاعتك، وتتعلق البنت بأمها في يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه.
صلاح الأبناء والبنات يتوقف على أمرهم بالأخلاق الفاضلة والآداب الكريمة
﴿ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾[لقمان:17].
أمر الأبناء بالأخلاق الفاضلة والآداب الجليلة الكاملة يعودهم على الخير والصلاح، ويقودهم إلى مناهج الفلاح،
علموهم صدق الحديث وحفظ الأمانة، وإفشاء السلام وإطعام الطعام وخصال الكرام، عودوهم على هدي أهل الإسلام يكن لكم في ذلك خيري الدنيا والآخرة.
من صلاح الأبناء والبنات ، أمرهم بصلة الأرحام، وزيارة الأخوال والخالات، والعمات والأعمام، علموهم الرحمة بالضعفاء ، وأدبوهم على احترام الكبير وتوقير أهل الفضل والدين وعلموهم المحافظة على المصالح العامة والشعور بالمسئولية.
واعلم أنك ما علمت ابنك خصلة من خصال الخير والمعروف إلا كتب الله لك أجره ما عمل بها في حياته أبداً.
صالح الأبناء والبنات تقر به العيون في الحياة والممات، تقر به عينك في الدنيا ، حين تراه خيِّراً صالحاً ناصحاً، إن أمرته أطاعك وإن طلبته برَّك، وكان لك بعد الله نعم المعين، وكان لك الناصح الأمين.
صلاح الأبناء والبنات تقر به العيون في اللحود والظلمات يوم تغشاك منه صالح الدعوات، وأنت في القبور وحيداً ، وأنت في مضاجعها فريداً، يذكرك بدعوة صالحة، ينعمك بها الرحمن الرحيم، ويغشاك منه الروح والريحان.
قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له"(1)
صلاح الأبناء والبنات تقر به العيون في الموقف بين يدي الديان إذ يكونوا حجاباً لك من النار كما جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من ابتلي بشيء من هذه البنات فأدبهن فأحسن تأديبهن ورباهن فأحسن تربيتهن كن له حجاباً من النار"(2).
هكذا يكون الأولاد الصالحون امتداداً لعمرك القصير وتجديداً لوجودك الفاني،
وخلف لسلف راحل يذكر به، ويحفظ عنه ويدعو له. علاقة البنوة الصالحة بالأبوة علاقة حب وإيمان مستمر متواصل في الحياة وبعد الممات ثم يجمع الله الآباء المؤمنين بأبنائهم الصالحين في دار كرامته ومستقر رحمته في جنات النعيم كما قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ ﴾[الطور:21 ].
أخرج الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه بسند صحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله يرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة، فيقول: يا رب من أين لي هذا فيقول: باستغفار ولدك لك"(3) .
اللهم أصلح ذرياتنا ، اللهم أصلح شباب المسلمين من البنين والبنات وخذ بنواصيهم إلى البر والتقوى وألهمهم السداد والهدى، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.
الذرية الصالحة نعمة من نعم الله عليك، حقاً عظيماً وفضلاً جليلاً كريماً، فليكن أول ما يكون منك اعترافك بلسان حالك ومقالك بهذه النعمة وأن تحمد الله عليها حيث لم يقطع نسلك، ولم يجعلك عقيماً لا ولد لك، فهو تعالى وحده الذي تفضل عليك، فاشكره فقد تأذن للشاكرين بالمزيد.
ثم لابد أن يكون لديك الشعور بعظيم المسئولية ،
فالأبناء والبنات ما هم إلا أمانة وضعت في عنقك إما أن تنتهي بك إلى جنة أو إلى نار. أبناؤك وبناتك مسئولية سوف تسأل عنهم أمام الله كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته"(4) وسوف يحاجك ابنك وابنتك أمام الله إن أنت فرطت في تربيتهم وتوجيههم فإما أن يكونوا سبيلاً لك إلى الرحمة أو إلى العذاب.
وأمر آخر لابد أن يتنبه له الآباء وهو العدل بين الأبناء ،
إن الله أمرك في أبنائك وبناتك أن تكون من العادلين فيهم،
اعدلوا بين أبنائكم وبناتكم، لا تفضلوا الأبناء الذكور بعضهم على بعض. ولا تفضلوا البنات، واتقوا الله في الجميع، فإذا عدلت بين أبنائك وبناتك حللت منابر من نور في الجنات على يمين الرحمن في يوم يغبطك فيه الأنبياء والصديقون كما جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن المقسطين على منابر من نور يوم القيامة يغبطهم عليها الأنبياء والشهداء الذين يعدلون في أهليهم وما ولوا"(5) إننا ننشد العدل من الحكام ولن يأتي حتى نعدل بين أبنائنا ، فإياك أن تفضل بعض أبنائك بالعطية، إياك أن تكتب أرضاً ، أو تعطي مالاً أو تهدي سيارة أو عقاراً إلى ابن أو بنت وتحرم الآخرين، بل اتق الله فيهم واعدل بينهم.
إن ظلم الأبناء والبنات يوجب
الحقد والبغضاء ويوجب انتشار الشحناء، فتتفرق قلوبهم، وتنقطع أواصر المحبة بينهم وتحدث بينهم العداوة والبغضاء ويكون الأب هو سبباً في كل ذلك.
ومما يجب على الآباء تجاه الأبناء توعيتهم بحقوق المسلمين الأقارب والجيران...
فاحذر أيها المسلم من أن يكون أبناؤك وبناتك سبباً في أذية المسلمين
إحفظهم عن أذية الأقرباء وعن أذية الجيران، ومن أذية المسلمين خاصة في بيوت الله، إذا دخلت بهم إلى المساجد فاجعلهم عن يمينك ويسارك واجعلهم تحت نظرك وملاحظتك، خذهم بالتوجيه والإرشاد وعلمهم احترام بيوت الله والمحافظة على نظافتها وعلمهم السكينة والهدوء قبل أن تأخذهم دعوة عبدٍ صالح فتهلكهم وتهلكك معهم، بسبب تفريطك وتضييعك الأمانة.
وإياك أن يكون أبناؤك سبباً في أذية المسلمين...
فلا تسمح لصغير السن والحدث أن يقود سيارة بمفرده ثم ينطلق كالمجنون يزهق الأرواح ويسفك بها الدماء، ويكون بها الشقاء والعناء.
اتقوا الله في أولادكم،
وجنبوهم مواطن السوء وقرناء السوء واغرسوا في أنفسهم حب المعالي وأعدوهم على مائدة القرآن ليكونوا جيل النصر المنشود الذي بواسطته تحرر الأوطان ويحمى به الدين والعرض والمال ولن يحصل ذلك إلا بتحمل المسئولية وتربية الأولاد على حب الله والرسول والمؤمنين فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته.
منقووووووووووووووول للفائده
مواقع النشر (المفضلة)